06 نوفمبر 2024
الاستيطان أولاً ودائمًا
لا تزال تتردد أصداء التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، حول مساهمة الحكومة الحالية لدولة الاحتلال في تسمين المشروع الاستيطاني في الأراضي المحتلة منذ العام 1967. فقد أعلن ليبرمان أن أرقام البناء في المستوطنات خلال النصف الأول من عام 2017 هي الأعلى منذ 1992. وأضاف أنه خلال الأسبوع الفائت فقط تمّ إعطاء ضوء أخضر لإقامة 3651 وحدة سكنية جديدة في تلك المستوطنات. ومنذ بدء العام الحالي، تمت المصادقة على إقامة 8345 وحدة سكنية جديدة، ووصف هذه الأرقام بأنها "الحدّ الأقصى الذي يُمكن السماح به في الظروف الراهنة" (وسائل الإعلام الإسرائيلية، 11/6/2017).
قد توحي هذه التصريحات بأن حكومات بنيامين نتنياهو المتتالية منذ 2009، هي الأشدّ حرصًا على تكريس المشروع الاستيطاني في أراضي 1967، غير أن الوقائع تعزو هذا الحرص أيضًا إلى كل الحكومات قبل 2009، بل وحتى فور احتلال مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.
مثلًا، في 3 فبراير/ شباط 2006 نشر الملحق الأسبوعي "7 أيام" التابع لصحيفة يديعوت أحرونوت تقريرًا مطولًا أشار فيه إلى معطيات بحثٍ جديد، جرى إعداده بتكليف من القائم بأعمال رئيس الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت، إيهود أولمرت، يشتمل لأول مرة على تلخيص الميزانيات التي صرفت في مستوطنات أراضي 1967، وحجم البناء في الضفة الغربية. واعتبر كاتب التقرير أن هذا البحث وضع نهايةً لما أسماها السريّة التي اتسمت بها أعمال البناء الإسرائيلية في الضفة.
ووفقًا لتلك المعطيات، بلغ حجم الميزانيات التي صرفت على المستوطنات ما نسبته 15% من الناتج القومي في دولة الاحتلال، ووصل نصف هذا المبلغ من الميزانية العامة للدولة، والباقي من مبادرات شخصية. بالإضافة إلى هذا، لم تشمل الميزانية التي تكلفت بها الدولة تسهيلات وامتيازات متعددة، حظي بها من انتقل إلى السكن في الأراضي المحتلة، مثل التسهيلات الضريبية والمنح المالية والامتيازات الأخرى، وهذا يعني أن الميزانية التي صُرفت على المستوطنات والمستوطنين أكبر بكثير. وبهذه الأموال، تم بناء 14 مليون متر مربع من البناء للسكن، فضلًا عن مبان عامة ومبان صناعية وتجارية وشوارع وبنى تحتية، هذا من دون المباني المُخصصة للأغراض العسكرية.
ولا شكّ في أنه كان ثمّة هدف سافر من هذا البحث، كما من تصريحات ليبرمان السالفة، وهو وضع مسألة الاستيطان في أراضي 1967 ضمن سياقها الصحيح الذي يحيل إلى أن الحكومات الإسرائيلية، وليس بضع حركات في الهامش، هي صاحبة الحقّ الأول والأخير عن هذا المشروع المتواصل.
وأمر هذا الحقّ غير مقتصر على الحكومات اليمينية، مع مراعاة التحفظ المعهود من التقسيم العامودي ما بين يمين ويسار في كينونة إسرائيل. لكن ذلك لا يمنع رؤية أن حكومات ذلك "اليسار" لم تكن أقل غلواءً في هذا الشأن. وإذا ما أخذنا "مسار أوسلو" نقطةً زمنية للتقدير، فلا بدّ من استعادة حكم القيمة القائل إن جميع خروق إسرائيل ما تضمنه ذلك الاتفاق من التزامات تكاد تتقزّم حيال سلوكها في قضية الاستيطان، وقد تمثلت غايته الرئيسية وقتئذ في إيجاد ظروف ووقائع ميدانية تحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات تواصل إقليمي ضمن خطوط 1967. ونتيجة لذلك، أصبح المستوطنون وأنصارهم، على مدار الأعوام، عنصرًا شديد التأثير في الساحة السياسية في إسرائيل. وحقيقة أن أي حكومة في إسرائيل لم تفلح بعد أوسلو في إتمام ولايتها القانونية تعدّ تعبيرًا ملموسًا عن جوهر هذا التأثير. ويلفت النظر، في هذا الخصوص، أن جميع حكومات إسرائيل، المتعاقبة منذ ذلك الاتفاق، أيّدت وأعطت الضوء الأخضر لتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي وإيجاد مواقد احتكاك مع الفلسطينيين بين الفينة والأخرى. وخلال الأعوام الثمانية الأولى من عملية أوسلو، زاد عدد المستوطنين في أراضي 1967 بنحو 80%، فيما يشكل التكاثر الطبيعيّ نسبة ضئيلة من هذا الازدياد!.
