يناقش القادة الأوروبيون اليوم الجمعة، للمرة الأولى، موازنة الاتحاد الأوروبي بعد عام 2020 وانسحاب بريطانيا وطريقة تعيين خلف لجان كلود يونكر على رأس المفوضية الأوروبية، وهي قضية تثير الانقسام.
وتواجه المشاريع الكبرى للاتحاد الأوروبي لتجديد نفسه بعد الانسحاب البريطاني، الذي كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحد ابطالها، أسئلة صعبة تتعلق بالمال والسيادة.
وقال مسؤول أوروبي كبير طلب عدم الكشف عن هويته ساخرا إن "موازنة الاتحاد الأوروبي لطالما كانت مسألة تثير الانقسامات. وستبقى كذلك لكن مع خروج المملكة المتحدة قد يكون هناك انقسامات أقل".
ويطرح تحد مزدوج نفسه على الاتحاد الأوروبي: فلمواجهة تحديات غير مسبوقة في مجال الأمن الداخلي وأزمة الهجرة، يستعدّ الاتحاد الأوروبي لتجهيز نفسه بالتمويل المناسب، لكن كيف يمول هذه التدابير الجديدة، فيما ستخسر موازنة الاتحاد أحد مساهميها الرئيسيين، أي نحو 10 مليارات يورو سنويا، بحسب المجلس الأوروبي.
ويوم الإثنين الماضي، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي ستجعل إعداد موازنة الاتحاد عملية "صعبة للغاية".
كما اعتبر مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الموازنة، غونتر أوتينغر، أن الساسة الأوروبيين بحاجة لتوفير ما بين 12 و15 مليار يورو لسد العجز في الموازنة الذي سينجم عن مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، خصوصا مع التحديات الجديدة المرتقبة، مثل تعزيز التعاون الدفاعي، وتأمين حدود الاتحاد ضد الهجرة غير الشرعية أو زيادة مساعدات التنمية.
وستكون المفوضية الأوروبية وراء الاقتراح التشريعي، المنتظر في 2 مايو/ أيار، الذي سيطلق رسميا المفاوضات حول مستقبل الموازنة الممتدة لعدة سنوات وهي موازنة تقديرية تحدد سقوف الإنفاق: الإطار الحالي الممتد من 2014 إلى 2020 ينص على التزامات تناهز ألف مليار يورو، كما يتبين من الأرقام الحالية لسنة 2018.
وقال مصدر أوروبي إن قمة اليوم الجمعة ليست سوى "نقاش سياسي" لتقديم بعض المؤشرات إلى المفوضية، مضيفا أن ما يحدث هو "تمرين غير مسبوق" يقضي أولا بتحديد الأولويات ثم تعديل الموازنة تبعا لذلك، ما أثار حتى الآن بعض التوتر.
اتخاذ خيارات
ونبهت بروكسل إلى ضرورة القيام بخيارات. والقسم الأكبر من موازنة الاتحاد- حوالى 70%- مخصص حتى الآن للأسس التاريخية للاتحاد: سياسة التلاحم التي تهدف للسماح للمناطق الفقيرة بتعويض تأخرها، والسياسة الزراعية المشتركة.
وأعلن المسؤول الأوروبي الكبير أن معظم الدول الأعضاء موافقة على دعم فكرة زيادة مشاركتها، "لكن الدول المشككة أو المعارضة، متشددة جدا". إنه ائتلاف من بضع دول (هولندا والسويد والدنمارك والنمسا) التي تساهم في موازنة الاتحاد أكثر مما تأخذ.
وأعلن المستشار النمساوي سيباستيان كورتز لدى وصوله، أن "ما لا نريده، هو أن نتمتع بوزن يتزايد باستمرار ويؤثر في المساهمين الآخرين".
وطرح بعض الدول أيضا فكرة تأمين شروط احترام القيم الديمقراطية، أو استقبال اللاجئين لدفع الأموال الأوروبية. ولا تتوافر إجابة على هذه الفرضية حتى الآن، طالما أن البلدان منقسمة حولها، ولأنه من الصعب على ما يبدو أيضا ترجمتها إلى نص قانوني.
واعتبرت الرئيسة الليتوانية داليا غريبوسكايت أن "صناديق التلاحم مخصصة بموجب المعاهدات، للتقارب وليس لأي شيء آخر".
(العربي الجديد، فرانس برس)