عادت عجلة الحياة لتنطلق في بلدة الباغوز السورية التي كانت آخر نقطة مواجهات بين تنظيم "داعش" ومليشيا "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المدعومة من التحالف الدولي، إذ إنّ عدداً من أهالي البلدة عاد إليها. والباغوز التابعة لناحية السوسة في منطقة البوكمال والواقعة على الضفّة اليسرى لنهر الفرات بريف دير الزور الشرقي، يعاني أهلها من معوّقات ومشكلات كثيرة قد يحتاج حلّها إلى أعوام عدّة في ظلّ غياب جهات دولية فاعلة، علماً أنّ ثمّة جثثاً ما زالت تحت الأنقاض، فيما تنتشر الألغام والعبوات الناسفة في المكان مهدّدة حياة السكان.
وأهل البلدة، بحسب ما يقول أبو علي المرسومي، وهو ناشط في مركز الباغوز الإعلامي، لـ"العربي الجديد"، "يعتمدون على الزراعة، خصوصاً القمح والقطن. لكن حتى اليوم، لا توجد جمعية زراعية تعمل في القرية، ولم تتمّ فلاحة الأرض منذ أكثر من عام ونصف العام. لذا يلجأ السكان في الوقت الحالي إلى العمل في مناطق أخرى أو إلى فتح دكاكين صغيرة في البلدة لبيع مواد غذائية، فيما يتاجر آخرون بالمواشي، ويعتمد قسم من الأهالي على ما يرسله أبناؤهم من دول الاغتراب". وفي ما يتعلق بالخدمات في البلدة، يوضح المرسومي أنّها "شبه معدومة بسبب تهميش المنطقة من قبل قسد والتحالف الدولي. وحتى الآن، لا يتوفّر مركز صحي ولا محطة لضخ مياه الشرب وتنقيتها، فيشتري الأهالي بالتالي مياه الشرب من محل في البلدة فتح لبيع المياه المفلترة. أمّا مياه الخدمة، فيبيعها أصحاب جرارات زراعية بعد تعبئتها من نهر الفرات". يضيف المرسومي: "بالنسبة إلى الكهرباء، فإنّ الشبكة مدمّرة بالكامل وتتم الاستعاضة عنها بمولدات اشتراك لبيع الأمبيرات، علماً أنّها تشغّل فقط ستّ ساعات في اليوم.
أمّا المواد الغذائية والخضار فمتوفّرة في الدكاكين ويشتريها أصحاب تلك الدكاكين من سوق في ناحية هجين بمنطقة البوكمال أو من بلدتَي الكشكيه وأبو حمام المجاورتَين التابعتَين لناحية هجين".
اقــرأ أيضاً
في الوقت الحالي، تنشط في المنطقة منظمة "أمل الباغوز" بحسب ما يشير المرسومي الذي يشرح أنّها "تمثّل فسحة ومتنفّساً لأهالي البلدة. وقد عملت المنظمة بشكل تطوّعي على تنظيف قسم من البلدة من الجثث والألغام، وقد تمّ تعطيل نحو أربعة آلاف لغم وعبوة ناسفة فيما انتُشلت نحو 250 جثة ودُفنت في منطقة صحراوية بالقرب من البلدة". ويتابع المرسومي أنّ "أهالي الباغوز يطالبون باستكمال انتشال الجثث وإزالة الألغام وآلاف من القذائف التي ما زالت موزعة في الأحياء السكنية". ويطالب الأهالي كذلك بفتح مراكز صحية، فالخدمات الصحية بحسب المرسومي "معدومة تقريباً، فيما فتحت صيدليتان خاصتان وأسعار الأدوية فيهما لا تخضع للرقابة. أمّا الحالات الصحية الطارئة، فتُنقَل إلى هجين أو الحسكة".
ولا تتوقّف مطالبات أهالي البلدة هنا، بل تطول القائمة وتشمل وفق المرسومي "فتح مدارس، وتعبيد الشوارع الرئيسية كما الفرعية، وتشكيل مجلس بلدي لخدمة الباغوز، ورفع أنقاض المنازل المهدّمة التي يتخطّى عددها 700 منزل، وتعويض المتضررين من الحرب. ونطالب كذلك المجتمع الدولي بالتدخّل لإنقاذ البلدة التي تخسر في كلّ فترة أحد أبنائها من جرّاء لغم أرضي أو مرض. وقد تمّ تسجيل 15 وفاة وإصابة بالألغام".
