يحاول النظام المصري، برئاسة عبدالفتاح السيسي، السيطرة الكاملة على المجالس المحلية خلال الانتخابات المقبلة، ولكن مع إتاحة مساحة للأحزاب في الحصول على حصص محددة. وستتم سيطرة النظام الحالي على المجالس المحلية بالاعتماد على قانون مفصل خصيصاً لضمان الهيمنة عبر ائتلاف "دعم مصر" الذي يمثل اﻷغلبية في مجلس النواب، والذي انبثق عن قائمة "في حب مصر" المدعومة من اﻷجهزة اﻷمنية إبان انتخابات البرلمان الماضية، عام 2015. وعلى الرغم من أنه لم يجر تحديد موعد الانتخابات المحلية حتى اﻵن، لعدم صدور قانون اﻹدارة المحلية، بدأ ائتلاف "دعم مصر" محاولات إتاحة المجال لعدد من اﻷحزاب الممثلة في مجلس النواب أو اﻷخرى المعارضة للنظام الحالي وقاطعت انتخابات مجلس النواب، للحصول على عدد من مقاعد في المجالس المحلية، كنوع من الترضية لهم. وبهذه الطريقة يسعى النظام المصري إلى تجنب الاتهام بالهيمنة، بحسب مصادر برلمانية.
وذكرت مصادر في "دعم مصر" أن الائتلاف البرلماني سيحاول خلال الفترة المقبلة، التنسيق مع اﻷحزاب التي تخوض الانتخابات البلدية، كنوع من الترضية لها. وأضافت المصادر، في تصريحات خاصة، أن التنسيق يفترض أن يجري في اتجاهين: اﻷول، مع اﻷحزاب الممثلة داخل مجلس النواب والمؤيدة للنظام ولكنها تعارض بعض السياسات والحكومة؛ الثاني، مع اﻷحزاب المعارضة التي رفض بعضها خوض الانتخابات البرلمانية الماضية، وقررت خوض الانتخابات المحلية المقبلة.
وتابعت المصادر أن شكل التنسيق المقترح داخل ائتلاف "دعم مصر" يتعلق بمقاعد النظام الفردي في اﻷساس، التي ستكون نسبتها 25 بالمائة وفقاً لمشروع قانون الحكومة، والذي يوافق عليه بشكل كبير نواب "الائتلاف". ولفتت إلى أن مقاعد الفردي يمكن التنسيق فيها مع اﻷحزاب أو التكتلات المعارضة لاسترضائها، منعاً لتصاعد اﻷصوات المعارضة للنظام الحالي، ولنفي فكرة الرغبة في السيطرة والهيمنة، بحسب المصادر.
وشددت المصادر ذاتها على أن القوائم التي من المقرر أن تمثل 75 بالمائة من المقاعد ستكون بأكملها لائتلاف "دعم مصر"، من أجل ضمان سيطرة النظام على المجالس المحلية.
ودافع عضو في ائتلاف "دعم مصر" عن تدخل اﻷجهزة اﻷمنية في مراجعة أسماء المرشحين للمجالس المحلية. وبرر التدخل بذريعة أنه ضروري في ظل الظروف التي تشهدها مصر، ومنعاً لتسلل أعضاء من جماعة "اﻹخوان المسلمين" أو التيار اﻹسلامي. وقال إن القوائم ستذهب جميعها للأجهزة اﻷمنية لمراجعة الموقف اﻷمني من كل المرشحين، وتنقية القوائم من أي عناصر قد تسبب إرباكاً في المجالس المحلية، لا سيما أن فقدان السيطرة عليها من قبل الدولة يعني أزمات كبيرة للنظام المصري.
ولا يزال ملف انتخابات المجالس المحلية، وتحديداً على مستوى الانتهاء من اختيار أسماء مرشحي الائتلاف، مفتوحاً. وتم طبع استمارات لتوزيعها في المحافظات، فضلاً عن ترشيحات من نواب "ائتلاف دعم مصر" واﻷحزاب. وكان عضو الهيئة العليا لحزب الحركة الوطنية، أسامة الشاهد، أعلن في تصريحات صحافية، أن الحزب ينسق مع "دعم مصر" حول خوض انتخابات المجالس المحلية.
في المقابل، تسعى اﻷحزاب المعارضة لخوض سباق الانتخابات المحلية، من خلال تكتل حزبي وشخصيات عامة، لضمان أكبر مكاسب ممكنة، في ظل مؤشرات سيطرة "دعم مصر" على المجالس المحلية، سواء من خلال النظام الانتخابي أو دعم الدولة وأجهزتها اﻷمنية. وشكك القيادي المعارض، معصوم مرزوق، في إجراء انتخابات المحلية في وقت قريب، خصوصاً في ظل غياب بوادر للأمر. وأشار إلى أن القانون لم يخرج للنور بعد، ولا يزال قيد المناقشات داخل لجنة الحكم المحلي. وقال مرزوق، في تصريحات خاصة، إن أحزاب التيار الديمقراطي قررت المشاركة في الانتخابات المحلية، لكن لم يتم بعد تحديد التفاصيل الخاصة بالاختيارات واﻷسماء وكيفية التعامل مع هذا الملف، بانتظار خروج القانون بشكل نهائي، وفق قوله. ولفت إلى أن قرار المشاركة اتخذ على الرغم من وجود اعتراضات على نظام القائمة المغلقة التي تمنع التمثيل لكل القوائم. وختم قائلاً إن هناك مخاوف من إدارة عملية الانتخابات وليس مجرد تفصيل القانون، فمن الممكن أن يكون هناك قانون جيد جداً، لكن المشكلة تكمن في التنفيذ والتجاوزات والانحياز الفاضح من قبل الدولة، وفق تعبيره.