نزاعات تزيح التعاون... الاقتصاد يغيب في القمة الخليجية الثانية بعد الحصار

09 ديسمبر 2018
قطر واصلت نموها رغم الحصار (Getty)
+ الخط -
كانت قمة مجلس التعاون الخليجي، اليوم بالعاصمة السعودية الرياض، هي الثانية بعد الحصار الذي فرض على قطر منذ أكثر من عام ونصف، في ظل غياب تام للمشروعات الاقتصادية المشتركة بين الدول الخليجية.

ولم يقتصر الأمر هذه المرة على غياب بحث استكمال ملفات الاتحاد الجمركي والعملة الخليجية الموحدة وغيرها، بل عقدت القمة وسط نزاعات تجارية وتباعد اقتصادي بين دول المجلس، ما يعرقل أية فرصة لاسترجاع دفء العلاقات الخليجية في هذا المجال، حسب مراقبين لـ"العربي الجديد".

ويأتي ذلك رغم التواصل الشكلي الذي جرى بين فرقاء الخليج حيث وجهت السعودية دعوة رسمية لقطر من أجل حضور القمة الخليجية الـ"39 في الرياض، إلا أن الخلافات والفتور خيما على الأجواء.

وكان من الطبيعي أن تبحث قمة الرياض المشروعات المشتركة الخمس الكبرى وهي: الاتحاد الجمركي، ومنطقة التجارة الحرة والسوق المشتركة، والبنك المركزي والعملة الموحدة، وإنشاء السكك الحديدية، والربط الكهربائي، ولكن استمرار حصار قطر غيب هذه الملفات للقمة الثانية على التوالي لتحل بدلا منها النزاعات والانشقاقات التجارية والاقتصادية.

وحسب وكالة بلومبيرغ الأميركية، اليوم الأحد، فإن قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، ازدهرت لديها طرق التجارة البديلة بعد الحصار ما يعني أن اقتصادها قوي بما فيه الكفاية للتعامل مع البقاء لفترة طويلة في برد العلاقات الخليجية.

وأعلنت قطر الأسبوع الماضي خططًا للتخلي عن منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، وهي خطوة قال المحللون إنها مدفوعة بزيادة الهيمنة السعودية على المنظمة، وفقا لتقرير بلومبيرغ الذي وصف القمة الخليجية بالمتصدعة.

وقالت بلومبيرغ إن الدعوة التي وجهها الملك سلمان بن عبد العزيز إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لحضور التجمع الخليجي أمس، بعد 18 شهراً من الحصار، لم تكن كافية لبناء جسر بين الدول المتناحرة.
ويعد مجلس التعاون الخليجي واحداً من أكبر التكتلات، إذ بلغ حجم اقتصاد دوله بنهاية عام 2015 نحو 1.5 تريليون دولار.

وشهد التبادل التجاري بين الدول الخليجية ارتفاعاً ملحوظا من عام لآخر قبل الحصار، الأمر الذي كاد أن يمهّد لتحقيق الوحدة الجمركية والسوق المشتركة، وحسب المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي، ارتفعت قيمة التجارة البينية لدول الخليج إلى 50.5 مليار دولار بنسبة 53.8% في عام 2015 مقارنة بما كانت عليه في عام 2010، إذ بلغت 32.8 مليار دولار.

ولكن بعد الحصار تراجع التبادل التجاري بشكل ملحوظ بعد ذهاب قطر إلى بدائل تجارية أخرى في ظل توقف تعاونها الاقتصادي مع 3 دول خليجية مشاركة في حصار الدوحة.

وكانت كل من السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر أعلنت حصار قطر برياً وبحرياً وجوياً يوم 5 يونيو/ حزيران 2017، بتهمة تمويل الإرهاب وهو ما نفته الدوحة.

ويبدو أن مجلس التعاون الذي كان يهدف إلى الذهاب نحو سادس أكبر اقتصاد في العالم يتجه إلى مزيد من التصدع الاقتصادي بعد استمرار حصار قطر طوال نحو 18 شهراً إذ وصل الأمر إلى تصعيد الدوحة خلافاتها مع دول الحصار إلى منظمة التجارة العالمية.

وفي هذا السياق، قال نائب رئيس الغرفة التجارية السابق، عبد العزيز العمادي، لـ"العربي الجديد" إن القمة الخليجية أصبحت بلا أهداف سياسية أو اقتصادية بعد إعلان حصار قطر منذ أكثر من عام ونصف، ولا جدوى من الحديث حول المشروعات الخليجية المشتركة الكبرى والتكامل الاقتصادي في ظل استمرار الحصار.

وأكد أن قطر اليوم تختلف تماما حيث اتجهت إلى الاعتماد على نفسها ونجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الضرورية مثل اللحوم البيضاء والحمراء والألبان كما وجهت اهتماما خاصاً بالصناعات المختلفة.

وأضاف العمادي: لا يمكن أن تعود قطر إلى الوراء مرة أخرى، وحتى لو تم فك الحصار فإن المعادلة تغيرت وستستمر قطر في نهضتها التنموية والاقتصادية وتعزيز بدائلها التجارية ولن تعود للاعتماد على الدول التي حاصرتها مرة أخرى في توفير السلع المختلفة.

وباتت مشروعات الاتحاد الجمركي والعملة الموحدة والسوق المشتركة وغيرها غير قابلة للتنفيذ في ظل استمرار الحصار، حسب المراقبين.

وقال المحلل الاقتصادي أحمد عقل لـ"العربي الجديد" إن أي تكامل اقتصادي بين مجموعة من الدول يحتاج إلى رؤية سياسية موحدة لها بالإضافة إلى تسهيل حركة رؤوس الأموال والاستثمارات ونقل البضائع بينها وهو ما لا يتوفر الآن في المنطقة، بسبب حصار دول خليجية لقطر.

وأبدى عقل أمله في إنهاء النزاعات من أجل استكمال مشروعات الربط الكهربائي والنقل عبر السكك الحديدية وغيرها، مشدّدا على أنه كلما طالت الأزمة الخليجية أصبحت استعادة عجلة التعاون الاقتصادي الخليجي للدوران مرة أخرى أكثر صعوبة حيث ستتجه كل دولة إلى البحث عن تعزيز مصالحها بعيداً عن تكتل مجلس التعاون.

المساهمون