يعدّ الاقتصاد الأسترالي أحد أكبر الاقتصادات المختلطة في العالم، فقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي 1.5 تريليون دولار في عام 2014، محتلاً المرتبة الـ 12 عالمياً كأكبر اقتصاد وطني، أو ما يعادل 1.7٪ من حجم الاقتصاد العالمي، وفي المرتبة الـ 19 كأكبر مستورد ومصدّر في العالم. وبرغم هيمنة قطاع الخدمات على الاقتصاد الأسترالي، مشكلاً نحو ثلثي الناتج، إلا أن قطاع التعدين والقطاع الزراعي أصبحا يشكلان جزءاً هاماً من الاقتصاد (12٪ من الناتج)، حيث يتم تصدير معظم منتجات القطاعين إلى أسواق شرق آسيا.
وقد شهدت أستراليا فترات من الازدهار الاقتصادي، حيث بلغ المتوسط السنوي لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للقرن الماضي نحو 3.5٪، وصل ذروته خلال فترة الثمانينيات عندما خضع فيها الاقتصاد الأسترالي لعملية تحرير واسعة النطاق تم فيها تعويم الدولار الأسترالي لأول مرة في تاريخه في عام 1983، وإزالة القيود المالية خلال عهد رئيس الوزراء السابق، بوب هوك. ومع تزايد الإنفاق الحكومي على وسائل النقل والاتصالات والبنى التحتية، الذي كان له دور بارز في التوسع الاقتصادي، أصبحت الهجرة إلى أستراليا من الأمور التي شجعت عليها الدولة لتلبية الطلب المتزايد على العمال، حيث اجتذبت الفرص الاقتصادية في مجال الرعي والتعدين كميات كبيرة من رأس المال البريطاني، تحديداً.
اقرأ أيضا: سطوع نجم اقتصاد فيتنام
لكن هذا النمو بدأ بالانحسار التدريجي متأثراً بتبعات ما أصبح يُعرف بـ "يوم الاثنين الأسود" في إثر النكسة، التي عصفت بأسواق المال في نهاية عام 1987، والناجمة عن انهيار سوق الأسهم الأميركية بشكل غير مسبوق متسببة في انزلاق مؤشر "داو جونز الصناعي" بنسبة 23% خلال ذلك اليوم. نتيجة لذلك، عانت العديد من الدول، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد الأميركي، بما في ذلك أستراليا، من الركود الاقتصادي، فانخفض الناتج المحلي الأسترالي بنسبة 2%، والعمالة بنسبة 4%، وارتفع معدل البطالة إلى أكثر من 11%.
تمكنت أستراليا من الخروج من هذه المعضلة الاقتصادية من خلال اهتمامها بقطاع التعدين (بما في ذلك النفط) الذي كان من بين أكثر القطاعات الاقتصادية نمواً خلال العقدين الماضيين، حيث نما من 4٪ في عام 1994، إلى ما يقرب من 9٪ في عام 2014.
بالإضافة إلى ذلك، سعت أستراليا، منذ ذلك الحين، إلى استغلال مواردها الطبيعية على نحو أكثر كفاءة، فأصبحت اليوم مصدراً رئيسياً للمنتجات الزراعية، مثل القمح والصوف، والمعادن مثل خام الحديد والذهب، والطاقة بأشكالها المختلفة بما في ذلك الغاز الطبيعي والفحم. ورغم أن الزراعة والموارد الطبيعية تشكلان فقط 3 و5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، على التوالي، إلا أنهما تُسهمان بشكل كبير في تعزيز أداء الصادرات.
اقرأ أيضا: النمسا تعزف سيمفونية النجاح
وكان لخصخصة المؤسسات العامة تأثير مالي إيجابي كبير على الاقتصاد الأسترالي، حيث تميزت أستراليا، منذ البداية، بخصخصتها شركات تجارية كبرى كانت مملوكة للدولة في السابق. وفي حين كانت الولايات الأسترالية تعتمد على الشركات المملوكة للدولة لتطوير البنية التحتية الحضرية، دخلت الحكومات الاتحادية المدعومة من الدولة في عملية خصخصة واسعة النطاق شملت خدمات تأهيل البنية التحتية، وذلك في ثمانينيات القرن الماضي. ساعدت هذه السياسة في تفريغ الخسائر المتراكمة من دفاتر الدولة، وتخفيض الأسعار على المستهلكين، وتراجع العجز والدين العام، مما أسهم في جعل الشركات العامة المتبقية أكثر ربحية واستقراراً. علاوة على ذلك، صُممت الخصخصة بشكل يمنع إحلال الاحتكار الخاص محل الاحتكار العام، تجنباً لما بات يُطلق عليه بـ "المرض الأرجنتيني".
اقرأ أيضا: تايوان... مثال للاقتصاد العائلي
في الواقع، كانت السنوات الست الأخيرة الأكثر قساوة على الاقتصاد العالمي منذ "الكساد العظيم"، الذي ضرب الاقتصاد الأميركي قبل نحو ثمانية عقود وتحمل الاقتصاد العالمي تبعاته التدميرية. برغم ذلك، تمكنت أستراليا، بقيادة فريق من الاقتصاديين المتميزين، من تجنيب البلاد خراباً اجتماعياً واقتصادياً أكثر سوءاً كالذي أصاب العديد من الدول، التي تضررت جراء تفاقم الأزمة المالية العالمية. واليوم، فإن أستراليا تكاد تكون الوحيدة من بين دول العالم المتقدم التي حافظت على معدلات بطالة متدنية تراوحت بين 5 و6٪، ونجحت أيضاً، في إضافة نحو مليون وظيفة جديدة ساعدت على توسّع اقتصادها.
