قبل أشهر فقط، لم يكن أي من المتابعين للشؤون التركية يتوقّع إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في وقت مبكر عن أوانها الذي كان مقرراً في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بموجب المواعيد التي فرضتها التعديلات الدستورية الشاملة العام الماضي. لكن المفاجأة حصلت بالفعل، لينتقل موعد الانتخابات، بشقيها الرئاسي والبرلماني، إلى 24 حزيران/ يونيو 2018، على الرغم من مسلسل النفي الحكومي المستمر لوجود أي نية بتغيير موعد الاستحقاق. وعلى الرغم من أن كل الأحزاب التركية كانت قد بدأت في نسج تحالفاتها وبرامجها على أساس أن الانتخابات ستجرى في نهاية 2019، إلا أن مقترحاً مفاجئاً صدر منتصف إبريل/ نيسان الماضي من رئيس حزب الحركة القومية (يمين قومي متطرف) دولت باهشلي، بإجراء انتخابات مبكرة لقي تجاوباً سريعاً جداً من الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية".
وبالفعل، خلال اجتماع سريع بين أردوغان وحليفه باهشلي، أقر موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة بمجموعة مبررات اقتصادية سياسية لم تقنع الكثير من أحزاب المعارضة التي عادت وقررت السير بالموعد الجديد. ويقول كثيرون في تركيا إن طريقة اقتراح الموعد المبكر للانتخابات، عن طريق باهشلي، وملاقاة أردوغان سريعاً حليفه عند منتصف الطريق وترحيبه بالفكرة، توحي بأن أردوغان نفسه هو من دفع باهشلي إلى اقتراح تقديم الموعد عاماً ونصف العام تقريباً، من أجل رصد ردود الأفعال من المعارضة وفحص مدى استعدادها لقبول ذلك، على اعتبار أن قيام شخص آخر غير أردوغان برمي "قنبلة" الانتخابات المبكرة قد يوفر على الرئيس حملة من المعارضة قد تتهمه بأنه يخالف أولى نتائج الدستور الجديد المعدل في عام 2017 الذي أصبحت تركيا في ظله دولة بنظام رئاسي لا برلماني.
اقــرأ أيضاً
فما هي الأسباب المحلية والإقليمية والدولية والدوافع الاقتصادية التي ساهمت في جعل أردوغان يقرر دعوة 59 مليون ناخب إلى انتخابات رئاسية ونيابية مبكرة؟
تركيا يعرف عنها قبيل أي انتخابات تعرض اقتصادها لتراجع حاد، خصوصاً في قيمة الليرة، بسبب مخاوف من اهتزاز الاستقرار السياسي، وربما خروج النتائج الانتخابية بحكومات ائتلافية يدفع الاقتصاد ثمنها مثلما درجت عليه العادة قبل الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، تاريخ وصول حزب العدالة والتنمية للمرة الأولى إلى الحكم. قبل ذلك التاريخ، غالباً ما كانت النتائج تفرز فائزين كثراً، أي منهم لا يحقق غالبية كافية للحكم، فتولد حكومات ائتلافية هشة بين الكماليين والقوميين واليمين المتطرف ويسار الوسط واليسار والوسط... وهو ما كان تاريخياً يبعد المستثمرين ويتسبب بأزمات اقتصادية ونقدية هائلة. وقبيل اتخاذ قرار إنجاز الانتخابات مبكراً، كانت الليرة التركية تتراجع رويداً رويداً، محققة تراجعاً قياسياً أمام العملات الأجنبية، وخاصة الدولار واليورو، وهو ما ترافق مع تخفيض التصنيف الائتماني لتركيا ولعملتها، فشعرت الحكومة بوجود "مؤامرة" سياسية وراء ذلك ربما من المؤسسات النقدية العالمية وعواصم سياسية كبرى، وخصوصاً أن الزمن المتبقي لموعد الانتخابات كان لا يزال طويلاً، فاستغلت الحكومة ذلك الظرف من أجل تقصير الارتدادات الاقتصادية. لكن على الرغم من ذلك، واصلت الليرة التركية تراجعها غير المسبوق خلال الفترة الفاصلة بين إعلان موعد الانتخابات، وحلوله، قبل اتخاذ إجراءات من المصرف المركزي لحماية استقرار العملة.
