الاستهداف الديمقراطي للنائبة الأميركية إلهان عمر: كيف أثرت أموال اللوبي الإسرائيلي؟

09 مارس 2019
خلفيات مواقف الديمقراطيين تؤكد صحة مطالب عمر (أليكس وونغ/Getty)
+ الخط -
يبدو أنّ معركة عضو الكونغرس الأميركي، الديمقراطية إلهان عمر، بشأن أثر ضغط اللوبي المؤيد لإسرائيل على السياسة الأميركية، لم تقتصر على الكونغرس الذي لاحقها باتهامات "معاداة السامية"، بل امتدت لتثير انقساماً في حزبها، يبدو أنّه مرتبط كذلك بتمويل هذا اللوبي تحديداً.

فمجرد إلقاء نظرة على مواقف الديمقراطيين في مجلس النواب، وردود مرشحي الرئاسة الأميركية لعام 2020 على الخلاف الناتج من تصريحات عمر، يؤكد صحة مطالبها، وفق ما تذكر صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، في تقرير، اليوم السبت.

وتوضح الصحيفة، أنّ الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي، الذين صاغوا مشروع قرار استهدف في البداية إدانة تصريحات عمر، تلقّوا على مدى مسيرتهم، الملايين من اللوبي المؤيد لإسرائيل.

وفي هذا الإطار، تشير الصحيفة إلى أنّ عضو الكونغرس إليوت إنغل، الذي اتهم عمر باستخدام "افتراءات حقيرة معادية للسامية"، تلقّى حوالى 1.07 مليون دولار على مدى مسيرته المهنية، أو حوالى 107 ألف دولار لكل جولة انتخابات.

في المقابل، تشير الصحيفة، إلى أنّ  بعض المدافعين بقوة عن عمر، لم يتلقوا مالاً أو تلقوا القليل منه، من اللوبي المؤيد لإسرائيل.

وتضرب الصحيفة مثلاً بعضو الكونغرس الديمقراطية رشيدة طليب التي لم تتلقّ أي تبرعات من اللوبي المؤيد لإسرائيل، خلال حملتها الانتخابية في عام 2018، وغرّدت على "تويتر"، قائلة إنّها "تشرفت" بالعمل في الحزب مع عمر، معتبرة أنّ زميلتها تتعرّض لـ"هجمات قبيحة".


وبالمثل، تشير سجلات الانتخابات الفيدرالية المتاحة على موقع "OpenSecrets"؛ التابع لمركز السياسات المستجيبة"، إلى وجود علاقة بين مساهمات حملات اللوبي المؤيد لإسرائيل، وموقف المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين، بشأن الجدل الذي أثارته عمر.

ووفق ما تنقل الصحيفة، فإنّ المرشحين الذين حصلوا على القليل من المال من هذا اللوبي، دافعوا عن موقف عمر، في حين أنّ أولئك الذين تلقوا قدراً أكبر من المال، عمدوا إلى انتقادها، أو على أقل تقدير التزموا الصمت حيالها.

يوضح بريندان فيشر، الخبير في شؤون تمويل الحملات الانتخابية، للصحيفة أنّ "المال يؤثر في كلا الاتجاهين؛ المانحون يقدّمون المال للمرشحين الذين يعتبرونهم أبطال قضاياهم، لكن في الوقت نفسه، يعرف السياسيون مصادر تمويلهم، وسوف يأخذون في الاعتبار رغبات المانحين عندما يواجهون امتحان اتخاذ قرار صعب".

وأضاف فيشر أنّه في حين قد لا يكون هناك "مقايضة" فعلاً، إلا أنّ النظام السياسي الأميركي "يعتمد بشدة على المال، حيث توجد دائماً أسئلة حول مدى تأثيره على السياسيين".

موقف الديمقراطيين المرشحين للرئاسة 2020

تلقّى المرشحون الديموقراطيون للرئاسة، والسيناتور بيرني ساندرز، وكامالا هاريس، وإليزابيث وارن، القليل نسبياً من مال اللوبي المؤيد لإسرائيل، طوال فترة عملهم، وأصدروا مؤخراً بيانات تأييد لعمر.

تلقّى ساندرز حوالى 16 ألف دولار، أو 1450 دولاراً لكل حملة انتخابية، في حين تلقّت وارن حوالي 107 ألف دولار، أو 53500 دولار لكل حملة انتخابية. أما هاريس التي فازت في الجولة الأولى لانتخابات مجلس الشيوخ، فقد حصلت على 41 ألف دولار، خلال الدورة الانتخابية لعام 2016.

في بيانات منفصلة، عبّر ساندرز عن مخاوفه من أنّ "ما يجري في مجلس النواب الآن هو محاولة لاستهداف عضو الكونغرس إلهان عمر، كمحاولة لإفساد هذا النقاش (حول سياسة إسرائيل)"، بينما قالت وارن إنّ "وسم انتقاد إسرائيل على أنّه معادٍ للسامية، يثير بشكل تلقائي مخاوف من خطابنا العام"، في حين أعربت هاريس عن خشيتها من أنّ "تسليط الضوء على عضو الكونغرس إلهان عمر، قد يعرّضها للخطر".

