تبدو إيران هي العنوان الأبرز للانقسام العراقي حول دخول رتل عسكري تركي إلى شمالي العراق قبل أيام. وقد بدا واضحاً الانسجام بين القوى الموالية لإيران، سواء حزب "الاتحاد الوطني" الكردستاني بقيادة جلال طالباني، الذي يمثله الرئيس العراقي فؤاد معصوم، أو تحالف الأحزاب التي يمثلها رئيس الحكومة حيدر العبادي. ويرى الطرفان التدخّل التركي، "انتهاكاً للأعراف والقوانين الدولية، ومخالفاً لما يريده العراق من علاقات حسن الجوار والتعايش وعدم التدخل في شؤون دول الجوار"، ويُطالبان أنقرة بـ"الإسراع في سحب قواتها من العراق" مع تهديد بالتوجه إلى مجلس الأمن. هكذا، فإنّ الحرص على السيادة العراقية تناسى وجود وحدات الحرس الثوري الإيراني والفرق الأميركية الخاصة وحزب "العمال الكردستاني"، في العراق، وثارت حميته ضد عشرات الجنود الأتراك الداخلين بموجب اتفاقات رسمية مع رسميين عراقيين، أكانوا حكام إقليم كردستان العراق أو نائب رئيس الجمهورية السابق أسامة النجيفي، الذي يشرف مع أخيه أثيل، على معسكرات المتطوعين قرب الموصل منذ حوالي العام.
ورّدت تركيا على المداولات العراقية برسالة وجّهها رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو إلى العبادي، يؤكد فيها أن "تركيا ستتوقف عن إرسال المزيد من القوات إلى منطقة، قرب مدينة الموصل العراقية، الخاضعة لسيطرة داعش، لحين إتمام التفاهم بين الجانبين، ومعالجة الحساسيات العراقية".
اقرأ أيضاً: تحركات الموصل: مأزق العبادي يتّسع... وتهديد المستثمرين الأتراك
وسبق لوزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، أن قام في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بزيارة المعسكر، مشيراً إلى أن "عملية تحرير الموصل ستبدأ في القريب العاجل". وقد تخرّج في المعسكر حتى الآن 2044 مقاتلاً، نصفهم تابعون لقوات "البشمركة"، التابعة للبرزاني، ممن كان لهم دور أساسي في تحرير سنجار من يد "داعش"، على أن تتعاون القوات المدربة التركمانية والعربية، في إطار "الحشد الوطني"، بالتنسيق مع الجيش العراقي وطيران التحالف في تحرير الموصل.
وعلمت "العربي الجديد"، من مصدر في الخارجية التركية، بأن "التخطيط لزيادة عدد القوات العسكرية التركية في المعسكر، بدأ قبل إسقاط سلاح الجو التركي الطائرة العسكرية الروسية في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، غير أنه تمّ تسريع التنفيذ بعد الحادثة، إن أخذنا بعين الاعتبار ارتفاع المخاطر لناحية إمكانية قيام داعش، بشنّ هجوم على المعسكر، بعد نجاح قوات البشمركة بتحرير سنجار، أو إمكانية توسيع حزب العمال الكردستاني من هجماته ضد أنقرة، مدفوعاً بروسيا وإيران".
أما عن إرسال تركيا لدبابات، فيُشدّد المصدر على أن "عدد الدبابات أمر مبالغ فيه، ولم يتم إرسال 25 دبابة، بل إن معظم هذه الدبابات متواجدة على الحدود للتحرك في حال حصل أي هجوم على المعسكر لحمايته"، مضيفاً أنه "لا يمكننا فهم ارتفاع لهجة بغداد ضد أنقرة، بعيداً عن التوتر بين تركيا وكل من إيران وروسيا في الفترة الماضية".
ويكشف المصدر أن "أنقرة قامت بإبلاغ واشنطن بالتعزيزات التي ستقوم بإرسالها للمعسكر بالتفاصيل قبل التنفيذ، وذلك خلال اللقاءات التي جمعت مسؤولي الخارجية التركية مع بريت ماك غروك منسّق شؤون التحالف الدولي ضد داعش، مبعوث الرئيس الأميركي باراك أوباما. وذلك خلال زيارته إلى أنقرة يومي 5 و6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي".
ويتابع: "لقد قمنا بإبلاغهم بخططنا، والأميركيون يقولون الحقيقة، لأن لا علاقة لهذا التحرك بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، غير أننا أبلغناهم بجميع التفاصيل، لأن العملية لم تكن سرية وتمّت بالتفاهم المسبق مع بغداد".
يُذكر أن أنقرة تدير عدداً من المعسكرات في كل من كركوك وديالا، بالتعاون والتنسيق مع بغداد لتدريب القوات العراقية، سواء تلك التابعة لـ"البشمركة"، أو للعشائر العربية بهدف تحرير المناطق العراقية الخاضة لـ"داعش".
ويقع معسكر الزليقان، شمال بعشيقة، التابعة لمحافظة نينوى، وكان قد تأسس بالاتفاق مع السلطات العراقية، بهدف تسريع تحرير الموصل الخاضعة لسيطرة "داعش"، على أن يكون معسكر تدريب للقوات العراقية، سواء التابعة لـ"البشمركة" أو العرب أو التركمان بإشراف من القوات التركية. وبوشر العمل في المعسكر بشكل فعّال منذ مارس/آذار الماضي، بعد الاتفاق على ذلك بين العبادي وداود أوغلو، خلال زيارة الأخير إلى بغداد في 20 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي.
اقرأ أيضاً: مليشيات الحشد تتوعد باستهداف القواعد الأميركية في العراق