واشتد الصراع بين المرشحين للبرلمان العراقي الجديد، بعد ظهور حملات "إلكترونية" على شكل مقاطع مصورة نشرتها صفحات في موقع "فيسبوك" مدعومة من جهات متنفذة وأحزاب لا تزال تشارك في حكم البلاد، اتهمت مرشحين بدعم تنظيم "داعش" حين اقتحم مدينة الموصل في منتصف العام 2014، فيما ذهبت أحزاب أخرى إلى "تسقيط" خصومها عن طريق اتهام مرشحين مستقلين وأحزاب جديدة بالفساد المالي و"غسيل الأموال".
ودعا زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، أمس الإثنين، الحكومة العراقية والمفوضية العليا للانتخابات، وهي المسؤولة عن العملية الانتخابية في البلاد، إلى إنزال أقصى العقوبات بحق بعض المرشحين للانتخابات ممن ثبت دعمهم تنظيم "داعش" مالياً وإعلامياً.
وقال الصدر، في بيان له بشأن استبعاد بعض المرشحين ممن كانوا يدعمون "داعش" خلال الفترة الماضية، "إنهم يقدمون السياسة على الثوابت العامة، وإلا فتجب محاسبتهم بأقصى العقوبات".
يشار إلى أن أبرز المتأثرين بأحداث الحرب الإعلامية هما حمد الموسوي، رئيس الحزب المدني، حديث الولادة، وهو سياسي فشل في الفوز بالانتخابات الماضية وما قبلها، إذ دخل أول مرة مع "التيار الصدري"، لكنه لم ينجح، واتجه بعدها إلى "ائتلاف دولة القانون"، الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، ويواجه اتهامات مختلفة، من بينها عمليات "غسيل الأموال" وتحويل مبالغ كبيرة من العملة الصعبة إلى بنوك في خارج البلاد بأسماء شركات وهمية.
وكذلك السياسي مضر شوكت، الذي دخل الانتخابات البرلمانية ضمن تحالف "سائرون" المدعوم بصيغة رسمية من مقتدى الصدر، والذي عُرف بتصريحاته المناهضة لميليشيات "الحشد الشعبي" خلال فترة الحرب على "داعش" في مدن شمال البلاد وغربها، فضلاً عن أسماء أخرى تحركت أحزاب سياسية ضدها، مثل رعد السلمان، المرشح للبرلمان عن مدينة الأنبار، وهو أكثر المتصدين لسياسات نوري المالكي خلال فترة حكمه البلاد، وكذلك الإعلامي وجيه عباس المعروف بخطابه الطائفي المحرض على العنف، عن تحالف "الفتح" الذي يضم قوى "الحشد الشعبي" السياسية.
في هذا السياق، قال المرشح عن تحالف "الفتح"، رزاق الحيدري، لـ"العربي الجديد"، إن "القانون المعمول به في مفوضية الانتخابات العراقية ينص على حذف أسماء المرشحين المتورطين في ملفات فساد، وكذلك الداعين في خطابهم إلى العنصرية والطائفية... لكن المفوضية لم تطبق هذا القانون على الكثير من الأسماء المتورطة"، مبيناً أن المفوضية "لم تتعامل بجدية مع عدد من المرشحين تدور حولهم شبهات كثيرة".
وأضاف أن "عدم تطبيق القانون يعني التهاون فيه، وهو أمر مرفوض، ولا بد أن يطبق القانون على شخصيات ساهمت في ضياع المال العام واشتركت بتشويه صورة الجيش و"الحشد الشعبي"، وساعدت بصورة مباشرة تنظيم "داعش" الإرهابي".
من جهته، أكد المرشح عن تحالف "سائرون"، حسين النجار، لـ"العربي الجديد"، "وجود قوائم انتخابية تضم متهمين باختلاس المال العام، وبعضهم متهم بقضايا الإرهاب"، مبيناً أن "مفوضية الانتخابات لم تكن جادة في تدقيق سيرهم الذاتية".
وتابع أن "بعض المرشحين للانتخابات يستخدمون المال العام السياسي والعمل على الترويج الانتخابي بالاعتماد على ما يتمتعون به من مميزات المناصب الحكومية، وشراء الذمم والبطاقات الانتخابية"، مشيراً إلى أن "العمل الذي تقوم به مفوضية الانتخابات بصورة عامة غير شفاف، لأنها وكما هو معروف تم اختيار أعضائها من قبل رؤساء الكتل السياسية وعن طريق المحاصصة".
ولفت إلى أن "المرشحين المدنيين يدعمون تحركها المستقل في المحافظة على شفافية الانتخابات واستبعاد المتورطين في الفساد... ولكنها لم تستبعد أو تحاسب على الأقل الذين خالفوا شروط الدعاية الانتخابية".
ويتوجه الناخبون العراقيون، وعددهم 24 مليون شخص، في 18 محافظة عراقية، بما فيها إقليم كردستان، إلى الانتخابات السبت المقبل 12 مايو/ أيار الحالي، لاختيار ممثلين في البرلمان، الذي سيختار حكومة جديدة للبلاد لأربع سنوات مقبلة. ويشارك في الانتخابات أكثر من 7 آلاف مرشح للفوز بـ329 مقعداً في البرلمان، منها 71 مخصّصة للعاصمة بغداد، وبنحو 250 حزباً وكياناً سياسياً، و70 ائتلافاً انتخابياً كبيراً، بينهم أكثر من 2000 مرشحة يسعين إلى استيفاء الكوتا الانتخابية، وهي نسبة 25 بالمائة من مقاعد البرلمان.