البايرن والمعجزة في ظل الواقع البرشلوني

12 مايو 2015
على الورق برشلونة الأفضل (العربي الجديد)
+ الخط -

تبقت ساعات قليلة على معركة إياب نصف نهائي دوري أبطال الأولى، والتي ستحدد بعدها هوية الفريق الأول في نهائي برلين، وسيستضيف ملعب أليانز أرينا مباراة القمة بين صاحب الأرض والجمهور بايرن ميونخ، ونظيره برشلونة، وانتهى لقاء الذهاب بفوز كاسح للنادي الكتالوني بثلاثة أهداف نظيفة.

قبل مواجهة "الكامب نو" كان برشلونة يريد الأخذ بالثأر من خصمه الذي أقصاه بنتيجة 7-0 في مجموع اللقاءين في موسم 2013، ودخل البايرن اللقاء مثقلاً بالإصابات، وبغياب دعائمه الأساسية، لكن الفريق الكبير عليه أن يكون على قدر من المسؤولية ليخرج بأقل الخسائر من ملعب الخصم. لكن بيب جوارديولا لم يكن على قدرٍ كبير من الصواب في الذهاب، وذلك بعد سقوط أوراق المباراة من بين يديه في غضون دقائق قصيرة.

أمور كثيرة على "الفيلسوف" الانتباه لها قبل لقاء "المعجزة" في ميونخ، إذ تصب التوقعات في مصلحة لويس إنريكي والفريق الكتالوني، والذي يعيش أياماً طيبة في الفترة الأخيرة، بعد أن أصبح قريباً من تحقيق لقب الدوري الإٍسباني، إذ يحتاج للفوز في مباراة واحدة في الجولتين الأخيرتين ليضمن اللقب، في المقابل تجرع البايرن هزيمة في اللقاء الأخير أمام أوجسبورج في الدوري الألماني، ولذلك تصب التوقعات اليوم في مصلحة ليونيل ميسي وزملائه.

معجزة البايرن في عين الفيلسوف
هي مهمة صعبة جداً، لتكرار سيناريو الرباعية التاريخية، لكن المستحيل ليس ألمانياً هكذا يردد عشاق النادي البافاري، لكن من ناحية التكتيك، الأرقام، الواقع، والورق، يمتلك برشلونة كامل الحظوظ لخطف البطاقة بسهولة في حال كرر بيب خطأ المباراة الأولى، إذ انحصر لعب الفريق البافاري ضمن منطقة خط الوسط، وكانت الكرة تخرج من يد نوير إلى المدافعين الذين كانوا يحوّلونها في معظم الأوقات إلى تشابي الونسو الرقم (3) والذي ارتكز عليه بشكل كبير أداء البايرن، والمعروف عن ألونسو أنه لاعب جيد في المستوى، ولديه مهارات كبيرة في صناعة اللعب الهجومي.

وفي حال اتبع الفريق الألماني نفس الطريقة في اللعب، فمن دون شك ستسقط أسوار القلعة البافارية سريعاً، فكما نرى تقدم الدفاع إلى وسط الملعب، جعل المساحة ضيقة بينه وبين لاعبي خط الوسط، ولذلك أصبح إخراج الكرة على رافينها ولام صعباً، ما جعلهما يرتكزان بشكل كبير على صاحب الخبرة الأكبر في التعامل مع حالات مشابهة "ألونسو"، والذي لن يجد حلاً في هذه الحالة سوى لعب الكرة إلى الأمام، لأن العودة إلى الخلف ستكلف الفريق أهدافاً نظراً لسرعة مهاجمي البرشا، والضغط العالي الذي يمارسه سواريز ونيمار وميسي في الأمام، وهذا الأمر سيجعل الكرة تدور في حلقة مفقودة ومغلقة، ولن تؤدي إلى نتيجة أبداً.

وعلى بيب هنا تصحيح الأمور، لربما يعاد مسلسل بورتو، رغم أن المنافس مختلف هذه المرة، وذلك بالتوقف عن التفكير "والهوس" بمسألة التركيز على الاستحواذ على الكرة، فنسبة 53% في المباراة السابقة لم تغنه أبداً وكانت سلبية، فالإمداد الهجومي كان مفقوداً، إذ عزل روبرت ليفاندوفيسكي في الهجوم صحبة مولر، وقطع عنهما التنفس، مما جعلهما غير فعاليّن، فنعدما كانت الكرة تصل إلى أحدهما لم يكن يلقى مساندة من الأطراف والأجنحة، مما يسرع عملية خسارة الاستحواذ في الخطوط الأمامية، وهو ما نتج عنه 8 تسديدات فقط، ولم تشكل خطورة تذكر على مرمى الحارس الألماني دير شتيجين.

