11 نوفمبر 2024
البحث عنها في غوغل
في حوار على "غروب في واتس آب"، ضم أمهات ثلاثينيات، خريجات جامعيات، عاملات وصاحبات مهن، يذهب أولادهن إلى الصف نفسه، أنشأن المجموعة لتبادل الآراء وتنظيم مواعيد الأنشطة، وغيرها من الشؤون المتعلقة بتفاصيل دراسية لأطفالهن، أبدت إحدى الأمهات، في لحظة غيظ، امتعاضها الشديد، وقد أسقط في يدها، وهي العاجزة، بحسب اعترافها، عن مجاراة صغارها الذين لم يبلغ أكبرهم العاشرة بعد، لكن المتقدّمين عليها تكنولوجيا بمراحل في سرعتهم وقدرتهم على استيعاب أحدث التطورات وأكثرها تعقيدا، حتى أنها غالبا ما تلجأ إلى أحدهم، في كل مرة تصادفها أي معضلة فنية، تبدو لها معقدة وغير قابلة للحل، وتتطلب الذهاب إلى فني مختص. وما أن يضغط أحد الصغار على أزرار ما بسهولة ويسر، تحل المشكلة حالا، ما يجعلها تحس بالدونية التكنولوجية أمام نوابغها الصغار. وترى السيدة أن هذا الوضع المربك غير المريح سوف يقلل من شأنها أمامهم. وبالتالي يقلل من دورها، ومن دور والدهم، في تشكيل شخصياتهم، والتأثير عليها في ظل اتساع دائرة معارفهم، بل وتفوقهم على الوالدين اللذين تراجع دورهما التربوي بشكل كبير، فلم يعودا، وهما المتخلفان تكنولوجياً، قياسا للصغار، صالحين للعب دور المثل الأعلى القوي، المتمكن العارف والحكيم، أو النموذج الإنساني الخارق الذي ينبغي أن يُحتذى في حياة أبنائهم، وقد غادروا، شأن أبناء جيلهم، طفولتهم بملامحها الطيبة البسيطة البريئة، حيث القدرة على التصديق والخيال، استعاضوا عنها بأحدث وسائل المعرفة والاتصال في عالم المعلومات الباردة المجردة. غادروها قبل الأوان، ضريبة حتمية يدفعها الإنسان المعاصر، سعيدا بثورته الاتصالاتية المتوحشة التي لم تبق ولم تذر.
جرّبت إحدى الجدات ابتداع شخصيةٍ أكثر إثارة وتشويقا من سندريلا، والأميرة النائمة، والأقزام السبعة، فحدثت حفيدتها البالغة ست سنوات، في ليلةٍ شتائية باردة، لم يتوقف فيها الثلج عن التساقط، بلهجةٍ حاولت أن تكون مقنعةً قدر الإمكان عن ملاك الثلج الأبيض الطيب الذي يحول الغيمات الكبيرة، قبل هروبها، إلى كراتٍ صغيرةٍ من الثلج المحلّى بالنكهات المختلفة، فراولة، توت، فانيلا، ويرميها أمام البيوت، وفي الأزقة، ليأكلها الصغار الشاطرون مكافأة لهم. صمتت الحفيدة الذكية، وهي تنظر إلى وجه جدتها بارتياب. سألتها الجدّة: هل تصدّقين حكاية ملاك الثلج، يا حلوتي؟ ردت الصغيرة، بعد أن ثبتت نظّاراتها الطبية: "مش متأكدة.. بدي أشوفها على غوغل". وعندما حاولت أن تضفر لها شعرها في الصباح، هتفت الصغيرة: "لحظة تيتا، على يويوتيب فيديو حقق مليون مشاهدة، يوضح كيفية تضفير الشعر".. جلست الجدّة تراقب خطوات تضفير الشعر في الفيديو.