في ما يتعلّق بالجثث غير المنتشلة ومخاطرها، من قبيل انتشار الأمراض، يقول المرسومي إنّها "تمثّل تهديداً لحياة المواطنين، إذ إنّ الحشرات التي تتغذّى عليها قد تنقل أمراضاً إلى السكان. كذلك فإنّ الكلاب الشاردة التي تتغذّى على تلك الجثث تمثّل خطورة كبيرة، خصوصاً على الأطفال". ويلفت إلى أنّ "الجثث تكثر في مناطق لا تُسمح العودة إليها، مثل الشيخ حمد والخنافرة، حيث أقيمت مقابر جماعية تضمّ نحو ثلاثة آلاف جثة، بحسب مطّلعين على الملف.
بالإضافة إلى تلك الجثث، ثمّة أخرى في البيوت وتحت الأنقاض وفي المزارع يُقدّر عددها بأكثر من 200". ويكمل المرسومي أنّ "منطقتَي الشيخ حمد والخنافرة هما الأكثر تضرراً، وثمّة معلومات عن تعرّضهما إلى القصف بأسلحة محرّمة دولياً، إذ إنّهما كانتا آخر معاقل تنظيم داعش. ويُذكر أنّ قسد مدعومة من قوات التحالف الدولي سيطرت في مارس/آذار من العام الجاري على مخيّم الباغوز آخر بؤرة لتنظيم داعش في البلدة، قبل الإعلان عن القضاء على التنظيم في منطقة شرق نهر الفرات".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يتحدّث فراس عبد الله، وهو أب لخمسة أطفال، عن معاناته. فيخبر "العربي الجديد": "فقدت منزلي، فقد سوّي بالأرض كلياً كما هي حال منازل كثيرة هنا، في بلدة الباغوز. وأنا اليوم أعيش عند أقارب لي في انتظار حلّ ما، لا سيّما أنّني لا أملك شيئاً لأبيعه على سبيل المثال، فمنزلي مدمّر ولا قطع أرض لديّ، بالإضافة إلى أنّ أحداً لا يلتفت إلينا من المنظمات". ويشير عبد الله إلى أنّه سبق وأصيب في الحرب، "بالتالي أنا في حاجة إلى عمليات جراحية عدّة لإزالة الشظايا من جسدي".
أمّا الشاب محمد رعد، فيرى أنّه "يتوجّب علينا كشباب العمل وإعادة بلدتنا إلى ما كانت عليه قبل الخراب والقصف"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "الأمر ليس سهلاً بل يحتاج إلى جهد وتكاتف. وأغلب الظنّ أنّ أحداً لن يساعدنا وعلينا العمل بأنفسنا". يضيف رعد أنّ "المخاطر الحالية تكمن في انتشار الجثث والألغام، ولا بدّ من إيجاد حلّ لذلك بالدرجة الأولى حتّى لا تنتشر الأمراض. وحالياً، بجهود المتطوّعين نعمل على ذلك".
وأهل البلدة، بحسب ما يقول أبو علي المرسومي، وهو ناشط في مركز الباغوز الإعلامي، لـ"العربي الجديد"، "يعتمدون على الزراعة، خصوصاً القمح والقطن. لكن حتى اليوم، لا توجد جمعية زراعية تعمل في القرية، ولم تتمّ فلاحة الأرض منذ أكثر من عام ونصف العام. لذا يلجأ السكان في الوقت الحالي إلى العمل في مناطق أخرى أو إلى فتح دكاكين صغيرة في البلدة لبيع مواد غذائية، فيما يتاجر آخرون بالمواشي، ويعتمد قسم من الأهالي على ما يرسله أبناؤهم من دول الاغتراب". وفي ما يتعلق بالخدمات في البلدة، يوضح المرسومي أنّها "شبه معدومة بسبب تهميش المنطقة من قبل قسد والتحالف الدولي. وحتى الآن، لا يتوفّر مركز صحي ولا محطة لضخ مياه الشرب وتنقيتها، فيشتري الأهالي بالتالي مياه الشرب من محل في البلدة فتح لبيع المياه المفلترة. أمّا مياه الخدمة، فيبيعها أصحاب جرارات زراعية بعد تعبئتها من نهر الفرات". يضيف المرسومي: "بالنسبة إلى الكهرباء، فإنّ الشبكة مدمّرة بالكامل وتتم الاستعاضة عنها بمولدات اشتراك لبيع الأمبيرات، علماً أنّها تشغّل فقط ستّ ساعات في اليوم.
أمّا المواد الغذائية والخضار فمتوفّرة في الدكاكين ويشتريها أصحاب تلك الدكاكين من سوق في ناحية هجين بمنطقة البوكمال أو من بلدتَي الكشكيه وأبو حمام المجاورتَين التابعتَين لناحية هجين".