أما النقطة الأخيرة التي على بيب العمل عليها، فهي الاقتناع بأن خطة الاستحواذ لم تعد تجد نفعاً، فاللون الأبيض في الصورة، هو لون عمليات البايرن الأخطر والأهم في الملعب، ولذلك لو حاول جوارديولا هزم فريقه السابق، والذي حفظ خطته عن ظهر قلب، فلن ينجح في ذلك، فهنا عليه مفاجأة خصمه بلعبة جديدة، تعتمد على عنصر السرعة، والوصول إلى المرمى بأقل عدد من اللمسات، لتحقيق الهدف المطلوب، وهو بلوغ النهائي، والاقتراب من الكأس الأغلى في القارة الأوروبية العجوز.

برشلونة وثلاثي الرعب الهجومي
تكلم الكثير من المحللين وعشاق المستديرة، عن هدفي ميسي الرائعين، في مرمى نوير، ولكن الكثيرين تناسوا أن العقل المدبر وراء النجاح هذا، هو المدرب لويس أنريكي، والذي بالفعل يحسب له الوصول إلى هنا، فأنريكي عمل بشكل كبير على توزيع اللاعبين بالملعب بشكل ممتاز، إذ انتشر لاعبو البرسا بطريقة مثالية في أرضية الميدان، وسيسعى البلاوجرانا، لعدم تعقيد الأمور والدخول في تفاصيل قد تجعل المباراة صعبة، أو تقديم خدمة لجوارديولا الذي قد يستغل أي هفوة في صفوف خصمه.

لكن من الواضح أن برشلونة يعيش أزهى أيامه، فهو استعاد عافيته وانتفض في الأمتار الأخيرة، ليصبح الرقم واحد في العالم، والمرشح الأول لبلوغ النهائي، ونرى أن البرسا قادر على صناعة الفارق في أي لحظة عن طريق الثلاثي الهجومي اللاتيني، المتمثل بالأرجنتيني ليونيل ميسي، والبرازيلي نيمار، بالإضافة إلى الأورجواياني لويس سواريز، وساهم في ذلك استعادة إنييستا مستواه، وتألق راكيتيتش في الوسط.

ولن يقوم أنريكي بإجراء تغييرات كثيرة في طريقة اللعب، إذ سيسعى صحبة فريقه، لفتح ثغرة في الدفاعات البافارية، والتي قد تتقدم بسرعة وبقوة، في محاولة للتسجيل السريع، لكن في الحقيقة سيتربص أنريكي بخصمه، وينتظر لحظة الضعف ليضرب الدفاعات البافارية الهشة في الفترة المنصرمة.

ويبدأ لعب البرسا من قبل الحارس لمدافعيه، والذين يجعلون المسافة في ما بينهم أوسع، الأمر الذي يجعل البايرن عاجزاً عن تحقيق الخطورة في الهجوم، في ظل عزلة مولر وليفاندوفيسكي، ومن ثم يقوم المدافعون بتدوير الكرة لشد المهاجمين، لتمرر بعدها إلى لاعبي خط الوسط والذين لا يبتعدون عن بعضهم بشكل كبير، وبتمريرات سريعة وقصيرة، تصل الكرة إلى خط الرعب الأمامي، والذي يخلق مساحات من دون كرة أصلاً، وفي تلك اللحظة يتلقى الثلاثة، دعماً هجومياً من الأطراف، ومساندةً من خط الوسط، لتميل الكفة لصالح البرسا في النهاية.

وتظهر الصورة، واللون الأحمر مدى فعالية البرسا رغم سيطرته على الكرة بنسبة 47%، ولكن رغم ذلك صنع خطورة أكبر على خصمه، وسدد 17 تسديدة، أصاب الكرة في 8 مناسبات، وهو عدد التسديدات التي قام بها البايرن، والتي لم تصب فيها الخشبات الثلاث أبداً. وتكمن قوة البلاوجرانا في الجبهة التي يشغلها دانييل ألفيش وراكيتيتش، واللذان يدعمان ميسي، ونلاحظ أن هذه الجهة هي التي صنعت الفارق، وأن الضعط يتركز في أماكن تواجد نجم التانجو.

المساهمون