الواقع المحلي تجلّى أيضاً ببدء عقد التحالفات المحلية والحديث عن المرشحين، فالأحزاب المعارضة كانت تسعد باكراً لعقد تحالفاتها، فاعتبر أردوغان ربما أنه لا طريقة أفضل للاستعداد معسكره من تبكير موعد الاستحقاق. لكن هناك بعداً آخر محلياً ــ إقليمياً ساهم أيضاً في تغيير موعد الانتخابات، وهو نجاح القوات التركية في التقدم بمنطقة عفرين شمال سورية، وطرد وحدات حماية الشعب الكردية من هناك، ما انعكس على الداخل التركي بشكل إيجابي في نشوة شعبية وشعور قومي بالنصر على من تصنفهم تركيا "إرهابيين". وبحسابات أردوغان وحزبه، هذا العامل المحلي التركي يمكن استثماره في المعركة الانتخابية والتأثير على الناخبين، لمصلحة "العدالة والتنمية" الحاكم، وهو ما ثبت بالفعل في الحملات الانتخابية التي يجريها الحزب.
التطورات العسكرية في سورية وفي العراق، والوضع الاقتصادي، استدعيا بالضرورة علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي وأميركا، وهي علاقات غالباً ما تشهد تراجعاً وتصعيداً متبادلاً قبل الاستحقاقات التركية المهمة، بهدف شدّ العصب القومي لخطاب أردوغان وحزبه، وهما صاحبا أدبيات قومية تستدعي الأمجاد العثمانية ــ الإسلامية بشكل دائم. كما أن طرح الانتخابات في وقت مبكر ساهم في خلط أوراق الدول الغربية التي كانت مستعدة لدعم أطراف معينة، في ظل اتهام تركيا لهذه الدول بتوفير الحماية لعناصر من "جماعة الخدمة" المصنفة "إرهابياً" في تركيا، فيما تتهم هذه الدول تركيا بأنها تمارس القمع وكبت الحريات بحق الصحافيين والمواطنين المعارضين في ظل قانون الطوارئ المستمر منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/ تموز 2016.
أما السبب الأخير لتقديم موعد الانتخابات، فتجسد في محاولة منع مشاركة حزب معارض جديد جرى تشكيله مؤخراً، وحصل على دعم كبير من الشارع التركي وشكل أملاً لعدد من الدول الغربية، وهو "الحزب الجيد"، وزعيمته ميراي أكشنر، المنشقة عن حزب الحركة القومية (يمين قومي متطرف)، بسبب ما تقول مؤسسته وجمهورها إنه ارتماء الحزب وزعيمه بهاشلي في أحضان أردوغان وحزبه. وكان أردوغان يرغب، من خلال تبكير موعد الانتخابات، بعرقلة دخول الحزب الجديد قانونياً إلى المعركة بسبب عدم مرور ستة أشهر على عقده مؤتمره التأسيسي الأول، وعدم حصوله على كتلة برلمانية كافية تؤهله للمشاركة، مما اضطر حليف الحزب، أكبر أحزاب المعارضة، حزب الشعب الجمهوري (كمالي وسط)، للجوء إلى تكتيك "إعارة" نواب منه لـ"الحزب الجديد"، فاستقال 15 عضواً منه بالفعل، وانضموا إلى الحزب الجديد (الجيد)، فتجاوز الأخير عقبة حاول حزب العدالة والتنمية وضعها أمامه لمنعه من تقديم مرشحين رئاسيين وبرلمانيين.
هذا في ما يتعلق بسياق الانتخابات، أما في ما يحمله الجديد في هذه الانتخابات، فهو التحول إلى نظام رئاسي، وفق التعديل الدستوري الأخير، لتجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعد واحد، إذ سيجد الناخب في المركز الانتخابي ورقتين للتصويت، واحدة للمرشح الرئاسي، والثانية لمرشحي الأحزاب إلى البرلمان، فيضعها في ظرف واحد. ومن الأمور الجديدة في هذه الانتخابات، إمكانية إجراء التحالفات السياسية بين الأحزاب، وهو ما يساعد التشكيلات السياسية الصغيرة على دخول البرلمان من خلال إجراء هذه التحالفات مما يمكنها من اجتياز العتبة الانتخابية (10 في المائة من الأصوات). بناء عليه، ظهر تحالفان: الأول بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية باسم "التحالف الجمهوري"، مدعم أيضاً من أحزاب صغيرة، فيما التحالف الثاني هو "تحالف الشعب"، ويضم حزب الشعب الجمهوري (كمالي علماني)، والحزب الجيد (يمين قومي)، وحزب السعادة (إسلامي)، والحزب الديمقراطي. كما أنه وفق التعديل الدستوري الجديد، فإن أعضاء البرلمان ارتفع عددهم من 550 إلى 600.
