الانفجار كما توقعه الصهاينة

18 أكتوبر 2015
ستيف سابيلا، تفصيل من عمل، سلسلة "تحولات" (2012)
+ الخط -

لم تكن الهبّة الشعبية الفلسطينية، وخصوصاً في القدس المحتلة مفاجئة، ولم تقع مثل رعد في يوم صيفيّ، بل كانت مؤشراتها تتراكم منذ سنوات عدة. وهذا ما يقوله أيضًا كتاب ومعلقون إسرائيليون ذوو ميول وخلفيات سياسية وأيديولوجية مختلفة.

وقبل 5 سنوات توقّع شاؤول مشعال (أكاديمي في "جامعة تل أبيب") في تعليق نشره في موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني أن تتحوّل القدس إلى بؤرة انفجار يؤدي إلى اندلاع الانتفاضة المقبلة، وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الانتفاضة "ستكون انتفاضة مدنية غير مسلحة" لكنه أضاف "أن من الممكن بالتأكيد أن تتدحرج إلى دوامة نزاع دام يمتد كالنار في الهشيم إلى سائر مناطق الضفة".

ورأى أيضًا أن ما يحدث داخل المسجد الأقصى يشكل "شرارة يمكن أن تشعل الموقد بأكمله خلال وقت قصير جداً"، ثم أخذ يشخّص الأسباب والعوامل التي تدفع باتجاه إنضاج نار الانتفاضة الثالثة محملا الحكومة الإسرائيلية وسياساتها، وبشكل خاص رئيسها بنيامين نتنياهو، المسؤولية الرئيسية، حيث كتب قائلا إن الإعلان عن "مواقع التراث اليهودي" الذي بادر إليه نتنياهو، يثبت أنه لم يتعلم شيئا، ولم ينس شيئا.. وأضاف "إن الصراع على الرموز يفاقم التوتر وذلك لأنه يطرح على بساط البحث حقائق ومسلمات مطلقة لدى الديانتين، اليهودية والإسلامية، ومثل هذا الصراع ليس له حل، وبالتالي لا يجوز الاقتراب منه".

بعد ذلك تحدث الكاتب- وهو باحث يحسب نفسه متخصصاً في شؤون حركة "حماس" و"الإسلام الراديكالي"- عما أسماه بـ"العامل المقدسي" في تغذية وإلهاب الصراع والتوتر القائم، مشيراً إلى أنه عقب قيام إسرائيل ببناء جدار الفصل، الذي يعزل القدس كليا عن محيطها الفلسطيني في الضفة الغربية "تحولت المدينة إلى أشبه بكيان فلسطيني منفصل إلى جانب الكيانين القائمين في الضفة وقطاع غزة. ومن ناحية عملية هناك اليوم أربعة كيانات مرتبطة بالهوية الفلسطينية: الضفة والقطاع والقدس الشرقية والعرب داخل إسرائيل"، ومن هنا تحولت القدس إلى مدينة ذات مكانة خاصة وإلى ملتقى لكل المعسكرات.

وعاد مشعال إلى التحذير من انفجار وشيك للاحتقان والتوتر القائم في "المدينة المقدسة" بقوله: "نحن نقترب بخطى واثقة وسريعة وبعيون معصوبة من رحاب انتفاضة بيضاء، والتي ربما تذكر بالثورات المخملية التي حدثت منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حين انهارت عدة أنظمة وحكومات شيوعية في بولندا وهنغاريا وبلغاريا وألمانيا الشرقية بفارق بضعة أشهر، ممهدة الطريق إلى ثورات مشابهة وقعت أيضا خارج أوروبا" (لم تكن ثورات "الربيع العربي" قد اندلعت بعد).

وعلى النسق ذاته حذّر الأديب الإسرائيلي إيال ميغد قبل ثلاث سنوات من الإقدام على أية خطوة تتعلق بالقدس يمكن أن تشعل حريقا ما. وقال ميغد في تعليق كتبه في صحيفة "معاريف" إن "الإسرائيليين يتعامون عن حقيقة أن نصف القدس هي مدينة عربية فلسطينية".

وأضاف: "يجب أن نتذكر أن القدس الشرقية ليست جزءا من العاصمة الأبدية للشعب اليهودي، وإنما هي عاصمة عربية يعيش فيها سكان عرب، وأن هذه المدينة والحياة فيها تسيران وتظهران بصورة عامة وشخصية في نمط حياة سكانها العرب". وأكد أن "أية محاولة من جانبنا لتغيير ذلك سواء بالكلمات أو الإعلانات هي محاولة بائسة، جوفاء، واهمة وسخيفة، حتى لا نقول كارثية".

من وجهة نظر ميغد فإن "الحديقة التلمودية" التي تعد بلدية الاحتلال لإقامتها على أنقاض حي البستان في سلوان، والاستيطان بالقوة في الشيخ جراح، والمعاهد الدينية اليهودية التي يقيمها متطرفون يهود داخل أحياء بلدة القدس القديمة وغير ذلك، "لم ولن تؤدي كلها إلى تهويد المدينة، بل على العكس ستزيد وتعزز تصميم العرب على مقاومتنا وعلى المحافظة على الطابع العربي لمدينة القدس".


(باحث فلسطيني/ القدس المحتلة)

اقرأ أيضاً: إيلان بابه: هذا هو الفلسطيني في "الفكر الصهيوني"