في الوقت الحالي، تنشط في المنطقة منظمة "أمل الباغوز" بحسب ما يشير المرسومي الذي يشرح أنّها "تمثّل فسحة ومتنفّساً لأهالي البلدة. وقد عملت المنظمة بشكل تطوّعي على تنظيف قسم من البلدة من الجثث والألغام، وقد تمّ تعطيل نحو أربعة آلاف لغم وعبوة ناسفة فيما انتُشلت نحو 250 جثة ودُفنت في منطقة صحراوية بالقرب من البلدة". ويتابع المرسومي أنّ "أهالي الباغوز يطالبون باستكمال انتشال الجثث وإزالة الألغام وآلاف من القذائف التي ما زالت موزعة في الأحياء السكنية". ويطالب الأهالي كذلك بفتح مراكز صحية، فالخدمات الصحية بحسب المرسومي "معدومة تقريباً، فيما فتحت صيدليتان خاصتان وأسعار الأدوية فيهما لا تخضع للرقابة. أمّا الحالات الصحية الطارئة، فتُنقَل إلى هجين أو الحسكة".
ولا تتوقّف مطالبات أهالي البلدة هنا، بل تطول القائمة وتشمل وفق المرسومي "فتح مدارس، وتعبيد الشوارع الرئيسية كما الفرعية، وتشكيل مجلس بلدي لخدمة الباغوز، ورفع أنقاض المنازل المهدّمة التي يتخطّى عددها 700 منزل، وتعويض المتضررين من الحرب. ونطالب كذلك المجتمع الدولي بالتدخّل لإنقاذ البلدة التي تخسر في كلّ فترة أحد أبنائها من جرّاء لغم أرضي أو مرض. وقد تمّ تسجيل 15 وفاة وإصابة بالألغام".
في ما يتعلّق بالجثث غير المنتشلة ومخاطرها، من قبيل انتشار الأمراض، يقول المرسومي إنّها "تمثّل تهديداً لحياة المواطنين، إذ إنّ الحشرات التي تتغذّى عليها قد تنقل أمراضاً إلى السكان. كذلك فإنّ الكلاب الشاردة التي تتغذّى على تلك الجثث تمثّل خطورة كبيرة، خصوصاً على الأطفال". ويلفت إلى أنّ "الجثث تكثر في مناطق لا تُسمح العودة إليها، مثل الشيخ حمد والخنافرة، حيث أقيمت مقابر جماعية تضمّ نحو ثلاثة آلاف جثة، بحسب مطّلعين على الملف.
بالإضافة إلى تلك الجثث، ثمّة أخرى في البيوت وتحت الأنقاض وفي المزارع يُقدّر عددها بأكثر من 200". ويكمل المرسومي أنّ "منطقتَي الشيخ حمد والخنافرة هما الأكثر تضرراً، وثمّة معلومات عن تعرّضهما إلى القصف بأسلحة محرّمة دولياً، إذ إنّهما كانتا آخر معاقل تنظيم داعش. ويُذكر أنّ قسد مدعومة من قوات التحالف الدولي سيطرت في مارس/آذار من العام الجاري على مخيّم الباغوز آخر بؤرة لتنظيم داعش في البلدة، قبل الإعلان عن القضاء على التنظيم في منطقة شرق نهر الفرات".
من جهته، يتحدّث فراس عبد الله، وهو أب لخمسة أطفال، عن معاناته. فيخبر "العربي الجديد": "فقدت منزلي، فقد سوّي بالأرض كلياً كما هي حال منازل كثيرة هنا، في بلدة الباغوز. وأنا اليوم أعيش عند أقارب لي في انتظار حلّ ما، لا سيّما أنّني لا أملك شيئاً لأبيعه على سبيل المثال، فمنزلي مدمّر ولا قطع أرض لديّ، بالإضافة إلى أنّ أحداً لا يلتفت إلينا من المنظمات". ويشير عبد الله إلى أنّه سبق وأصيب في الحرب، "بالتالي أنا في حاجة إلى عمليات جراحية عدّة لإزالة الشظايا من جسدي".
أمّا الشاب محمد رعد، فيرى أنّه "يتوجّب علينا كشباب العمل وإعادة بلدتنا إلى ما كانت عليه قبل الخراب والقصف"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "الأمر ليس سهلاً بل يحتاج إلى جهد وتكاتف. وأغلب الظنّ أنّ أحداً لن يساعدنا وعلينا العمل بأنفسنا". يضيف رعد أنّ "المخاطر الحالية تكمن في انتشار الجثث والألغام، ولا بدّ من إيجاد حلّ لذلك بالدرجة الأولى حتّى لا تنتشر الأمراض. وحالياً، بجهود المتطوّعين نعمل على ذلك".