الاتفاق مع إيران مكسب اقتصادي لروسيا ينطوي على مخاطر

19 يوليو 2015
بوتين مع الرئيس الإيراني حسن روحاني (أرشيف/Getty)
+ الخط -

يشكل الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، والذي ساهمت روسيا في التوصل إليه من خلال مفاوضات ماراتونية، دفعاً دبلوماسياً لموسكو سيساهم في تنشيط المبادلات التجارية مع طهران، غير أنه قد يشكل ضغطاً على عائدات الطاقة التي تحتاج إليها روسيا، برأي محللين.

وتوصلت إيران ودول مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) إلى اتفاق، الثلاثاء الماضي، يفرض قيوداً على برنامج طهران النووي لضمان عدم استخدامه لأهداف عسكرية، لقاء رفع العقوبات الاقتصادية تدريجياً عن طهران.

ولعبت موسكو بصفتها حليفة لإيران دوراً محورياً في التوصل إلى الاتفاق، ونقلت وكالة "فرانس برس" عن بعض الخبراء أن هذا قد يساهم في تحسين صورة روسيا على الساحة الدولية بعدما تراجع موقعها بسبب الأزمة في أوكرانيا.

وأثنى الرئيس الأميركي باراك أوباما صراحة على المساعدة التي قدمها نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في إشارة حسن نية نادرة بين الرئيسين اللذين يخوضان خلافاً على خلفية اتهام روسيا بالتدخل في أوكرانيا المجاورة.

وقال خبير الشرق الأوسط في جامعة روسيا الرسمية للعلوم الإنسانية، سيرغي سيريغيشيف إن: "الانتصار الأكبر لروسيا في هذا الاتفاق هو على صعيد مكانتها".

وأضاف: "من الذي جعل إيران تتوصل إلى اتوافق مع الولايات المتحدة؟ إنها روسيا.. لولا روسيا، لما كان هناك اتفاق".

وحين ترفع العقوبات عن إيران، فإن روسيا، والتي تواجه هي نفسها صعوبات اقتصادية ناتجة في جزء منها عن عقوبات غربية مفروضة عليها بسبب أوكرانيا، ستكون على الأرجح في طليعة الذين سيوقّعون مع طهران عقوداً تنطوي على أرباح طائلة في قطاعات أساسية مثل الطاقة والمواصلات.

وقال مدير برنامج منع انتشار الأسلحة النووية في مركز روسيا للدراسات السياسية، أندري باكليتسكي، إنه: "سيتحتم على إيران تطوير القطاعات التي عانت من العقوبات".

وأضاف أن طهران "ستحتاج إلى أن تأتي شركات أجنبية وتستثمر في البلاد.. الشركات الروسية مثل شركة الخطوط الجوية الروسية ولوكويل (النفطية) تتطلع إلى المشاركة في ذلك".

اقرأ أيضاً: روسيا تجري محادثات مع إيران بشأن مبيعات طائرات ركاب

وكان رئيس شركة لوكويل العملاقة للنفط فاغيت اليكبيروف قد أعلن في أبريل/نيسان الماضي، أن شركته تريد العودة إلى إيران ما إن ترفع العقوبات عنها، كما أعرب العديد من الشركات النفطية الغربية عن اهتمام مماثل.

ويتوقع الخبراء أن تتولى روسيا دوراً رئيسياً في تطوير قطاع الطاقة النووية المدنية في إيران، وأعلن الكرملين بهذا الصدد أن الاتفاق سيساعد على تنفيذ "مشاريع واسعة النطاق على صعيد التعاون النووي السلمي بين البلدين".

وساهمت شركة روساتوم العامة للطاقة الذرية في بناء مفاعل بوشهر النووي الإيراني وتخطط لبناء مفاعلات أخرى في هذا البلد.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد دعا خلال المفاوضات إلى رفع فوري لحظر الأسلحة المفروض على إيران.

وبالرغم من أن الاتفاق ينصّ على بقاء هذا الحظر مفروضاً لخمس سنوات إضافية، فإن لافروف قال إنه من الممكن على الرغم من ذلك استئناف صادرات الأسلحة إلى هذا البلد بموافقة مجلس الأمن الدولي.

وفي أبريل/نيسان الماضي، رفعت روسيا حظراً كانت قد فرضته بنفسها على بيع إيران أنظمة صواريخ من طراز اس 300، وقال أحد المستشارين في الكرملين الشهر الماضي إن روسيا وإيران تعدان عقداً لتسليم أنظمة الدفاع الجوي من غير أن يرد أي تعليق رسمي على كيفية تأثير الاتفاق مع إيران على هذه الخطط.

وأضاف سيريغيشيف: "ستكون هناك منافسة ضارية على قطاع صناعة الطاقة في إيران، ولاحقاً على قطاع صناعة الأسلحة"، مضيفاً أن: "أعتقد أن روسيا ستركز أكثر على قطاع الطاقة بسبب خبرتها الدولية الواسعة في هذا المجال".

وقد تحد عودة إيران إلى سوق الطاقة الدولية من الفوائد المرتقبة لروسيا، حيث يقول محللون إن ذلك قد يؤدي إلى تراجع أسعار النفط وقد يحد من إمدادات روسيا لأوروبا.

وقال خبير الشرق الأوسط في مركز الأبحاث التحليلية، سميون باغداساروف، إن: "إيران متعطشة لمعاودة تصدير النفط إلى أوروبا"، موضحا أن: "لاعباً هاماً سيعود إلى السوق وستزداد المنافسة".

وكان التراجع الحاد في أسعار النفط بين يونيو/حزيران 2014 ويناير/كانون الثاني الماضي، من العوامل الرئيسية التي أدت إلى الانكماش في روسيا وشددت الضغوط على مالية الدولة.

ويرى مصرف غولدمان ساكس الأميركي أن عودة إيران إلى السوق النفطية بعد المصادقة على الاتفاق في مجلس الأمن الدولي والكونغرس الأميركي ومجلس الشورى الإيراني، قد تؤدي إلى انخفاض الأسعار، غير أن محللين آخرين يقولون إن التراجع المتوقع في أسعار النفط لن يكون كارثياً نظراً إلى اهتمام إيران، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، بالحفاظ على أسعار النفط في السوق العالمية.

وقال سيريغيشيف إن: "إيران لها مصلحة في الحصول على ما أمكنها من عائدات جراء رفع العقوبات.. لا يزال من الممكن التوصل إلى توافق على الأسعار لتفادي انهيار السوق".

ويرى محللون أن عودة صادرات النفط الإيراني إلى سوق عالمية تعاني من فائض في التموين قد لا تكون فورية وأن إيران قد لا تستأنف التصدير قبل العام المقبل".


اقرأ أيضاً:
إيران تتوقّع تدفّق الاستثمارات الأجنبية بعد رفع العقوبات
السوق الإيراني يترقب استثمارات تفوق 300 مليار دولار

المساهمون