يستخدم الاحتلال الإسرائيلي، بحر قطاع غزة، للضغط على الفصائل الفلسطينية والمواطنين في أوقات جولات التصعيد أو الحروب التي يشنّها، عبر إغلاقه تارة أو تقليص مساحة الصيد وتوسعتها تارة أخرى منذ فرض الحصار على القطاع عام 2006.
وخلال السنوات الماضية، تلاعب الاحتلال بذلك عشرات المرات، إضافة إلى الانتهاكات اليومية، التي يقوم بها بحق آلاف الصيادين، ما تسبب في خسائر فادحة للعاملين في هذه المهنة، انعكست بالسلب على مصدر دخلهم.
يقول الصياد خالد الهبيل لـ"العربي الجديد" إن الاعتداءات الإسرائيلية وتقليص مساحات الصيد وإغلاق البحر ينعكس بالسلب على واقع العاملين في مهنة الصيد، ما يؤثر على حجم مدخولهم اليومي.
ويوضح الهبيل أن إجمالي العائدات الشهرية للصيادين في ضوء الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة لا تتجاوز 400 إلى 500 شيكل إسرائيلي، في حين تمر بعض الأيام من دون أن يتمكن الصياد من توفير دخله اليومي. (الدولار=3.41 شيكل إسرائيلي).
ويشير الصياد الفلسطيني إلى أن واقع العاملين في المجال البحري تراجع كثيراً خلال السنوات التي تلت فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع، ما عزز من الفقر وعدم قدرة الكثيرين على توفير احتياجات عائلاتهم الأساسية.
ولجأ الاحتلال قبل أيام لتقليص مساحة الصيد من 15 ميلاً بحرياً إلى 8 أميال فقط، قبل أن يقرر أخيراً إغلاقه بشكلٍ كامل أمام عمل الصيادين الفلسطينيين، ويعزز نشر زوارقه البحرية ويكثف من انتهاكاته اليومية بحقهم، عبر إطلاق النار على مسافات قريبة من الشاطئ.
ويؤكد مسؤول لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي، زكريا بكر، أن التلاعب الإسرائيلي بمساحة الصيد أدى إلى تدهور اقتصادي واضح على العاملين في المجال البحري خلال السنوات الأخيرة، موضحا في تصريح لـ"العربي الجديد" أن متوسط الدخل اليومي للصيادين لا يتجاوز 15 إلى 20 شيكلاً، بإجمالي شهري لا يزيد عن 500 شيكل إسرائيلي، في الوقت الذي كان فيه الحال قبل فرض الحصار عام 2006 مختلفاً؛ إذ كان الدخل الشهري لا يقل عن 1500 شيكل.
ويقول بكر إن المسافة الحقيقية للصيد في غزة هي صفر ميل نتيجة للاعتداءات الإسرائيلية، حتى في المسافات المسموح لهم بالعمل فيها وعمليات الاعتقال وإطلاق النار ضمن مسافات بعيدة.
وتلاعب الاحتلال الإسرائيلي عام 2019 بمساحة الصيد 21 مرة، كان من بينها 4 عمليات إغلاق كلي لشاطئ البحر لمدة لم تزد عن أسبوع، في حين كانت النسبة الأعلى هذا العام في شهر فبراير/شباط الماضي، حيث تلاعب بالمساحة 9 مرات، وفقاً للمسؤول في اتحاد لجان العمل الزراعي.
وتشير إحصائيات المؤسسات الحقوقية مؤخراً إلى أن إجمالي الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصيادين، خلال النصف الأول من عام 2020، تجاوزت 172 انتهاكاً تنوعت بين الإصابات أو الاعتقال ومصادرة المراكب وإتلاف المعدات.
ويلفت بكر إلى أن قطاع الصيد في غزة يحتاج إلى توفير 300 محرك للقوارب، يمنع الاحتلال إدخالها جميعهاً، فيما لا يتوفر أي من هذه المعدات في القطاع، فضلاً عن حظر إدخال مادة "الفيبر غلاس" التي تدخل في مجال صناعة القوارب.
ويشير إلى أن الاحتلال غير من انتهاكاته خلال العام الجاري بحق الصيادين، إذ تراجعت أعداد الاعتقالات مقارنة بالسنوات الماضية، فيما ارتفعت أعداد الإصابات وإغراق ومصادرة المراكب.
في الأثناء، يقول نقيب الصيادين الفلسطينيين، نزار عياش، إن التلاعب الإسرائيلي بمساحة الصيد وإغلاقه يحرم قرابة 4500 صياد من العمل ونحو 1000 قارب وإجمالي 50 ألف نسمة يستفيدون من هذه المهنة.
ويضيف عياش لـ "العربي الجديد" أن الانتهاكات الإسرائيلية منذ بداية العام تنوعت بين اعتقال 14 صيادا فلسطينيا و5 مراكب تمت مصادرتها، و8 إصابات للصيادين بشكلٍ مباشر، إضافة إلى إطلاق النار اليومي وضخ المياه العادمة.
ووفقاً لنقيب الصيادين الفلسطينيين في غزة، فإن الاحتلال يواصل منذ سنوات احتجاز 30 قارباً و60 محركاً آلياً، إضافة إلى عشرات الشباك والمعدات الأخرى، وحظر إدخال المعدات، ما يدفع العاملين في هذه المهنة إلى توفير بدائل بدائية.
ويشهد قطاع غزة ارتفاعاً مستمراً في معدلات البطالة، حيث تصل النسبة في صفوف الشباب في القطاع إلى 68%، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، في حين يعتمد أكثر من 80% من السكان على المساعدات الإغاثية المقدمة من الجهات الدولية والمانحة.