الانتخابات عنوان أزمة جديدة بين حركتي فتح وحماس

03 ديسمبر 2014
عباس ومشعل خلال لقاء في الدوحة في مايو الماضي(الأناضول)
+ الخط -
لم تلق دعوات حركة "حماس" إلى إجراء الانتخابات العامة على أراضي السلطة الفلسطينية، تنفيذاً لاتفاق المصالحة الموقّع في قطاع غزة، أيّ استجابة من غريمتها السياسيّة، حركة "فتح"، على الرغم من أنّ الأخيرة لم تتوقف عن الدعوة إلى إجراء الانتخابات والاحتكام إلى الشعب والصناديق، منذ أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007.

ويبدو أنّ الخلافات السياسيّة الأخيرة بين الحركتين، تجعل ملفّ الانتخابات عنواناً جديداً للصراع بين "حماس" و"فتح"، إذ ترفضها الأخيرة لاعتقادها أنها تشكل مخرجاً للأزمة السياسيّة التي تعيشها الأولى، كما يرى مراقبون.

وكانت قيادات سياسية بارزة في حركة "حماس"، بينها عضوا المكتب السياسي، خليل الحية ومحمود الزهار، قد دعت في تصريحات صحافية سابقة، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى إجراء انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة وانتخابات المجلس الوطني فوراً. وفي سياق متّصل، يقول القيادي في حركة "فتح" فيصل أبو شهلا، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حركته جاهزة للمشاركة في الانتخابات الفلسطينيّة، وهي من كانت تدعو دائماً إلى عقدها، لكنه يشير في الوقت ذاته، إلى أنّه "قبل الحديث عن الانتخابات أو العودة إلى اجتماعات المصالحة، على حركة حماس أن تكشف عن منفذي التفجيرات التي استهدفت منازل قيادات فتح في القطاع مطلع الشهر الماضي".

ويرى أبو شهلا، أنّ "تلك التفجيرات تدلّ على وجود فلتان أمني في القطاع ولا يمكن أن تستمر المصالحة في ظلّ هذا الفلتان"، موضحاً أن "التوصّل إلى إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينيّة، يعني أن تقيم حركة "فتح" وغيرها من الفصائل الفلسطينية، كل يوم، مهرجانات انتخابية عدّة، وفي ظل حالة الفلتان القائمة يُطرح السؤال عمّن سيحمي تلك المهرجانات". ويشدّد على "ضرورة أنّ تكون الساحة الفلسطينيّة مهيأة بشكل يتناسب مع إجراء الانتخابات، وإلا فلن يحدث أي تغيير حقيقي".

في المقابل، يقول القيادي في حركة "حماس"، إسماعيل رضوان، لـ"العربي الجديد"، إن دعوة حركته إلى إجراء الانتخابات "تأتي في سياقها الطبيعي، فمن المفترض أنه بعد أن تنتهي مدّة عمل الحكومة، وهي 6 أشهر أن يتم عقد الانتخابات". ويلفت إلى أنّه "حتى اللحظة لم تحضر الحكومة لهذه الانتخابات، ولم يصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً يحدّد موعدها، وهو ما يُشكّل مخالفة لاتفاقيات المصالحة"، واصفاً مطالب عباس السابقة بإجراء الانتخابات بأنّها "مجرّد تصريحات للاستهلاك الإعلامي فقط، ولا رصيد لها على أرض الواقع".

ويتوقّع رضوان أن ترفض حركة فتح "إجراء الانتخابات لأنّها تخشى حصول حماس على أغلبية ساحقة فيها"، معتبراً أنّ "الشعب الفلسطيني أظهر تأييداً واسعاً للمقاومة خلال معركة "العصف المأكول" الأخيرة، وستحصل "حماس" بالتالي على أغلبية في أيّ انتخابات مقبلة".

وتحاول حركة "حماس"، وفق ما يقوله المحلل السياسي، تيسير محيسن، لـ"العربي الجديد"، أن "تحرز تقدّماً في ملفات المصالحة الفلسطينيّة من خلال الدعوة إلى إجراء الانتخابات في ظلّ حالة العجز التي تعيشها حكومة التوافق الفلسطينية".
ويربط محيسن بين مطالبة حماس بإجراء الانتخابات و"قناعتها بأنّه بات لا جدوى من التعاطي مع الرئيس، عباس، الذي تتناقض رؤيته وسياسته تماماً مع سياسة الحركة". ويقول إنّ "الأول يؤمن بالمفاوضات والتنسيق الأمني مع إسرائيل، بينما حماس حركة مقاومة تؤمن بأنّ طريق تحرير فلسطين يأتي من خلال المقاومة".
ويتوقع محيسن أن "تستمر حالة الصدام السياسي بين حركتي حماس وفتح خلال الفترة المقبلة، وألا تستجيب حركة فتح للدعوة لإجراء الانتخابات"، وهو ما يبدو واضحاً، على حدّ تعبيره، من خلال تصريحات عباس وقيادات "فتح".

من جهته، يقلّل الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية، هاني حبيب، من أهميّة دعوة حركة "حماس" لإجراء الانتخابات. ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّها تأتي في سياق "العلاقات العامة فقط ولا أساس لها بالمطلق من الناحية الموضوعيّة، باعتبار أنّ "الشروط المناسبة لعقد اجتماعات برلمانيّة رئاسيّة لا تتوافر على الساحة الفلسطينية".

ويشدّد حبيب على "ضرورة وجود توافق فلسطينيّ لعقد الانتخابات وتنفيذ بقية ملفات المصالحة"، موضحاً أنّ "ملف الإعداد للانتخابات هو إحدى مهمات حكومة التوافق الوطني التي لم يتم تمكينها من العمل في قطاع غزة لتقوم بدورها".
ويتوقّع حبيب أن "تشهد الساحة الفلسطينيّة تأزّماً سياسيّاً بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة، في حال لم يُصر إلى حلّ الخلافات بين حماس وفتح، وتمكين حكومة التوافق من القيام بدورها المتعلق بإعادة الإعمار والإعداد للانتخابات".

المساهمون