كما أن النظام الجديد يسمح لرئيس الجمهورية بالانتماء إلى حزب سياسي. وترشح ستة مرشحين إلى الاستحقاق الرئاسي، هم رجب طيب أردوغان عن حزب العدالة التنمية، ومحرم إنجه عن حزب الشعب الجمهوري، وميرال أكشنر عن الحزب الجيد، وتمل كاراموللا أوغلو عن حزب السعادة، وصلاح الدين دميرطاش عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي (وهو معتقل حالياً بتهمة دعم الإرهاب)، ودوغو بيرنجي عن حزب الوطن (قومي).
عدم جمع النيابة مع الوزارة من الأمور الجديدة التي أقرتها التعديلات الدستورية، إذ سيكون على من يتولى منصباً في الوزارة الاستقالة من البرلمان. وقد رشح أردوغان معظم وزرائه الحاليين في الانتخابات البرلمانية، من بينهم صهره، وزير الطاقة، براءات البيرق، في مسعى منه إلى الدخول بقوة كبيرة في الانتخابات البرلمانية التي تشكل تحدياً كبيراً له، الأمر الذي طرح استفسارات عن مصير هؤلاء الوزراء، وعن هوية أعضاء السلطة التنفيذية الجديدة.
والرئيس في النظام الرئاسي الجديد هو من يشكل الحكومة. ويلغى منصب رئاسة الوزراء اعتباراً من الانتخابات المقبلة، بالتالي لن يضطر أردوغان إلى تأمين الغالبية البرلمانية في حال فاز هو بالرئاسة مجدداً، لكنه بحاجة إلى هذه الغالبية خوفاً من تقييد برلمان معارض له بعض صلاحياته، وفتح المجال للدعوة لانتخابات مبكرة تقوض من حكمه. وبحسب وعود لأردوغان، فإنه يعمل على تقليص عدد الوزرات، بدمج وزارات وإلغاء أخرى لتصبح 14 وزارة فقط، تساهم في تقليل البيروقراطية والنفقات، وتسرع من آلية اتخاذ القرارات، وهو لطالما قال إن من أهم أسباب التحول إلى النظام الرئاسي هو السهولة والسرعة في اتخاذ القرارات، وتفادي بيروقراطية النظام البرلماني.
وبالفعل، خلال اجتماع سريع بين أردوغان وحليفه باهشلي، أقر موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة بمجموعة مبررات اقتصادية سياسية لم تقنع الكثير من أحزاب المعارضة التي عادت وقررت السير بالموعد الجديد. ويقول كثيرون في تركيا إن طريقة اقتراح الموعد المبكر للانتخابات، عن طريق باهشلي، وملاقاة أردوغان سريعاً حليفه عند منتصف الطريق وترحيبه بالفكرة، توحي بأن أردوغان نفسه هو من دفع باهشلي إلى اقتراح تقديم الموعد عاماً ونصف العام تقريباً، من أجل رصد ردود الأفعال من المعارضة وفحص مدى استعدادها لقبول ذلك، على اعتبار أن قيام شخص آخر غير أردوغان برمي "قنبلة" الانتخابات المبكرة قد يوفر على الرئيس حملة من المعارضة قد تتهمه بأنه يخالف أولى نتائج الدستور الجديد المعدل في عام 2017 الذي أصبحت تركيا في ظله دولة بنظام رئاسي لا برلماني.