وفي السياق نفسه، ابتدعت أم شابة حيلة ذكية مكّنتها من لفت اهتمام صغارها، وثنيهم عن الانخطاف بالمطلق إلى عالم الافتراض ذي الحدّين، بعد أن حدّدت لهم أوقاتا معينة، يقضونها على أجهزتهم، بإشرافٍ ومشاركةٍ ضروريتين، خصصت وقتا إلزاميا لمزاولة ألعاب رياضية تستهوي الأطفال، وتجدّد طاقة أجسادهم المهيأة للحركة الدائمة، وليس التسمّر أمام الشاشات الزرقاء. أما الحيلة الذكية التي على الأمهات والآباء تجربتها، فهي فقرة "يلا نتحدّث". وغالبا ما تكون قبل النوم، حيث تجمع هذه الأم الذكية العائلة الصغيرة بما بعد نبذ الهواتف الخلوية والحواسيب، والجلوس في غرفة الأولاد، وتجاذب أطراف الحديث معهم، والتطرّق إلى ثلاثة أحداث جميلة، جرت مع كل منهم خلال النهار. وفيما الأجهزة الإلكترونية تواصل شحنها بصمت، يستعيد الصغير طفولته المسلوبة تكنولوجيا، ويتدّرب على التفكير الإيجابي والتعبير بطلاقة عن دواخله، ويكتسب مهارة الاستماع إلى الآخرين. وكذلك يعتاد الامتنان لما تجود به الحياة من جماليات، فتتهذب روحه، وتتوازن وتتوثق العلاقة مع الأبوين بشكل طبيعي، تسود فيه المحبة والأجواء التربوية الصحية التي تضمن عافية الأجيال المقبلة.
جرّبت إحدى الجدات ابتداع شخصيةٍ أكثر إثارة وتشويقا من سندريلا، والأميرة النائمة، والأقزام السبعة، فحدثت حفيدتها البالغة ست سنوات، في ليلةٍ شتائية باردة، لم يتوقف فيها الثلج عن التساقط، بلهجةٍ حاولت أن تكون مقنعةً قدر الإمكان عن ملاك الثلج الأبيض الطيب الذي يحول الغيمات الكبيرة، قبل هروبها، إلى كراتٍ صغيرةٍ من الثلج المحلّى بالنكهات المختلفة، فراولة، توت، فانيلا، ويرميها أمام البيوت، وفي الأزقة، ليأكلها الصغار الشاطرون مكافأة لهم. صمتت الحفيدة الذكية، وهي تنظر إلى وجه جدتها بارتياب. سألتها الجدّة: هل تصدّقين حكاية ملاك الثلج، يا حلوتي؟ ردت الصغيرة، بعد أن ثبتت نظّاراتها الطبية: "مش متأكدة.. بدي أشوفها على غوغل". وعندما حاولت أن تضفر لها شعرها في الصباح، هتفت الصغيرة: "لحظة تيتا، على يويوتيب فيديو حقق مليون مشاهدة، يوضح كيفية تضفير الشعر".. جلست الجدّة تراقب خطوات تضفير الشعر في الفيديو.
وفي السياق نفسه، ابتدعت أم شابة حيلة ذكية مكّنتها من لفت اهتمام صغارها، وثنيهم عن الانخطاف بالمطلق إلى عالم الافتراض ذي الحدّين، بعد أن حدّدت لهم أوقاتا معينة، يقضونها على أجهزتهم، بإشرافٍ ومشاركةٍ ضروريتين، خصصت وقتا إلزاميا لمزاولة ألعاب رياضية تستهوي الأطفال، وتجدّد طاقة أجسادهم المهيأة للحركة الدائمة، وليس التسمّر أمام الشاشات الزرقاء. أما الحيلة الذكية التي على الأمهات والآباء تجربتها، فهي فقرة "يلا نتحدّث". وغالبا ما تكون قبل النوم، حيث تجمع هذه الأم الذكية العائلة الصغيرة بما بعد نبذ الهواتف الخلوية والحواسيب، والجلوس في غرفة الأولاد، وتجاذب أطراف الحديث معهم، والتطرّق إلى ثلاثة أحداث جميلة، جرت مع كل منهم خلال النهار. وفيما الأجهزة الإلكترونية تواصل شحنها بصمت، يستعيد الصغير طفولته المسلوبة تكنولوجيا، ويتدّرب على التفكير الإيجابي والتعبير بطلاقة عن دواخله، ويكتسب مهارة الاستماع إلى الآخرين. وكذلك يعتاد الامتنان لما تجود به الحياة من جماليات، فتتهذب روحه، وتتوازن وتتوثق العلاقة مع الأبوين بشكل طبيعي، تسود فيه المحبة والأجواء التربوية الصحية التي تضمن عافية الأجيال المقبلة.