وقد أصدر ساندرز وهاريس ووارن، بياناتهم، في الأيام التي سبقت تصويت مجلس النواب، يوم الخميس، على مشروع قانون قدّمه الديمقراطيون يدين "معاداة السامية"، و"كراهية الإسلام" (إسلاموفوبيا) والتعبيرات الأخرى عن التعصّب.


ومن بين المرشحين الرئاسيين الذين حصلوا على مال أكثر من هؤلاء، من اللوبي المؤيد لإسرائيل، السيناتور غوري بوكر، الذي وصف تعليقات عمر بأنّها "مزعجة". وتشير "ذا غارديان" إلى أنّ بوكر حصل على 445 ألف دولار خلال حملته الانتخابية للترشح إلى مجلس الشيوخ فقط.

بدورها، السيناتورة كيرستن جيليبراند، التي حصلت على حوالي 367 ألف دولار، أو 91750 دولاراً لكل حملة انتخابية، اعتبرت أنّ "الموقف المنتقد لإسرائيل يجب أن يُتخذ من دون توظيف استعارات معادية للسامية عن المال أو النفوذ".

أما أولئك الذين التزموا الصمت حيال الجدل القائم، فمنهم جو بايدن، الذي لم يعلن عن ترشحه المنتظر بعد إلى انتخابات الرئاسة 2020. وقد تلقّى حوالى 476 ألف دولار، أو حوالي 95200 دولار لكل حملة انتخابية. وكذلك إيمي كلوبوشار التي تلقّت مبلغ 267 ألف دولار، أو 89 ألف دولار لكل حملة.

ولا توجد سجلات فيدرالية متاحة حول السيناتور جون هيكنلوبر، غير أنّ الحاكم السابق لولاية كولورادو، تحدّث في مؤتمر اللوبي المؤيد لإسرائيل "إيباك"، ووصف إسرائيل بأنّها "حليفة قوية".


وكان الحزب الديمقراطي قد قدّم في البداية مشروع القانون إلى مجلس النواب، رداً على العديد من تعليقات عمر حول تأثير اللوبي المؤيد لإسرائيل في السياسة الأميركية. وقد أدانت نسخة صيغت في وقت سابق من هذا الأسبوع، "معاداة السامية" فقط، وبدا أنّها تستهدف تعليقات عمر دون ذكرها بشكل صريح.

غير أنّ عمر لم تتراجع رغم ذلك عن تصريحاتها، وكتبت تغريدة رداً على ذلك، تماشياً مع تصريحات وارن، ساندرز وهاريس.

وقالت عمر، في تغريدة على "تويتر"، "أن تكون معارضاً لـ(رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو والاحتلال، لا يعني الموقف نفسه بأن تكون معادياً للسامية. أنا ممتنة لكل الحلفاء اليهود الكثر الذين صرّحوا وقالوا هذا الشيء ذاته".


كما عبّر الجناح الأصغر والأكثر تقدماً في الحزب الديمقراطي، عن موقف يدافع عن عمر، كاشفاً عن "صدع إيديولوجي" في الحزب، وفق ما تقول الصحيفة.

وجادل هؤلاء بأنّ السؤال عن تأثير اللوبي المؤيد لإسرائيل، لا يُعتبر أمراً "معادياً للسامية"، في حين رأى تقدّميون في الحزب، وبعض أعضاء "التجمّع الأسود"، أنّ الهجوم استهدف عمر بشكل مجحف، لأنّها مسلمة سوداء.

وأشار هؤلاء إلى أنّ قيادة الحزب الديمقراطي لم تصُغ على سبيل المثال مشروع قانون يدين دونالد ترامب أو غيره من الجمهوريين البيض، على خلفية تعليقاتهم "المعادية للسامية".

وتشير الصحيفة إلى أنّ مشروع القانون تم تطويره بحلول يوم الخميس، وفي النهاية مرر مجلس النواب ما بدا أنّه مشروع قانون مصمم لوقف الجدل المكثف داخل المجلس، أكثر من كونه مشروعاً لإدانة عمر.

فقد أدان مشروع القانون التعصّب على نطاق واسع، وجاء فيه "سواء من اليمين السياسي أو الوسط أو اليسار، فإنّ التعصب أو التمييز والقمع والعنصرية واتهامات الولاء المزدوج، يهدد الديمقراطية الأميركية ولا مكان له في الخطاب السياسي الأميركي".

وتلفت الصحيفة إلى أنّ عمر نفسها صوّتت لصالح مشروع القانون هذا، في حين لم يوافق عليه 23 نائباً جمهورياً.