الاحتلال يسطو على مفاتيح النمو الفلسطيني

16 مارس 2015
أزمات عميقة تطال الاقتصاد الفلسطيني (Getty)
+ الخط -
في فلسطين، تغيب ملامح النمو، حيث تشكل المعونات المقدمة من المانحين أساس موارد الاقتصاد، الأمر الذي ينعكس سلباً على الأوضاع المعيشية. بلغة الأرقام، وصلت نسبة البطالة إلى 29%، فيما يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر. الأسباب التي أدت الى تدهور الاقتصاد متعددة، في مقدمتها إجراءات الاحتلال الإسرائيلي، من إغلاق المعابر وحجز أموال السلطة، وصولاً الى الاعتداءات المتكررة، الأمر الذي أدى الى اختفاء جميع معالم التنمية أو الإنتاج. 


نمو متذبذب، متقلب، وغير مستدام
يصف الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم، نمو الاقتصاد الوطني بثلاث صفات، المتذبذب، والمتقلب بشكل ملحوظ، وغير المستدام أو صعب الاستمرار. ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه يتحكم عاملان أساسيان خارجيان بالنمو الاقتصادي، وهما المساعدات الدولية، واجراءات الاحتلال الإسرائيلي، لأن مصدر الإيرادات والقدرات المالية مرتبطان بالشروط التي يتحكم بها الاحتلال. ويضيف: "تشير التقديرات إلى أن نمو الاقتصاد سجل 0.5% خلال العام الماضي تحديداً، بسبب العدوان على غزة والعقوبات، بالإضافة لإغلاق المعابر، وتعثّر المصالحة"، متوقعاً أن يكون حال الاقتصاد خلال 2015 استمراراً لما كان عليه في النصف الثاني من العام الماضي.


أما الباحث في مجال التنمية، إبراهيم ربايعة، فيرى أن النمو متذبذب، ولا يحقق استدامة في الأنشطة الاقتصادية، ويقول: "يتحرك النمو بناءً على ضخ الأموال من الخارج إلى الداخل من مساعدات دولية وتحويلات من جهة، وحركة أعمال البنية التحتية والإنشاءات من جهة أخرى، وهذا يعني أنه لا يوجد لدينا نمو مرتبط باقتصاد إنتاجي".

نمو وهمي
فيما يؤكد الخبير في الإعلام الاقتصادي، أيهم أبو غوش، أن النمو وهمي ومبرمج ضمن خطط دولية ومرهون بالمساعدات، اذ إن الدول المانحة هي التي تحدد نسبة النمو بناءً على الرضى السياسي من السلطة، بمعنى أن حجم المعونات مشروط بالتقدم في المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال. ويقول: "يعتمد النمو المحلي على ثلاث ركائز هي المساعدات الاجنبية والأيدي العاملة (داخل الخط الأخضر والمستوطنات)، إضافة إلى وضع المعابر".

ويكشف أن معدل دخل العامل في المناطق الفلسطينية الخاضعة للاحتلال المباشر والمستوطنات يراوح بين 25-50 دولاراً يوميّاً، أي ثلاثة أضعاف دخل العامل في الأراضي الخاضعة للحكم الفلسطيني، حيث إن دخل العامل الواحد يتراجع إلى النصف تقريباً، مشيراً إلى أن هناك 100 ألف عامل داخل الخط الأخضر، أي أن 40% من أجور الفلسطينيين في يد الاحتلال.
ويضيف أبو غوش أنه "تشكل المساعدات الخارجية للفلسطينيين إحدى ركائز النمو، إذ تعتمد عليها السلطة في تنفيذ المشاريع، فيما مساهمة القطاع الخاص في النمو الاقتصادي غير ظاهرة وتبدو ضئيلة جداً".


أما إياد الرياحي، من مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية، فيؤكد غياب التنمية الحقيقية لأسباب عديدة، أبرزها الاحتلال وسيطرته على الموارد الأساسية، كالسياحة والمياه والنفط، ويقول: "وصلت نسب النمو في العام 2010 إلى 11%، وكان النمو في تلك الفترة مدفوعاً نحو بناء الدولة، أما اليوم وبسبب الشروط السياسية، فالنمو يسجل معدلات منخفضة".

هذا ويتفق الخبراء الاقتصاديون في فلسطين على أن قدرة الحكومة الفلسطينية على الإنفاق والتطوير وإنشاء المشاريع الإنتاجية تعتمد بالأساس على المساعدات الخارجية، فيما يتحكم الاحتلال بمفاتيح الاقتصاد الفلسطيني. فأموال المقاصة التي تصل إلى نحو 140 مليون دولار شهرياً، وتشكل ما نسبته 70% من إيرادات السلطة، هذه الأموال محتجزة عقاباً للسلطة بسبب توجهها إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بإنهاء الاحتلال، ما يؤدي إلى حرمان السلطة من ثلثي إيراداتها المحلية، وهو ما سيجعل أزمتها المالية تتعمّق وستكون لها انعكاسات خطيرة على كافة القطاعات الاقتصادية الفلسطينية.

إقرأ أيضا: داعش يحرق المزروعات.. استعدّوا لأزمة غذائيّة
المساهمون