مع قرار الحكومة الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، إجراء الانتخابات المحلّية في مايو/أيار القادم في الضفة الغربية، وتأجيلها في قطاع غزة، بعد عدم التوافق مع حركة "حماس"، يكون الفشل هو المصير المتوقع لأي انتخابات يعوّل عليها لإنقاذ النظام السياسي من التكلس والترهل.
الدلالات السياسية وراء قرار إجراء الانتخابات في الضفة الغربية فقط، تبعث رسائل تشاؤميّة حيال الواقع السياسي الفلسطيني الراهن، حسب المحللين السياسيين. وفي هذا السياق، يقول الكاتب جهاد حرب لـ"العربي الجديد" إن إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية فقط، هو السيناريو الأول الذي كانت الحكومة الفلسطينية قد اختارته في حزيران/يونيو الماضي".
ويلخّص حرب أهم الدلالات وراء قرار الحكومة الفلسطينية اليوم، بأن الأخيرة لا تسيطر على قطاع غزة، وأن "حماس" ما زالت تحكم القطاع وتفرض هيمنتها عليه، فضلًا عن أن إجراء الانتخابات في الضفة الغربية سيعمق الانقسام، ويمنع الفلسطينيين في القطاع من اختيار قياداتهم المحلية.
الخلافات التي كانت مثل كرة ثلج ظلت تكبر، حتى وصلت إلى طريق مسدود بعقد الانتخابات في الضفة الغربية فقط، وبدأ الأمر من تقديم الطعون أمام المحكمة العليا الفلسطينية ضد محاكم قطاع غزة، وبعد ذلك، برزت مشكلة أخرى بتعيين محكمة خاصة بالانتخابات المحلية بموجب مرسوم رئاسي، الأمر الذي وصفته "حماس" بأنه يسحب الشرعية من محاكم القطاع، وصولًا إلى قرار الحكومة تحديد يوم 13 أيار/مايو لإجراء الانتخابات، وقد رفضت "حماس" القرار بسبب عدم توافق الحكومة معها، وصولًا إلى رفض مبادرات حملها المجتمع المدني، والفصائل، كل على حدة، للتوصل إلى حل وسط، يتم بموجبه إجراء الانتخابات بالتزامن في الضفة والقطاع.
ويقول نائب أمين عام "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، قيس عبد الكريم، لـ"العربي الجديد" كنا نأمل أن تجرى الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة في آن معًا، وعملنا لأجل هذا في الفترة السابقة، ووصلنا إلى صيغة معقولة لتجاوز المعيقات التي عطلت الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهي صيغة تشكيل محكمة مختصة بقضايا الانتخابات المحلية، لكن للأسف حماس قررت لأسبابها الخاصة اتخاذ موقف سلبي من إجرائها، وهي أسباب غير مبرّرة بالنسبة لنا".
ويرى عبد الكريم أن الخلافات الراهنة جعلت الفصائل أمام خيارين: "الأول أن تقوم وزارة الحكم المحلي بتعيين المجالس المحلية والقروية، التي يبلغ عددها 390 مجلسًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي في حالة سيئة من الترهل والانهيار، والخيار الثاني أن يجري تشكيلها عبر إعادة الانتخابات". مستدركًا: "نعتقد أن التعيين من قبل وزارة الحكم المحلي هو أسوأ الخيارات".
وبالتزامن مع فشل المبادرات الحزبيّة في تذليل عقبات الطريق نحو الانتخابات، أعلن "الائتلاف الأهلي للرقابة على الانتخابات" فشل مبادرته أيضًا، بعد أسابيع من العمل. وقال رئيس الائتلاف، عارف جفال، لـ"العربي الجديد": كنا نقود حراك المجتمع المدني لمحاولة الوصول إلى توافق لعقد الانتخابات بالتزامن بين الضفة وغزة، لكن للأسف مع قرار حماس أمس، والحكومة اليوم، رجعنا إلى المربع الأول".
وقدّم "الائتلاف الأهلي للرقابة على الانتخابات"، مع "مجلس المنظمات الأهلية" و"شبكة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، مبادرة تعالج النقاط الثلاث الأساسية التي ترفض بموجبها "حماس" عقد الانتخابات في الضفة الغربية، غير أن الأخيرة ردّت، أمس، ببيان يرفض عقد الانتخابات، وتلا ذلك في اليوم التالي قرار الحكومة بعقدها في الضفة دون القطاع.
القضايا الثلاث الأساسية محل الخلاف كانت حسب جفال: "الإجراءات التي تعرض لها مرشحو الحركة في الانتخابات الماضية؛ وتشكيل محكمة قضايا الانتخابات؛ والمراسيم التي صدرت من الرئيس محمود عباس، وهي تتعلق فقط بمرسوم تشكيل المحكمة الخاصة بالانتخابات".
وحول ما احتوته المبادرة التي باءت بالفشل، يقول جفال: "بالنسبة للتعرض لمرشحي حماس وناخبيها، تم التعهد بتشكيل جسم ممثل لمؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى كافة القوى السياسية، بالإشراف على ميثاق الشرف، وليس فقط التوقيع عليه، ومن ثمّ متابعة كل الخروقات عبر غرفة عمليات يستضيفها الائتلاف".
وتابع: "بالنسبة للمحكمة الخاصة بالانتخابات، طرحنا التوافق على أسماء القضاة، لأن المرسوم لم يصدر بأسماء القضاة، وبالتالي كان هناك فرصة للتأكيد أن هذه المحكمة تنال رضى الكل الفلسطيني، وعلى الأقل، نتأكد أن القضاة ليسوا طرفًا من أطراف الصراع".
أما في ما يتعلق بمراسيم الرئيس، أوضحت المبادرة أن "الرئيس عباس عندما أوعز لرئاسة الوزراء بتأجيل الانتخابات في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فقد كان ذلك بناء على مبادرة من المجتمع المدني ولجنة الانتخابات، في محاولة لتجاوزعقد الانتخابات في الضفة الغربية فقط".