واصلت الصحف الدولية لليوم الثالث على التوالي التعبير عن مدى بشاعة تنظيم الرئيس السوري بشار الأسد، الانتخابات الرئاسية السورية فوق ركام بلد لا يزال ينزف شلالات الدم نتيجة أعمال القصف بالبراميل المتفجرة والمدفعية الثقيلة.
وفي هذا الإطار، أشارت صحيفة "ذا غارديان"، في افتتاحيتها بعنوان "الانتخابات السورية: التصويت على الأنقاض"، إلى أن الانتخابات أحادية الجانب لها رسالة واحدة "نحن سوف ننتصر في نهاية المطاف".
واعتبرت الصحيفة، أن هذه الوقاحة المنقطعة النظير ستلهب مشاعر أهالي الشهداء والجرحى والمقاتلين.
وأكدت بأن الانتخابات لا تمثل شيئاً سوى الفشل المتراكم والمتكرر على الصعيدين الوطني والدولي، بعدما كان في البداية فشل رجل واحد هو بشار الأسد، أدى الى خراب سورية.
وأكدت بأن الأسد، يعيش في فقاعة من التمحور حول الذات، تجعله لا يرى الأزمة المتفاقمة، مشددة على أن الأسد، يشكل السبب الرئيسي للأزمة.
كما اعتبرت أن الدول الغربية قررت مبكراً أن النظام السوري سيزول، ما أدى إلى استحالة قيامها بأي دور وساطة.
وأوضحت أن إخفاق القوى الإقليمية في سورية، ولا سيما إيران والمملكة العربية السعودية، تحول إلى حرب بالوكالة على الأراضي السورية، وذلك في ظل جهودهما الرامية إلى عزل وإتلاف بعضهما بعضاً.
وختمت الصحيفة: إن ما تم ارتكابه يعدّ حماقة لا تزال قائمة ومتواصلة، لكن الغالبية العظمى من السوريين كان أملهم من الانتخابات إحلال السلام، الأمر الذي لم يجدوه في ورقة الانتخابات.
أما الكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، روبرت فيسك، فقد كتب مقالاً في صحيفة الاندبنت، بعنوان "الانتخابات السورية: ما بين البراميل المتفجرة وصندوق الاقتراع".
وأوضح فيسك، أن المنطقة بأسرها تعيش مأساة عودة الحكم العسكري، وحكم الرجل الواحد، فقد فاز عبد الفتاح السيسي، في مصر الأسبوع الماضي بمنصب الرئاسة، كما سيفوز بشار الأسد، الأسبوع الجاري في الانتخابات، على الرغم من المجازر التي ارتكبها كلا الرجلين.
وتحدث عن الفرق بين انتخابات مصر وسورية، وأوضح أن الانتخابات التي جاءت بالسيسي، عانت من ضعف الإقبال وأحاطها كثير من الشكوك، أما الأسد، فقد نجح في إجبار السوريين حتى الذين في المنفى على الذهاب إلى مراكز الاقتراع، حتى أن بعضاً خاطر بفقدان مكان لجوئه في حال لم يذهب للانتخابات.
وأشار إلى أن سورية شهدت لأول مرة انتخابات تعددية على الرغم من أن كلا المرشحين أمام الأسد، لم يكن لديهما أية فرصة في الفوز.
وأكد فيسك، أن الأسد، لم يترك أمام الشعب السوري أية فرصة للاختيار، فقد تم سجن وإهانة مختلف فصائل الشعب، ثم جاءت الدعوة الى الانتخابات المهزلة وسط قصف متواصل من كلا الجانبين.
وشدد فيسك، على أن هذه الانتخابات ستدخل التاريخ على أنها النموذج الأكثر عنفاً للقمع الانتخابي، على الرغم من التمثيلية التي أداها كل اللاعبين في إقناع العالم بأن الانتخابات تسير على ما يرام.
وأكد بأن انتخابات الرئاسة السورية شكلت استمراراً لمسلسل إهانة الشعب السوري والكل يعرف ذلك سواء في الداخل أو الخارج.
وتساءل فيسك، في ختام مقاله، لماذا جرت الانتخابات سواء في مصر أو سورية؟ هل هي رغبة في تقليد الغرب الديمقراطي على الرغم من إفراغ الانتخابات من محتواها بشكل فج إذ لن تكون ذات تأثير يذكر؟
وقال: إن الشرق الأوسط يعد أمة ثورية، ولكنه لا يزال متأثراً بقيود الأجداد والاستعمار ممّا جعل الانتخابات الدموية تربح في النهاية.
من جهتها، أظهرت صحيفة "ذا تلغراف"، أن الانتخابات جسدت كل معاني المعاناة التي يعيشها الشعب السوري منذ اندلاع الثورة.
وكتب مراسل الصحيفة ريتشارد سبنسر، مقالاً عنوانه "السوريون ممزقون ما بين القنابل وصناديق الاقتراع"، أكد فيه بأن نصف سكان سورية عاشوا الانتخابات، بينما النصف الآخر تلقى البراميل المتفجرة في مدينة حلب، التي تخضع مناطق عديدة منها لقوات المعارضة، إذ حظيت المدينة بيوم حافل من الغارات الجوية أدت الى مقتل عشرات المدنيين.
وأوضح سبنسر، أن الانتخابات تأتي بعد قتل وتشريد الملايين من السوريين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في لبنان وتركيا والأردن وغيرها من البلدان، بينما قوات الأسد، تنجح ببطء في الإحاطة بحلب.
وأشار إلى أن الانتخابات خيبت أمل السوريين في الوصول إلى السلام الذي ينشدونه ليتم الانتهاء من التعذيب والترهيب الذي فقدوا فيه الغالي والرخيص.
وقال سبنسر: إن المؤيدين للأسد، يراهنون على أن الانتصار في الانتخابات سيدفع الرئيس إلى الإيفاء بوعده والانتصار في الحرب، ولكن لا أحد يعرف إذا ما كان سيأتي السلام، فذلك أمر آخر.
كما كتب زميل معهد الخدمات الملكية، جوشي شاشانك، مقالاً في "ذا تلغراف" أيضاً تحت عنوان "لماذا يهتم الأسد بإجراء انتخابات".
الانتخابات في العالم العربي تأتي دائماً على جثث المعتقلين والقتلى المعارضين للأنظمة " |
وأكد بأن الانتخابات في العالم العربي تأتي دائماً على جثث المعتقلين والقتلى المعارضين للأنظمة الفاشية التي لا تعرف سوى البطش.
ووفقاً لشاشانك، يبقى الأسد منتصراً بفضل إيران وحزب الله، وأن أي مفاوضات بين النظام والمعارضة لا بد وأن تجري على أساس أن الأسد، سيكون دائماً على رأس السلطة.
وأكد شاشانك، بأن الانتخابات ستقضي على أي أمل في إحياء محادثات السلام في جنيف، وستدفع سورية الى العيش أعواماً عدة إلى مزيد من أعمال القتال والحرمان والاستبداد.