فما هي الأسباب المحلية والإقليمية والدولية والدوافع الاقتصادية التي ساهمت في جعل أردوغان يقرر دعوة 59 مليون ناخب إلى انتخابات رئاسية ونيابية مبكرة؟
تركيا يعرف عنها قبيل أي انتخابات تعرض اقتصادها لتراجع حاد، خصوصاً في قيمة الليرة، بسبب مخاوف من اهتزاز الاستقرار السياسي، وربما خروج النتائج الانتخابية بحكومات ائتلافية يدفع الاقتصاد ثمنها مثلما درجت عليه العادة قبل الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، تاريخ وصول حزب العدالة والتنمية للمرة الأولى إلى الحكم. قبل ذلك التاريخ، غالباً ما كانت النتائج تفرز فائزين كثراً، أي منهم لا يحقق غالبية كافية للحكم، فتولد حكومات ائتلافية هشة بين الكماليين والقوميين واليمين المتطرف ويسار الوسط واليسار والوسط... وهو ما كان تاريخياً يبعد المستثمرين ويتسبب بأزمات اقتصادية ونقدية هائلة. وقبيل اتخاذ قرار إنجاز الانتخابات مبكراً، كانت الليرة التركية تتراجع رويداً رويداً، محققة تراجعاً قياسياً أمام العملات الأجنبية، وخاصة الدولار واليورو، وهو ما ترافق مع تخفيض التصنيف الائتماني لتركيا ولعملتها، فشعرت الحكومة بوجود "مؤامرة" سياسية وراء ذلك ربما من المؤسسات النقدية العالمية وعواصم سياسية كبرى، وخصوصاً أن الزمن المتبقي لموعد الانتخابات كان لا يزال طويلاً، فاستغلت الحكومة ذلك الظرف من أجل تقصير الارتدادات الاقتصادية. لكن على الرغم من ذلك، واصلت الليرة التركية تراجعها غير المسبوق خلال الفترة الفاصلة بين إعلان موعد الانتخابات، وحلوله، قبل اتخاذ إجراءات من المصرف المركزي لحماية استقرار العملة.
الواقع المحلي تجلّى أيضاً ببدء عقد التحالفات المحلية والحديث عن المرشحين، فالأحزاب المعارضة كانت تسعد باكراً لعقد تحالفاتها، فاعتبر أردوغان ربما أنه لا طريقة أفضل للاستعداد معسكره من تبكير موعد الاستحقاق. لكن هناك بعداً آخر محلياً ــ إقليمياً ساهم أيضاً في تغيير موعد الانتخابات، وهو نجاح القوات التركية في التقدم بمنطقة عفرين شمال سورية، وطرد وحدات حماية الشعب الكردية من هناك، ما انعكس على الداخل التركي بشكل إيجابي في نشوة شعبية وشعور قومي بالنصر على من تصنفهم تركيا "إرهابيين". وبحسابات أردوغان وحزبه، هذا العامل المحلي التركي يمكن استثماره في المعركة الانتخابية والتأثير على الناخبين، لمصلحة "العدالة والتنمية" الحاكم، وهو ما ثبت بالفعل في الحملات الانتخابية التي يجريها الحزب.
التطورات العسكرية في سورية وفي العراق، والوضع الاقتصادي، استدعيا بالضرورة علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي وأميركا، وهي علاقات غالباً ما تشهد تراجعاً وتصعيداً متبادلاً قبل الاستحقاقات التركية المهمة، بهدف شدّ العصب القومي لخطاب أردوغان وحزبه، وهما صاحبا أدبيات قومية تستدعي الأمجاد العثمانية ــ الإسلامية بشكل دائم. كما أن طرح الانتخابات في وقت مبكر ساهم في خلط أوراق الدول الغربية التي كانت مستعدة لدعم أطراف معينة، في ظل اتهام تركيا لهذه الدول بتوفير الحماية لعناصر من "جماعة الخدمة" المصنفة "إرهابياً" في تركيا، فيما تتهم هذه الدول تركيا بأنها تمارس القمع وكبت الحريات بحق الصحافيين والمواطنين المعارضين في ظل قانون الطوارئ المستمر منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/ تموز 2016.
