الاستثمار الخاص بالصحة يثير سجالاً مغربياً

22 ديسمبر 2014
مظاهرات ضد النظام الصحي بالمغرب (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -

بينما تمضي الحكومة المغربية فيما عقدت العزم عليه، من فتح باب الاستثمار في المشروعات الصحية أمام غير الأطباء، تتعالى الأصوات المتحفظة التي تعبر عن تخوفها من أن يؤدي هذا التحرك إلى تحويل الصحة لمجال يكون الهدف منه الربح فقط دون الاهتمام بالمعايير المنظمة لهذا القطاع.

وحذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب، وهو المؤسسة التي تقدم المشورة في العديد من القضايا، من المخاطر التي ينطوي عليها فتح الباب لغير الأطباء كي يستثمروا في المصحات الخاصة التي جرت العادة أن يستثمر فيها الأطباء وحدهم في المملكة.

وكان وزير الصحة، لحسن الوردي، قد ضمّن مشروع قانون ممارسة الطب، بندا يسمح بفتح الاستثمار بالمستشفيات الخاصة أمام غير الأطباء، ما أثار حفيظة الكثيرين من أن تصبح الصحة مجرد سلعة، وبادر بعض المعنيين بالضغط على الحكومة للتراجع عن ذلك المسعى الذي يرون أنه يمس بنوعية الخدمات، ويؤدي إلى القضاء على المصحات الصغيرة ويشجع الأطباء على مغادرة المصحات الحكومية إلى المصحات الخاصة.

وعبر المجلس، قبل يومين، في رأي استشاري طلبه مجلس النواب المغربي، عن تخوفه من أن يؤدي فتح الباب أمام غير الأطباء من أجل الاستثمار في المصحات، إلى توسيع دائرة التفاوتات بين أسعار الخدمات الصحية والهشاشة والإقصاء الاجتماعي.

وتشير بيانات حكومية، إلى أن متوسط إنفاق الفرد في المغرب على الصحة يصل لنحو 100 دولار سنوياً.

وذكر تقرير المجلس الذي اطلعت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن هذا التوجه الحكومي يمكن أن يؤدي إلى انقسام المجتمع، واتساع دائرة الفقر في سياق متسم بعدم شمول التغطية الصحية للجميع.

ونبه إلى أن مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس النواب، سيساعد على خلق نوع من التمييز بين من يمتلكون إمكانيات مالية ومن لا موارد ماليه لديهم، ما سيدفع البعض إلى اختيار سبيل الشعوذة والتطبيب الذاتي، وتضييق دائرة الطب الوقائي.
 
ولاحظ التقرير الذي شدد على أن القانون سيؤدي إلى تكريس عجز القطاع الحكومي، أن الاستثمار في قطاع الصحة، يجب أن يكون وسيلة لتحسين العرض الطبي، والحال أن القانون، في تصور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لا يرمي سوى إلى فتح الباب أمام المستثمرين بالقطاع الخاص كي يقتحموا سوق الصحة المربح.
 
ويأخذ التقرير على القانون عدم تضمنه ما يحفظ حقوق المرضي، مثل سرية البيانات الطبية الخاص بهم، كما لا يشدد على الإغاثة والتحمل في الحالات الطارئة، فضلا عن عدم توضيحه بشكل جلي لمسألة الاستقلالية المهنية للأطباء.

ولم يخف البعض في المغرب تخوفه من أن يكون المشروع، الذي صادق عليه مجلس النواب دون أن ينتظر الرأي الذي كان طلبه من المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ثمرة ضغوط تمارسها لوبيات تهتم بقطاع الصحة بمنطق السوق على حساب المرضى.
 
وكان فتح رأسمال المصحات أمام المستثمرين من غير الأطباء ووجه بمعارضة من قبل الجبهة الوطنية للدفاع عن الصحة، غير أن وزير الصحة، لحسن الوردي، مضى في سعيه إلى إخراج القانون إلى حيز الوجود، علما أن هناك من يعتبر أن تصحيح وضعية المصحات الخاصة لا يمر عبر فتح الباب أمام الاستثمار الذي يأتي من خارج القطاع، بل عبر التشديد على إعادة النظر في موازين القوة بينها وبين المواطن، على اعتبار أن المصحات الخاصة في المغرب تلجأ تسعى إلى الربح على حساب المريض.

وتسري مخاوف من أن يكون فتح الباب أمام القطاع الخاص للاستثمار في قطاع الصحة، على حساب دور الدولة في تأمين الخدمات الطبية عبر المستشفيات الحكومية، علما أن الإنفاق الحكومي على الصحة لا يتعدى 6.3% من الناتج الإجمالي المحلي، ما يثقل على الأسر التي تتحمل بشكل مباشر 53.6% مما يصرف على الصحة.

المساهمون