(خبير اقتصادي أردني)
وقد شهدت أستراليا فترات من الازدهار الاقتصادي، حيث بلغ المتوسط السنوي لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للقرن الماضي نحو 3.5٪، وصل ذروته خلال فترة الثمانينيات عندما خضع فيها الاقتصاد الأسترالي لعملية تحرير واسعة النطاق تم فيها تعويم الدولار الأسترالي لأول مرة في تاريخه في عام 1983، وإزالة القيود المالية خلال عهد رئيس الوزراء السابق، بوب هوك. ومع تزايد الإنفاق الحكومي على وسائل النقل والاتصالات والبنى التحتية، الذي كان له دور بارز في التوسع الاقتصادي، أصبحت الهجرة إلى أستراليا من الأمور التي شجعت عليها الدولة لتلبية الطلب المتزايد على العمال، حيث اجتذبت الفرص الاقتصادية في مجال الرعي والتعدين كميات كبيرة من رأس المال البريطاني، تحديداً.
اقرأ أيضا: سطوع نجم اقتصاد فيتنام
لكن هذا النمو بدأ بالانحسار التدريجي متأثراً بتبعات ما أصبح يُعرف بـ "يوم الاثنين الأسود" في إثر النكسة، التي عصفت بأسواق المال في نهاية عام 1987، والناجمة عن انهيار سوق الأسهم الأميركية بشكل غير مسبوق متسببة في انزلاق مؤشر "داو جونز الصناعي" بنسبة 23% خلال ذلك اليوم. نتيجة لذلك، عانت العديد من الدول، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد الأميركي، بما في ذلك أستراليا، من الركود الاقتصادي، فانخفض الناتج المحلي الأسترالي بنسبة 2%، والعمالة بنسبة 4%، وارتفع معدل البطالة إلى أكثر من 11%.
تمكنت أستراليا من الخروج من هذه المعضلة الاقتصادية من خلال اهتمامها بقطاع التعدين (بما في ذلك النفط) الذي كان من بين أكثر القطاعات الاقتصادية نمواً خلال العقدين الماضيين، حيث نما من 4٪ في عام 1994، إلى ما يقرب من 9٪ في عام 2014.
بالإضافة إلى ذلك، سعت أستراليا، منذ ذلك الحين، إلى استغلال مواردها الطبيعية على نحو أكثر كفاءة، فأصبحت اليوم مصدراً رئيسياً للمنتجات الزراعية، مثل القمح والصوف، والمعادن مثل خام الحديد والذهب، والطاقة بأشكالها المختلفة بما في ذلك الغاز الطبيعي والفحم. ورغم أن الزراعة والموارد الطبيعية تشكلان فقط 3 و5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، على التوالي، إلا أنهما تُسهمان بشكل كبير في تعزيز أداء الصادرات.
اقرأ أيضا: النمسا تعزف سيمفونية النجاح
وكان لخصخصة المؤسسات العامة تأثير مالي إيجابي كبير على الاقتصاد الأسترالي، حيث تميزت أستراليا، منذ البداية، بخصخصتها شركات تجارية كبرى كانت مملوكة للدولة في السابق. وفي حين كانت الولايات الأسترالية تعتمد على الشركات المملوكة للدولة لتطوير البنية التحتية الحضرية، دخلت الحكومات الاتحادية المدعومة من الدولة في عملية خصخصة واسعة النطاق شملت خدمات تأهيل البنية التحتية، وذلك في ثمانينيات القرن الماضي. ساعدت هذه السياسة في تفريغ الخسائر المتراكمة من دفاتر الدولة، وتخفيض الأسعار على المستهلكين، وتراجع العجز والدين العام، مما أسهم في جعل الشركات العامة المتبقية أكثر ربحية واستقراراً. علاوة على ذلك، صُممت الخصخصة بشكل يمنع إحلال الاحتكار الخاص محل الاحتكار العام، تجنباً لما بات يُطلق عليه بـ "المرض الأرجنتيني".
اقرأ أيضا: تايوان... مثال للاقتصاد العائلي
في الواقع، كانت السنوات الست الأخيرة الأكثر قساوة على الاقتصاد العالمي منذ "الكساد العظيم"، الذي ضرب الاقتصاد الأميركي قبل نحو ثمانية عقود وتحمل الاقتصاد العالمي تبعاته التدميرية. برغم ذلك، تمكنت أستراليا، بقيادة فريق من الاقتصاديين المتميزين، من تجنيب البلاد خراباً اجتماعياً واقتصادياً أكثر سوءاً كالذي أصاب العديد من الدول، التي تضررت جراء تفاقم الأزمة المالية العالمية. واليوم، فإن أستراليا تكاد تكون الوحيدة من بين دول العالم المتقدم التي حافظت على معدلات بطالة متدنية تراوحت بين 5 و6٪، ونجحت أيضاً، في إضافة نحو مليون وظيفة جديدة ساعدت على توسّع اقتصادها.
(خبير اقتصادي أردني)