ولم يتأخر مسؤولون في فريق 8 آذار وآخرون مقرّبون من حزب الله، في وضع الحزب في الدائرة المستهدَفة، وذلك في إطار القراءة الاعتيادية المعتمدة من قبل هذا الفريق، والقائلة ما معناه إنّ "المطلوب من هذا التفجير وضع حزب الله في دائرة الاتهام لكون العلاقة متوترة بينه وبين المصارف".
وفي حين حافظ الحزب على صمته حيال التفجير ولم يصدر بعد مرور 24 ساعة على الاعتداء أي بيان إدانة، تولّت شخصيات مقرّبة منه الدفاع عنه، وكان أبرزها الوزير السابق وئام وهاب المعروف بمواقفه المؤيدة لحزب الله وللنظام السوري، الذي غرّد على موقع "تويتر"، مشيراً إلى أنّ "المطلوب من حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، وضع حدّ لعربدة ومزايدة بعض المصارف وضربها عرض الحائط بمصالح الناس، الا إذا أصبحنا ولاية أميركية". وأضاف وهاب أنّ "القرارات الأميركية تهدّد الاستقرار النقدي والأمني في لبنان، وعلينا أن نختار الانحياز للبنان ومصالحه وليس لمجموعة معتوهين في الإدارة الأميركية". كما ذهبت تحليلات هذا الفريق أبعد من ذلك، إذ أشار بعضها إلى إمكانية "ضلوع إسرائيل" في التفجير، أو إلى وجود "طابور خامس" هدفه كالعادة النيل من سمعة حزب الله.
لكن في الجهة السياسية المقابلة، تبدو الاتهامات صريحة لناحية أن "بصمات حزب الله واضحة" في الاعتداء على "لبنان والمهجر"، إذ يقول عضو كتلة المستقبل النيابية النائب أحمد فتفت لـ"العربي الجديد"، إنّ "التفجير رسالة موقّعة بعد الكلام الصادر عن كتلة الوفاء للمقاومة (الكتلة النيابية لحزب الله) وعن بعض الصحافيين المحسوبين على الحزب، وقد تحدثوا جميعاً عن استحالة منع ردة فعل الناس والأهالي في حال المسّ بحقوقهم المالية".
وما يعزّز هذه القراءة انتشار الكثير من المواقف والقراءات على مواقع إلكترونية مختلفة تابعة لحزب الله، تشير بشكل أو بآخر إلى استعداد الحزب لتنفيذ الضغوط اللازمة على المصارف وأبرزها "لبنان والمهجر". حتى أنّ بعض هؤلاء عمد إلى استخدام تعبير "7 مايو/أيار مصرفي"، في إشارة إلى إمكان ضرب القطاع المصرفي على شكل الضربة التي وجّهها حزب الله لخصومه السياسيين في مايو/أيار 2008 بعد اجتياحه عسكرياً وأمنياً بيروت وبعض المناطق المحيطة بها. وهو ما يضع حزب الله في دائرة الاتهام، تحديداً لجهة التحريض على المصارف.
وفي السياق نفسه، لفتت مصادر دبلوماسية غربيّة إلى أن "التحذيرات الأمنيّة التي تلقتها تُشير إلى وجود نية لدى تنظيم داعش لتنفيذ تفجيرات في شارعي الجميزة والحمراء في بيروت". وأضافت هذه المصادر أن "الانفجار لا يُشير إلى تورّط داعش، خصوصاً أن التنظيم يُسارع إلى تبني التفجيرات التي يقوم بها". وتخوّفت هذه المصادر من أن يكون حزب الله متورطاً بالانفجار "لأن ذلك يعني انتقال البلد إلى مرحلة خطيرة جداً أمنياً، وأن الحزب لم يعد مهتماً للرأي العام الداخلي، وأنه في طور التحضير لمرحلة سياسية وأمنية جديدة في البلد".
وعلى الرغم من أن التصريحات العلنية لعدد من السياسيين اللبنانيين لم توفّر حزب الله من الاتهام، إلا أنّ ما يُقال في الصالونات المغلقة أكثر حدّة. هناك من يعتبر أن حزب الله يوجّه الرسائل إلى الولايات المتحدة أكثر منها إلى الداخل اللبناني والقطاع المصرفي. ويقول أحد النواب المتابعين لملف العقوبات المصرفية: "يدرك حزب الله قبل غيره أن المصارف لا تستطيع تقديم أي شيء إضافي، فعدم تنفيذ العقوبات الأميركية يعني عزلها عن النظام المصرفي العالمي، لذلك هذه الرسالة هي للأميركيين".
ويربط هذا النائب، بين استمرار العقوبات الأميركية على إيران بطريقة غير مباشرة، عبر عدم ربط المصارف الإيرانية بالنظام المصرفي العالمي، وهو ما أدى إلى عدم تنفيذ صفقة شراء إيران لطائرات إيرباص الأوروبية أخيراً. ويعتقد أن الحزب يردّ على هذا الأمر أكثر من رده على العقوبات في شقها اللبناني. ويعتقد أصحاب وجهة النظر هذه أن حزب الله لا يتصرف بناءً على أجندة محليّة فقط، رغم أن العقوبات الأميركيّة مؤذية جداً له، إن لجهة تجفيف مصادر التمويل المرتبطة بتجارة المخدرات وتبييض الأموال، كما تقول الأدبيات الأميركيّة، أو لجهة إحداث أذى مباشر لبيئة حزب الله، وإظهار الحزب بصورة غير القادر على حمايتها، وهو الذي صنع لنفسه صورة الحامي لمناصريه على مدى سنوات طويلة. كما أن الحزب شديد الحساسيّة، عندما يطاول الأمر علاقته المباشرة بالناس.
من جهة أخرى، أبلغت مصادر حكوميّة "العربي الجديد"، أن لا خيارات أمام لبنان والقطاع الرسمي، إلا تنفيذ القانون الأميركي، "وأن يكون عقل الأطراف الداخليّة كبيرا". واعتبرت هذه المصادر، أن القطاع المصرفي هو القطاع الاقتصادي الوحيد الذي لا يزال صامداً، وضربه يعني ضرب الاقتصاد اللبناني ككل. وبينما تلاحقت الاجتماعات بين المعنيين في ملف المصارف والعقوبات على حزب الله، اعتبرت جمعية المصارف أنّ "التفجير أصاب القطاع المصرفي بكامله ويهدف إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي". ودفع اعتداء فردان عدداً من المصارف إلى رفع إجراءاتها الأمنية تحديداً في مكاتبها الإدارية والمركزية في بيروت، كما فرض بعضها على الموظفين الخضوع لعمليات تفتيش لدى دخولهم وخروجهم من مكاتب المصارف.