يفتح ترشُّح عضو مجلس الشعب السوري، ماهر الحجار، إلى انتخابات الرئاسة المقررة في يونيو/حزيران المقبل، الباب واسعاً لتمرير الرئيس بشار الأسد نجاحه بولاية رئاسية ثالثة، إذ يوجب الدستور الذي فصله الأسد عام 2012، ثمّ عدّله قبل أسابيع، أن يكون هناك متنافسان على الأقل، و"إذا لم تتوافر الشروط المطلوبة للترشيح سوى بمرشح واحد خلال المهلة المحددة، يتوجب على رئيس مجلس الشعب الدعوة إلى فتح باب الترشيح مجدداً وفق الشروط نفسها".
وإن كان الدستور لا يسمح سوى بولايتين رئاسيتين، فإن الأسد ومناصريه قد تحايلوا على ذلك بـ"تصفير العدّاد"، مما يجعل الأسد مرشحاً أيضاً لانتخابات 2021.
إذاً، كان لا بد من مرشح آخر، على ألا يكون من حزب البعث الحاكم، ولا من الطائفة العلوية، ولا من أحزاب "الجبهة"، وذلك لأسباب تتعلق بهيبة النظام وصورة من يواليه، إذ يجدر أن تظهرهم الصورة وهم بكامل تأييدهم للأسد.
وبما أنه لن يُسمح بترشح شخصيات معارضة، من هنا، كان تعديل شروط الترشح لاستبعاد كل من أقام خارج البلاد لمدة عشر سنوات، مما يحرم المعارضين من المشاركة بهذه "المسرحية"، ويمنع من الوقوف على منصتها حتى بعض رموز المعارضة الداخلية، كنائب رئيس الوزراء المقال، النائب في مجلس الشعب، قدري جميل، الذي لا يزال مقيماً في روسيا.
ولكن ان غاب جميل، رئيس "حزب الإرادة الشعبية"، ورئيس "جبهة التغيير والتحرير"، فإن أعضاء حزبه ومرشحي قائمته يفون بالغرض. ومن هنا، كانت قصة مرشح مغمور هو ماهر الحجار، الذي وصل على اكتاف قدري إلى مجلس الشعب، بعد أن فشل في انتخابات عام 2007، ونجح بعد أن ضمن له قدري الوجود في قائمة أحزاب "الجبهة"، في مدينة حلب، بانتخابات 2012، وهي قائمة مضمونة النجاح. وفي الانتخابات المذكورة، نجح الحجار، وكذلك قدري جميل ووزير المصالحة اليوم، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي "المعارض"، علي حيدر، من أصل 46 مرشحاً لقائمة "التغيير والتحرير"، بعد تهديد جميل بالانسحاب من المجلس، وعدم الاستمرار في إنجاز التحالف الحكومي آنذاك.
هكذا، دخل الحجار مجلس الشعب، وكان أول نشاط له استجواب رئيس حزبه، أي جميل، رفيقه في "وحدة الشيوعيين" المنشقين عن حزب "بكداش"، والدعوة إلى حجب الثقة عنه بسبب سياسات الحكومة المالية، وانخفاض سعر صرف الليرة السورية إلى مستوى غير مسبوق، متهماً جميل بـ"إلحاق أكبر الضرر بالأمن الاقتصادي السوري وبالوضع المعيشي للمواطنين".
ومن المفارقات أن الأسد الابن، يستعير تاريخ والده حافظ الأسد بتمرير استحقاقات وطنية كبرى، كما فعل الراحل عند انقلابه في نوفمبر/تشرين الثاني 1970، حين استدعى نقيب المعلمين، أحمد الخطيب، ليعينه رئيساً مؤقتاً لسورية حتى انتخابه في فبراير/ شباط 1971، وها هو ابنه يستدعي عضو مجلس شعب مغمور، خريج لغة عربية، ليمرر استحقاقاً سيزيد من صعوبة الكارثة التي تعيشها سورية.