قد توحي هذه التصريحات بأن حكومات بنيامين نتنياهو المتتالية منذ 2009، هي الأشدّ حرصًا على تكريس المشروع الاستيطاني في أراضي 1967، غير أن الوقائع تعزو هذا الحرص أيضًا إلى كل الحكومات قبل 2009، بل وحتى فور احتلال مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.
مثلًا، في 3 فبراير/ شباط 2006 نشر الملحق الأسبوعي "7 أيام" التابع لصحيفة يديعوت أحرونوت تقريرًا مطولًا أشار فيه إلى معطيات بحثٍ جديد، جرى إعداده بتكليف من القائم بأعمال رئيس الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت، إيهود أولمرت، يشتمل لأول مرة على تلخيص الميزانيات التي صرفت في مستوطنات أراضي 1967، وحجم البناء في الضفة الغربية. واعتبر كاتب التقرير أن هذا البحث وضع نهايةً لما أسماها السريّة التي اتسمت بها أعمال البناء الإسرائيلية في الضفة.
ووفقًا لتلك المعطيات، بلغ حجم الميزانيات التي صرفت على المستوطنات ما نسبته 15% من الناتج القومي في دولة الاحتلال، ووصل نصف هذا المبلغ من الميزانية العامة للدولة، والباقي من مبادرات شخصية. بالإضافة إلى هذا، لم تشمل الميزانية التي تكلفت بها الدولة تسهيلات وامتيازات متعددة، حظي بها من انتقل إلى السكن في الأراضي المحتلة، مثل التسهيلات الضريبية والمنح المالية والامتيازات الأخرى، وهذا يعني أن الميزانية التي صُرفت على المستوطنات والمستوطنين أكبر بكثير. وبهذه الأموال، تم بناء 14 مليون متر مربع من البناء للسكن، فضلًا عن مبان عامة ومبان صناعية وتجارية وشوارع وبنى تحتية، هذا من دون المباني المُخصصة للأغراض العسكرية.
ولا شكّ في أنه كان ثمّة هدف سافر من هذا البحث، كما من تصريحات ليبرمان السالفة، وهو وضع مسألة الاستيطان في أراضي 1967 ضمن سياقها الصحيح الذي يحيل إلى أن الحكومات الإسرائيلية، وليس بضع حركات في الهامش، هي صاحبة الحقّ الأول والأخير عن هذا المشروع المتواصل.
وأمر هذا الحقّ غير مقتصر على الحكومات اليمينية، مع مراعاة التحفظ المعهود من التقسيم العامودي ما بين يمين ويسار في كينونة إسرائيل. لكن ذلك لا يمنع رؤية أن حكومات ذلك "اليسار" لم تكن أقل غلواءً في هذا الشأن. وإذا ما أخذنا "مسار أوسلو" نقطةً زمنية للتقدير، فلا بدّ من استعادة حكم القيمة القائل إن جميع خروق إسرائيل ما تضمنه ذلك الاتفاق من التزامات تكاد تتقزّم حيال سلوكها في قضية الاستيطان، وقد تمثلت غايته الرئيسية وقتئذ في إيجاد ظروف ووقائع ميدانية تحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات تواصل إقليمي ضمن خطوط 1967. ونتيجة لذلك، أصبح المستوطنون وأنصارهم، على مدار الأعوام، عنصرًا شديد التأثير في الساحة السياسية في إسرائيل. وحقيقة أن أي حكومة في إسرائيل لم تفلح بعد أوسلو في إتمام ولايتها القانونية تعدّ تعبيرًا ملموسًا عن جوهر هذا التأثير. ويلفت النظر، في هذا الخصوص، أن جميع حكومات إسرائيل، المتعاقبة منذ ذلك الاتفاق، أيّدت وأعطت الضوء الأخضر لتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي وإيجاد مواقد احتكاك مع الفلسطينيين بين الفينة والأخرى. وخلال الأعوام الثمانية الأولى من عملية أوسلو، زاد عدد المستوطنين في أراضي 1967 بنحو 80%، فيما يشكل التكاثر الطبيعيّ نسبة ضئيلة من هذا الازدياد!.