الاستثمار الناجح: هذه هي الأسس ‏

22 أكتوبر 2014
الاستثمارات الناجحة تحتاج للحنكة (مروان نعماني/فرانس برس/getty)
+ الخط -
اختيار البيئة الاستثمارية والاطلاع على القوانين وخصوصاً الاستثمارية منها والتعرف إلى النظام القضائي والإجراءات التشريعية والحكومية... مبادىء أساسية اتفق خبراء الاستثمار ‏وأصحاب أعمال على أهمية توافرها لضمان نجاح أي مشروع استثماري سواء كان محلياً أو حتى خارج الدولة التي ‏ينتمي إليها صاحب رأس المال.‏
وبعد هذه المبادىء، لا بد من الإلمام بإجراءات الحوكمة والشفافية ما يتيح للمستثمر تحسس الخُطى قبل أن يجازف بأمواله، ومستقبله ‏الاقتصادي، ويجنبه الوقوع في فخ أنظمة ربما تروج لفرص استثمارية دون توفير مناخ حقيقي يضمن تحقيق الغاية ‏من الاستثمار وهي تحقيق الأرباح وتنمية الاستثمار وتطويره.‏

البيئة الآمنة 

يقول الرئيس التنفيذي لشركة استشارات جفكون لتحسين الإنتاجية بالبحرين، الدكتور أكبر الجعفري، في حديث مع "العربي الجديد" انه "يمكننا ‏خلق استثمارات ناجحة في أي مكان شرط أن تتوافر ظروف معينة أبرزها الحوكمة والتي تتضمن إدارة متسقة، ‏وسياسات متماسكة، والتوجيه، والعمليات، واتخاذ القرارات. بالإضافة إلى توافر نظام قضائي مستقل وعادل". ويشرح الجعفري أنه "في الدول الغربية نجد أن الأرباح الاستثمارية قليلة، ومع ذلك تذهب الاستثمارات ‏إلى هناك بحثاً عن ملاذ آمن، ففي بريطانيا هامش الأرباح بسيط لكن الاستثمار بها منتعش لأنها تتمع بنظام قضائي عادل، ما يجعل البيئة الاستثمارية آمنة قانونياً".‏
ويضيف: "لكن في العالم الثالث يمكن جني أرباح أكثر لكن المخاطر عالية نتيجة غياب النظام القضائي العادل الذي يكفل حماية ‏الاستثمارات من أي نزاعات أو "تغول" من جانب استثمارات أخرى أو قرارات حكومية غير مدروسة".‏
ويشدد الجعفري على أنه "من أسباب نجاح أي استثمار فاعلية الحوافز التي تقدمها الحكومات، وهنا لا بد من إدراك أن ‏المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي عمود الاستثمار في أي دولة، ولذلك نحث الحكومات على تهيئة بيئة جاذبة ومنح ‏حوافز للمشروعات أو الشركات الجديدة لفترات زمنية مختلفة تبدأ من سنة وحتى 7 سنوات في حال الشركات ‏الصناعية، وتتمثل هذه الحوافز في المساندة وحماية المشروعات الناشئة من سطوة واحتكار المشروعات القائمة بالفعل ‏أو الأكبر منها".‏
ويردف: "يجب الأخذ في الاعتبار أن المستثمرين أو بالأحرى الرياديين هم أذكياء، لكن هذا الذكاء فعال في ‏أجواء لا تتحكم فيها القوانين بشكل صارم لأن الإبداع يحتاج إلى التحرر الفكري والعمل في مجال أوسع لممارسة ‏الإبداع، بل أحياناً يكون الرياديون فوضويين، لكن هذه الفوضى هي التي تخلق إبداعات وأفكار جاذبة، ومن هنا يجب ‏التنبه إلى عدم تحويل الرياديين إلى مديرين، لأن إدخال الريادي في الإدارة ربما يؤدي إلى فشل المشروع أو خسارة ‏الاستثمارات، ولعلاج هذه الإشكالية يجب دعم الرياديين بمصادر أو برامج لإدارة استثماراتهم".‏
ويعتبر الجعفري أن "الشفافية لها علاقة طردية بنجاح الاستثمارات فكلما زادت كان الاستثمار ‏ناجحاً ومنتعشاً، وكلما غابت المعلومات واختفت القواعد المؤسسة العادلة كلما اختنق الاستثمار".‏

تحقيق العائد 

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي العماني أحمد بن سعيد كشوب لـ "العربي الجديد" إن" الهدف العام من أي استثمار هو تحقيق العائد ‏أو الربح مع تنمية الثروة، وبالتالي فإن المخاطر تتمثل في عدم التأكد من تحقيق الربح المستهدف، لكن هذه المخاطر ‏تختلف باختلاف مجال الاستثمار ونعني به هنا نوع أو طبيعة النشاط الاقتصادي الذي سيوظف فيه المستثمر أمواله ‏بقصد الحصول على عائد".‏
ويشرح كشوب أن طريقة التأكد من تحقيق الهدف من الاستثمار تتم عبر اللجوء الى أدوات استثمار متعارف عليها، مثل الأوراق المالية، والعقار، والسلع، والمشروعات الاقتصادية، ‏والعملات الأجنبية، والمعادن الثمينة، إضافة إلى الاستثمار في صناديق الاستثمار.‏
ويلفت الى أنه "يجب أن يأخذ صاحب المشروع في الاعتبار نوع الاستثمار ودراسة التحديات جيداً، قبل أن ينخرط فيه ويكون ‏على دراية تامة بتحولات الأسواق الداخلية والخارجية، ومن ثم يتوجه إلى معرفة المناخ والبيئة التي سوف يضخ فيها ‏أمواله ويبذل فيها جهده".‏
ويضيف كشوب: "لكي يكون لدينا استثمار ناجح لا بد من توافر بيئة آمنة ومستقرة سياسياً، فالاستثمارات تهاجر إلى حيث ‏الاستقرار الذي يمثل لها ميزة نسبية ويضمن استمراريتها، وبالتطبيق على الحالة العربية نجد أن استثمارات كثيرة ‏خرجت من مصر عقب ثورة 25 يناير ولم تعد حتى الآن نتيجة عدم ملاءمة المناخ الاستثماري، والحالة تنطبق على سوريا ولبنان ‏والعراق وليبيا واليمن وغيرها من البلدان التي تشهد حراكاً ونزاعاً سياسياً".
ويردف كشوب: "يتوازى مع الاستقرار السياسي الاستقرار الإداري والتشريعي والإجرائي أيضاً، وسهولة تدفق ‏الأموال ونقل الأرباح مع الحفاظ على المناخ بعيداً عن العمليات المشبوهة".‏
ويعتبر أن "أي مناخ استثماري حقيقي لن يتحقق ما لم تحدد الحكومات رؤيتها من خلال تحديد الأهداف والأولويات التي تصبو ‏إليها عن طريق جذب الاستثمارات الخارجية وتشجيع رؤوس الأموال المحلية لكي تقبل على الاستثمار الحقيقي بدلاً ‏من تضخم السيولة في المصارف العربية دون استفادة حقيقية منها".‏
دلالات
المساهمون