الباحث العربي: أين أجد فرصة عمل؟

06 ابريل 2015
ميزانيات ضعيفة للإنفاق على البحث العلمي (العربي الجديد)
+ الخط -
نشكو غياب الأبحاث العلمية، غياب الباحثين، بالرغم من أن للتطوير العلمي فوائد اقتصادية واجتماعية. العالم العربي فاقد لعقله!


الأسباب الحقيقية وراء غياب الإنفاق على البحث العلمي، غير واضحة. في قراءة سريعة لحجم الإنفاق على البحث والتطوير، وبحسب أرقام البنك الدولي، فإن الإنفاق على البحث العلمي لا يتعدى 0.5% من الناتج المحلي. ووفق آخر الإحصائيات، فقد سجلت الإمارات العربية المتحدة أعلى نسبة في العام 2011، حيث وصل حجم الإنفاق إلى 0.49% من الناتج المحلي الإجمالي، ثم حلت مصر في المركز الثاني بحجم إنفاق وصل إلى 0.43%، فيما سجلت الكويت في العام 2010 إنفاقاً يصل إلى 0.73% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو يعد الرقم الأعلى في تاريخ الإنفاق في الدول العربية في السنوات العشر الماضية.

غياب ثقافة علمية
يقول المستشار في إدارة التخطيط الكويتي، ناصر الشمري، إن أزمة الإنفاق على الأبحاث في الدول العربية لا تتعلّق بغياب الأموال، فالدول العربية تتمتع بثورات هائلة تجعلها في قائمة الدول الأكثر إنفاقاً على الأبحاث العلمية، لكن المشكلة الأساسية تكمن في غياب الثقافة العلمية.


ويشير الى أن الدول العربية تنفق مليارات الدولارات لتعزيز أمنها، بينما لا يصل إنفاقها لتعزيز مركزها العلمي الى بضعة ملايين، الأمر الذي يترك آثاراً واضحة على الاقتصاد.

ويضيف، لـ"العربي الجديد": تشير الدراسات العالمية إلى أن تنمية الموارد البشرية، وزيادة الإنفاق على الأبحاث العلمية، يساهمان في تعزيز موقع الدول في مؤشر التنافسية العالمي، الأمر الذي ينعكس إيحاباً على اقتصاد الدول. فارتفاع نقطة واحدة في مؤشر التنافسية العالمي، يزيد من من معدل النمو بين 0.5 و1%. ويؤكد الشمري إن زيادة الإنفاق على البحث العلمي تساهم أيضاً في زيادة الاستثمارات، وخاصة أن الاستثمارات الحديثة تتجه نحو القطاعات العلمية والتكنولوجية.

ويربط الشمري غياب الثقافة المتعلقة بتطوير الأبحاث العلمية وضعف النمو في العديد من الدول، حتى الدول النفطية، ويعتبر أن السلّم الرئيسي للنهوض بالدولة، سواءً على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، لا يبدأ إلا من خلال الارتقاء بالمستوى العلمي.

أرقام ضعيفة
وبالعودة إلى بيانات البنك الدولي، يلاحظ أن معظم الدول النفطية غابت عنها ملامح الإنفاق على الأبحاث. فقد خصصت الجزائر 0.07% من ناتجها المحلي للإنفاق العلمي في العام 2005، وهو أدنى رقم سجلته دولة عربية منذ عشر سنوات. لم يكن العراق بأفضل حال، حيث سجل في العام 2008 ما نسبته 0.09%، بالرغم من الميزانية الضخمة التي يسجلها سنوياً. في المملكة العربية السعودية، لم يرتفع حجم الإنفاق عن 0.27%.


يشير الخبير في مجال تنمية الموارد البشرية وأستاذ القانون في جامعة بغداد، صلاح الحديثي، إلى أن مسألة الإنفاق على الأبحاث العلمية تعود بالدرجة الأولى إلى النخب السياسية. ويقول، لـ"العربي الجديد": تعد مسألة التنمية البشرية من الأسس الهامة في الدولة، إلا أن الدول العربية لا تعير أي اهتمام في هذا المجال، لأن الإدارة السياسية لا تريد تنمية طاقات أبنائها، والدليل ما حدث في السنوات الماضية في العراق من تصفية العديد من العلماء، خاصة علماء الذرة، وهو ما يطرح علامات استفهام.

ويضيف: "تعني خسارة العلماء، تراجع جميع القطاعات، فالتقدم العلمي والتكنولوجي، يسمح بتعزيز موقع الدولة اقتصادياً، نظراً لما تقدمه البحوث العلمية من فائدة في مجالات عديدة. ففي القطاع الصحي، على سبيل المثال، تصل فاتورة استيراد الأدوية من الخارج إلى ما يقارب مليار ونصف دولار سنوياً، بحسب أرقام وزارة الصحة، بينما لو أن العراق يقوم بافتتاح مراكز دراسات لتطوير العلاجات، فستنخفض فاتورة الاستيراد إلى النصف تقريباً. كذلك الأمر بالنسبة إلى القطاعات الصناعية والإنتاجية".


في العالم العربي يوجد باحثون، أكاديميون وعلماء. الإشكالية تقع في انصراف هؤلاء العلماء عن العمل في مجال البحث والتطوير. تشير أرقام البنك الدولي أيضاً إلى أن نسبة العاملين العرب في البحث العلمي والتطوير لا تتعدى 0.01% لكل مليون شخص. في البحرين، يصل عدد العاملين الى 38 باحثاً، في الجزائر يصل العدد الى 33 باحثاً، أما في العراق، فيصل العدد الى 62 باحثاً، وفي المغرب يصل العدد الى 54 باحثاً، فيما سجلت مصر الرقم الأعلى، حيث يصل عدد العاملين في البحث العلمي إلى 277 باحثاً لكل مليون مواطن في العام 2011.

يعتبر الخبير الاقتصادي اللبناني، لويس حبيقة، أن هذه الأرقام ليست صادمة، فالدول العربية تعتبر طاردة للباحثين. ويقول، لـ"العربي الجديد": "هناك سببان رئيسيان لغياب الباحثين، الأول يتعلق بغياب الإنفاق المالي نظراً لغياب الموارد، والثاني يتعلق بعدم اكتراث الحكومات في الدول العربية بأهمية البحث العلمي". ويضيف: "تحتاج الأبحاث العلمية إلى موارد مالية كبيرة وضخمة. في دول عديدة، مثل لبنان، لا يملك أي موارد تخصص للإنفاق العلمي، أو للاهتمام بالباحثين، أو بأبحاثهم، لذا نرى العديد من الباحثين اللبنانيين يقدمون إنتاجهم العلمي في الخارج، حيث تفتح أمامهم أبواب المختبرات والأبحاث".

أرقام
%0.1: بلغت نسبة مشاركة الدول العربية من إجمالي براءات الاختراع والعلامات التجارية المسجلة عالمياً في العام 2007، فقط 0.1%، حيث سجلت 84 براءة اختراع.

%1.4: نشرت الدول العربية 13.574 منشوراً علمياً في العام 2008، بزيادة نسبتها 65% عن العام 2002، حيث سجلت 8186 منشوراً. وتبلغ حصة الدول العربية من إجمالي المنشورات العالمية الصادرة 1.4% فقط.

إقرأ أيضا: شادي جرارعة يصوّر فلسطين الصامدة