الازدحام المروري يؤدي إلى الخرف

22 يناير 2017
لم تعد تعرف أبناءها (باتريك هيرتزوغ/ فرانس برس)
+ الخط -
توصلت دراسة كندية بعد متابعتها أكثر من 6.6 ملايين شخص أنّ واحداً من أصل كلّ عشرة أشخاص يعيشون بالقرب من الشوارع المزدحمة بالسيارات يعاني من مرض "ألزهايمر". وأشارت إلى أنّه قد يكون للهواء الملوّث علاقة بالأمر، فيما أثارت نتائج الدراسة الجديدة مخاوف من تأثير الهواء الملوّث على صحّة البشر بشكل عام.

وأفاد هونغ تشن، الباحث الذي قاد العمل في مركز الصحة العامة، في أونتاريو في كندا، أنّ زيادة النمو السكّاني والتمدّن وضعا الكثير من الناس بالقرب من مناطق الازدحام المروري، ما أدّى بالتالي إلى تعرّضهم إلى تأثيرات حركة المرور على نطاق واسع وهو ما يؤدي إلى زيادة معدّلات الخرف. وأضاف أنّه حتى لو كان هذا التأثير بسيطاً وبنسبة 12 في المائة فقط، فإنّه قد يشكّل عبئاً كبيراً على الصحّة العامة.

وللتعرّف عن كثب على تأثير مرض الخرف أو "ألزهايمر" على حياة المصاب به ومن حوله، تحدثت "العربي الجديد" إلى إدوارد رودجرز، وهو ثمانيني بريطاني، تعاني زوجته من هذا المرض منذ أعوام، وقد وصلت إلى درجات متقدّمة فيه. يقول رودجرز إنّ الأمر بدأ بفقدانها الوعي فجأة، ولم يدرك هو وأولاده أنّها مصابة بهذا المرض، كونها كانت تفقد وعيها أحياناً نتيجة تناول الكحول. لكنّ الأمر بدأ يتطوّر ويزداد حدّة، حتى راحت تتحدّث بعبارات غير مترابطة.

يتابع رودجرز أنّ زوجته كانت تخضع للعلاج، لكنّها لم تعد تذكر أسماء أبنائها، وباتت تسميهم برقم واحد واثنين وثلاثة. وأحياناً تعتقد أنّهم غرباء حين يأتون لزيارتها. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل يضيف أنّ زوجته باتت تهاجمه وتضربه وتبصق في وجهه وتتّهمه بأبشع التهم. تحوّلت من تلك المرأة اللطيفة والمرحة إلى شخص عدواني. وبعد الاجتماع بأبنائه، قرّروا منذ مدّة وبحزن شديد إرسالها إلى الجهات التي تهتم بالمصابين بهذا المرض. لكن عقب أسبوع واحد، تمزّق قلبه حزناً عليها، حين كان يراها تائهة هناك لا تأكل ولا تشرب وتهرع إليه كلّما زارها، فأعادها إلى المنزل، ولاحظ أنّها توقّفت عن الاعتداء عليه وباتت تمسك بيده حين يأتي حتى أحد الأبناء لزيارتهما، وترى في زوجها حماية لها. وينهي كلامه: "عشت معها أجمل أيّام حياتي ولن أتخلّى عنها اليوم حتى لو بتّ غريباً في نظرها".

ما زالت أسباب مرض "ألزهايمر" غير محدّدة بوضوح، حتّى أنّ هذه الدراسة التي نشرت في مجلة "لانسيت" الطبية واستغرقت عقداً من الزمن، عجزت عن تحديد إن كان الهواء الملوّث يضرّ الدماغ بشكل مباشر. واقترحت أنّ ازدياد مخاطر الإصابة بالخرف قد يكون نتيجة مشاكل تصيب جهاز التنفس والقلب التي تنجم عن دخان حركة المرور أو بسبب أنماط حياة غير صحية ترتبط بالحياة الحضرية في البيئات التي نحيا فيها.

في المقابل، قال علماء إنّ تناول مأكولات البحر الأبيض المتوسط، قد يفيد الدماغ على المدى البعيد. وأمضى باحثون إسكتلنديون ثلاث سنوات في دراسة أدمغة نحو 1000 شخص مسن، لتقييم تأثير النظام الغذائي، الذي يتضمّن كميّات كبيرة من الفواكه والخضار وزيت الزيتون، والأسماك والألبان، والنبيذ وكميات محدودة من اللحوم الحمراء والدجاج. واكتشفوا أنّ أولئك الذين اتبعوا هذا النظام بشدّة، تمتّعوا بحجم دماغ أكبر أثناء مرحلة الدراسة من غيرهم. وتقول الدكتورة ميشيل لوسيانو، مؤلفة الدراسة من جامعة "إدنبره" إنّ الدماغ يتقلّص كلّما تقدّمنا في العمر، ونفقد خلايا منه تؤثّر في قدرتنا على التعلّم وفي قوة ذاكرتنا. تتابع أنّ هذه الدراسة تثبت أنّ غذاء البحر الأبيض المتوسط له تأثيرات إيجابية على الدماغ. وتشير إلى أنّ الأشخاص الذين تمسّكوا بهذه الحمية واعتمدوها على مدى فترة الدراسة، انخفض لديهم معدّل فقدان خلايا الدماغ بنسبة واحد في المائة، وهي نسبة مهمّة تعادل نصف ما ينتج عن التقدّم في العمر.

مشاركة المرضى في البحوث
قرّرت بريطانيا زيادة مستوى الوعي بعوارض مرض "ألزهايمر" وقالت وزارة الصحة إنّ هدف الحكومة جعل بريطانيا البلد الأفضل للعيش لمرضى "ألزهايمر" بحلول عام 2020. وتسعى الخطط الجديدة إلى الحدّ من المرض أو معالجته في مراحله الأولى، عبر مشاركة 10 في المائة من المصابين به في بحوث تهدف إلى تحسين حالتهم.

المساهمون