أما السبب الأخير لتقديم موعد الانتخابات، فتجسد في محاولة منع مشاركة حزب معارض جديد جرى تشكيله مؤخراً، وحصل على دعم كبير من الشارع التركي وشكل أملاً لعدد من الدول الغربية، وهو "الحزب الجيد"، وزعيمته ميراي أكشنر، المنشقة عن حزب الحركة القومية (يمين قومي متطرف)، بسبب ما تقول مؤسسته وجمهورها إنه ارتماء الحزب وزعيمه بهاشلي في أحضان أردوغان وحزبه. وكان أردوغان يرغب، من خلال تبكير موعد الانتخابات، بعرقلة دخول الحزب الجديد قانونياً إلى المعركة بسبب عدم مرور ستة أشهر على عقده مؤتمره التأسيسي الأول، وعدم حصوله على كتلة برلمانية كافية تؤهله للمشاركة، مما اضطر حليف الحزب، أكبر أحزاب المعارضة، حزب الشعب الجمهوري (كمالي وسط)، للجوء إلى تكتيك "إعارة" نواب منه لـ"الحزب الجديد"، فاستقال 15 عضواً منه بالفعل، وانضموا إلى الحزب الجديد (الجيد)، فتجاوز الأخير عقبة حاول حزب العدالة والتنمية وضعها أمامه لمنعه من تقديم مرشحين رئاسيين وبرلمانيين.
هذا في ما يتعلق بسياق الانتخابات، أما في ما يحمله الجديد في هذه الانتخابات، فهو التحول إلى نظام رئاسي، وفق التعديل الدستوري الأخير، لتجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعد واحد، إذ سيجد الناخب في المركز الانتخابي ورقتين للتصويت، واحدة للمرشح الرئاسي، والثانية لمرشحي الأحزاب إلى البرلمان، فيضعها في ظرف واحد. ومن الأمور الجديدة في هذه الانتخابات، إمكانية إجراء التحالفات السياسية بين الأحزاب، وهو ما يساعد التشكيلات السياسية الصغيرة على دخول البرلمان من خلال إجراء هذه التحالفات مما يمكنها من اجتياز العتبة الانتخابية (10 في المائة من الأصوات). بناء عليه، ظهر تحالفان: الأول بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية باسم "التحالف الجمهوري"، مدعم أيضاً من أحزاب صغيرة، فيما التحالف الثاني هو "تحالف الشعب"، ويضم حزب الشعب الجمهوري (كمالي علماني)، والحزب الجيد (يمين قومي)، وحزب السعادة (إسلامي)، والحزب الديمقراطي. كما أنه وفق التعديل الدستوري الجديد، فإن أعضاء البرلمان ارتفع عددهم من 550 إلى 600.
كما أن النظام الجديد يسمح لرئيس الجمهورية بالانتماء إلى حزب سياسي. وترشح ستة مرشحين إلى الاستحقاق الرئاسي، هم رجب طيب أردوغان عن حزب العدالة التنمية، ومحرم إنجه عن حزب الشعب الجمهوري، وميرال أكشنر عن الحزب الجيد، وتمل كاراموللا أوغلو عن حزب السعادة، وصلاح الدين دميرطاش عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي (وهو معتقل حالياً بتهمة دعم الإرهاب)، ودوغو بيرنجي عن حزب الوطن (قومي).
عدم جمع النيابة مع الوزارة من الأمور الجديدة التي أقرتها التعديلات الدستورية، إذ سيكون على من يتولى منصباً في الوزارة الاستقالة من البرلمان. وقد رشح أردوغان معظم وزرائه الحاليين في الانتخابات البرلمانية، من بينهم صهره، وزير الطاقة، براءات البيرق، في مسعى منه إلى الدخول بقوة كبيرة في الانتخابات البرلمانية التي تشكل تحدياً كبيراً له، الأمر الذي طرح استفسارات عن مصير هؤلاء الوزراء، وعن هوية أعضاء السلطة التنفيذية الجديدة.
والرئيس في النظام الرئاسي الجديد هو من يشكل الحكومة. ويلغى منصب رئاسة الوزراء اعتباراً من الانتخابات المقبلة، بالتالي لن يضطر أردوغان إلى تأمين الغالبية البرلمانية في حال فاز هو بالرئاسة مجدداً، لكنه بحاجة إلى هذه الغالبية خوفاً من تقييد برلمان معارض له بعض صلاحياته، وفتح المجال للدعوة لانتخابات مبكرة تقوض من حكمه. وبحسب وعود لأردوغان، فإنه يعمل على تقليص عدد الوزرات، بدمج وزارات وإلغاء أخرى لتصبح 14 وزارة فقط، تساهم في تقليل البيروقراطية والنفقات، وتسرع من آلية اتخاذ القرارات، وهو لطالما قال إن من أهم أسباب التحول إلى النظام الرئاسي هو السهولة والسرعة في اتخاذ القرارات، وتفادي بيروقراطية النظام البرلماني.