كعادته، يفرض الاحتلال قيوداً كثيرة على المقدسيين خلال عيد الفصح اليهودي. لكن كان هذا العام مختلفاً، بعد أن صادرت البلدية، أمس الإثنين، الكعك المقدسي الذي كان أصحاب البسطات يبيعونه كعادتهم. والحجة أنه عُجن بالخمير الذي يمنع على اليهود تناوله في فصحهم، ما اعتُبر إهانة لشريعتهم.
وقال عضو بلدية القدس، أرييه كينغ، على صفحته على "فيسبوك" متوجهاً إلى جمهوره اليميني: "وعدناكم بتهويد القدس وها نحن ننفذ وعدنا"!عبارةٌ أثارت غضب الناشطين المقدسيين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين تعهدوا بالرد، قائلين: "سنملأ الساحات بالبسطات".
ورأى الناشط والباحث في مركز معلومات "واد حلوة"، محمود قراعين، أن "ما جرى محاولة للسيطرة على القدس بكاملها خلال الأعياد اليهودية، وإجبار المواطنين الفلسطينيين على التأقلم والانصهار في طقوسهم الدينية والاجتماعية، تماماً كما يجبرون على القبول بالحواجز، وعدم التجول في عيد الغفران". وأضاف "ليس مستغرباً أن نمنع مستقبلاً من ركوب سياراتنا يوم السبت".
بدوره، قال أحد العاملين في مخبز الأمين في سوق المصرارة إنه "غالباً ما كانت تتم مصادرة الكعك بدعوى عدم حيازة صاحب البسطة ترخيصاً من البلدية. أما أن يصادر لمخالفته الفطير اليهودي، فهذا غريب، ولم يحدث في التاريخ".
في شارع الواد، وحارات باب حطة والسعدية، وعقبة السرايا، تنتشر الأفران المقدسية العتيقة المتخصصة في صنع الكعك المقدسي. بدا أصحابها غاضبين. أكدوا أنهم سيقاومون أية محاولة لتطبيق طقوس الشريعة اليهودية على إنتاجهم.
كذلك، أشار العاملون في مخبز سنقرط في بيت حنينا، والتنور في واد الجوز، إلى أن "القانون لا يرغمهم على خبز الكعك بحسب الشريعة اليهودية"، مع العلم بأن بعض الإسرائيليين يرتادون المخبزين حتى في أعيادهم التي تحظر عليهم تناوله.
وفي السياق نفسه، أعلن عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، دميتري دلياني، أن "السعي إلى تطبيق الشريعة اليهودية في القدس المحتلة ناجم عن قرار سياسي وخلفية تهويدية". وأضاف أن "الغلو في التطرف أفقد دولة الاحتلال المنطق. فالقدس لم تكن ولن تكون يهودية. كما أن تطبيق الشريعة اليهودية هو ضرب من الخيال ولن يتجاوز مصادرة الكعك".
أما الكاتب والروائي جميل السلحوت، فقال إن "سلطات الاحتلال فقدت عقلها نهائياً"، لافتاً إلى أن "فرض الفطر اليهودي على غير اليهود يتطلب وضع حماية دولية للقدس المحتلة ومواطنيها حتى يحل السلام في المنطقة".
بدوره، وصف الخبير الاقتصادي، حازم الشنار، ما حدث "بالتهويد الاقتصادي والحضاري للمدينة المقدسة". وقال لـ "العربي الجديد" إن "هذا الإجراء يستهدفُ تدمير الاقتصاد العربي في المدينة المقدسة، وضرب صمود سكانه العرب وقطع أرزاقهم، وطمس طابعها".