صادرت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر أمس الاثنين، أموالاً من أسرى محررين من القدس عقب اقتحام منازلهم بزعم أنهم حصلوا عليها من السلطة الفلسطينية، وسبق ذلك حجز لحساباتهم البنكية، فيما وصف الأسرى المحررون إجراءات الاحتلال بأنها عملية قرصنة وسلب جرت في وضح النهار.
وأوضح الأسرى المحررون أن قوات الاحتلال صادرت "كل شيقل وجدته أمامها في المنزل، حتى حصّالات الأطفال والمبالغ البسيطة المدخرة للعائلات".
وحذّر مسؤولون فلسطينيون في القدس المحتلة الاثنين، من إجراءات الاحتلال الجديدة بحق الأسرى المقدسيين، سواءٌ مَن لا يزالون داخل الأسر، أو من تحرروا حديثاً من تبعات ما جرى فجر أمس من اقتحام ومداهمة لمنازل تسعة من هؤلاء الأسرى كانت قد صدرت تعليمات من وزير جيش الاحتلال، نفتالي بينيت، بمصادرة أموالهم والحجز على حساباتهم المصرفية في البنوك، حيث صودرت عشرات الآلاف من الشواكل (الدولار يساوي 3.5 شواكل)، ومصاغ ذهبي، وبعض الممتلكات.
وكان بينيت قد أصدر قراراً في كانون أول/ ديسمبر 2019، يقضي بالحجز على الحسابات البنكية الخاصة بتسعة أسرى ومحررين من القدس بحجة "تلقيهم رواتب شهرية من السلطة الفلسطينية، ما يشجعهم على تنفيذ عمليات" حسب زعمه.
وقال القيادي في حركة فتح حاتم عبد القادر في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "ما جرى إجراء وحشي غير مسبوق، تتحمل تبعاته ومسؤوليته الحكومة الأميركية، التي منحت حكومة الاحتلال شرعية وغطاءً سياسياً لكي تمارس العدوان والإرهاب بحق المقدسيين عموماً".
وأضاف: "هذه الهجمة يجب ألّا تمرّ بصمت، وعلى السلطة الفلسطينية أن تتحمل مسؤولياتها وتوقف العدوان على الأسرى وتؤكد وقوفها إلى جانبهم ودعمها لهم، ويجب على منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية أن تضطلع بدورها، ضد ممارسات الاحتلال هذه".
بدوره، قال محافظ القدس عدنان غيث، في حديثه لـ"العربي الجديد": "إنّ الاحتلال ما زال يتفنن في التنكيل بالمواطنين من خلال مداهمة منازلهم، واعتقالهم، ومصادرة ممتلكاتهم، وهدم بيوتهم، وهي ممارسات نتوقع لها أن تتواصل ما دام هناك مظلة أميركية تحمي الاحتلال ليستمر في طغيانه وبطشه، لكنها في المقابل تدل على مدى الفشل والتخبط الذي يعيشه الاحتلال أمام صمود شعبنا وعدم انكساره رغم كل ما يتعرض له".
وتابع غيث: "نحن أصحاب قضية عادلة، والمقدسيون قادرون على مواجهة هذا الظلم الجديد بحقهم، وهو جزء من الظلم والإجحاف الكبيرين اللذين يلمّان بقضيتنا ومشروعنا الوطني بعد صفقة القرن، في حين أن السلطة والقيادة الفلسطينية ستظل تضع القدس وأهلها على سلم أولوياتها، وستوفر لهم كل الحماية والدعم لمواجهة إجراءات الاحتلال الظالمة".
أما رئيس لجنة أهالي أسرى القدس، أمجد أبو عصب، فقد اتهم الاحتلال باستخدام قضية الأسرى كورقة ابتزاز ودعاية انتخابية لكل من رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيش الاحتلال، نفتالي بينيت، في ظل حمى الانتخابات والتناحر السياسي، حيث سبق أن أصدر الاثنان مجموعة من القوانين العنصرية التي كان آخرها مصادرة أموال الأسرى.
وعن الخطوة العملية لمواجهة هذه الإجراءات، قال أبو عصب: "لقد توجهنا منذ نحو عشرة أيام للسلطة الفلسطينية، خاصة هيئة شؤون الأسرى للتعاطي بجدية مع هذه الإجراءات التي نرى فيها جميعاً أنها إجراءات سياسية وليست قانونية، لكنها ستترك آثاراً سلبية جداً على استقرار المئات من عائلات الأسرى المقدسيين، وقدرتهم على الحياة وعلى الصمود، في وقت لن يُبقي لهم الاحتلال من مصادر الرزق ما يمكن أن يعتاشوا منه، وبالتالي النيل من صمودهم وبقائهم".
وفي هذا السياق، حذّر مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري، في حديث لـ"العربي الجديد"، من التبعات المترتبة عن إجراءات مصادرة أموال الأسرى وفرض حجز على حساباتهم في البنوك، وذلك على حياة الأسرى وعوائلهم.
وقال الحموري لـ"العربي الجديد": "هذه الإجراءات ستضيّق الخناق الاقتصادي على الأسرى وذويهم، خاصة أن الحديث عن مصادرة ليس الأموال فقط، بل الممتلكات، ما يعني الدفع بهذه العائلات إلى خيارات صعبة تلتقي عند سياسة الطرد الصامت التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق المقدسيين منذ احتلال القدس عام 1967 ولغاية الآن، حيث فقد أكثر من ستة عشر ألف مقدسي حقهم في الإقامة، بسبب ملاحقة وزارة الداخلية لهم في الأحياء والتجمعات السكانية الواقعة خارج الحدود البلدية المصطنعة للمدينة المقدسة".
ولفت الحموري، في هذا السياق، إلى الارتفاع الكبير في معدلات الفقر والبطالة في صفوف المقدسيين، الذي وصل خلال السنوات الأخيرة إلى أعلى نسبة له تجاوزت الثمانين بالمائة، وبالتالي ستضيف إجراءات القرصنة والاستيلاء على أموال الأسرى وعوائلهم أعداداً إضافية من الفقراء والعاطلين من العمل، علماً بأن الاحتلال يفرض قيوداً على عمل كثير من الأسرى المحررين.
وكان مركز معلومات وادي حلوة قد أكد أن عناصر من مخابرات وشرطة الاحتلال اقتحموا فجر الاثنين منازل أسرى محررين، منهم مجدي العباسي، ناجي عودة، وباسل أبو تايه من بلدة سلوان، إضافة إلى إيهاب بكيرات من قرية صورباهر (جنوباً).
وحسب المركز، فإن قوات الاحتلال شرعت بعملية تفتيش دقيقة لكل محتويات المنازل، وصادرت الأموال منها، بحجة تلقيها من "جهات معادية" في إشارة إلى رواتبهم التي يحصلون عليها من السلطة الفلسطينية.