الائتلاف السوري يختار قيادة جديدة: سيف وخوجة أبرز المرشحين

04 مايو 2017
اعتقل النظام سيف مرتين قبل بدء الثورة(كريم جعفر/فرانس برس)
+ الخط -
تحاول المعارضة السورية ترتيب بيتها الداخلي استعداداً لمرحلة تبدو مختلفة عما سبقها في ظل مؤشرات على تعاطٍ جديد من قبل إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع الملف السوري ينهي حالة "عدم اليقين" والتردد الذي كانت تبديه الإدارة السابقة، ما سمح للنظام السوري وحلفائه في تغيير العديد من موازين القوى العسكرية والسياسية لصالحهم. وتبدو المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري في حال لا تحسد عليه، وتتعرض لانتقاد من الشارع السوري المعارض، إذ إن الاحتراب الداخلي يطل بين فترة وأخرى ليحصد العشرات من مقاتلي المعارضة، فضلاً عن انقسام في الرؤى والتوجهات والأولويات أسهم في تعميقه عدم تبلور تفاهمات إقليمية ودولية تمهد لحل سياسي.
وتعقد الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري، يومي الجمعة والسبت المقبلين، اجتماعات الدورة العادية 33، لاختيار قيادة جديدة مؤلفة من 24 عضواً، 19 منهم يشكلون الهيئة السياسية في الائتلاف، وخمسة أعضاء يشكلون الهيئة القيادية المؤلفة من رئيس وثلاثة نواب وأمين عام. وكشفت مصادر في الائتلاف الوطني لـ"العربي الجديد" أن هناك توجهاً لدى كتل في الائتلاف لإعادة انتخاب خالد خوجة مرة أخرى لرئاسة الائتلاف، منها كتلة المجالس المحلية التي تضم نحو 14 صوتاً، وكتلة جماعة "الإخوان المسلمين"، والقريبون منها والتي تضم نحو 8 أصوات، إضافة إلى كتلة "الأركان" التي تضم نحو 14 صوتاً.
وأشارت المصادر إلى أن المعارض السوري البارز رياض سيف (70 سنة) وافق "أخيراً" على خوض السباق الانتخابي من أجل رئاسة الائتلاف بعد رفضه ذلك مرات عدة لـ"أسباب صحية"، موضحة أن المستقلين وكتلة المجلس الوطني الكردي ورافضي إعادة خوجة لرئاسة الائتلاف يقفون مع سيف. ويُتهم خوجة، الطبيب المتحدر من أصل تركماني، من قبل خصومه السياسيين بالتفرد بالقرار إبان رئاسته للائتلاف في عام 2015، فضلاً عن كونه لم يستطع إحداث نقلة متميزة في الأداء السياسي للائتلاف. وكشفت المصادر أن نذير الحكيم ينوي الترشح لمنصب الرئيس، ما يفتح الباب أمام سباق انتخابي ربما لا تُحسم نتائجه في جولة أولى، خصوصاً أن ترشح الحكيم سيؤدي إلى تشتيت الأصوات فلا يستطيع أي مرشح الحصول على أصوات النصف زائداً واحد كما ينص النظام الداخلي للائتلاف ليفوز بالرئاسة.
ونفت المصادر أن يكون هناك فرض تركي على أعضاء الائتلاف لإعادة انتخاب خوجة، مشيرة إلى أن الأمر محكوم بتحالفات داخلية في الائتلاف بدأت تتبلور، معربة عن قناعتها بأن أسهم رياض سيف مرتفعة لما يملكه من تاريخ في معارضة نظام بشار الأسد، مضيفة: هو شخصية وطنية ربما تعيد للائتلاف ما فَقَد من قيمة سياسية وثورية، خصوصاً أن سيف هو من قاد مبادرة أفضت إلى تشكيل الائتلاف أواخر عام 2012، في العاصمة القطرية الدوحة.
ويُعدّ رياض سيف من أبرز الوجوه في المعارضة السورية، إذ اعتقله النظام مرتين قبيل اندلاع الثورة السورية، فقضى سنوات عدة خلف القضبان، على خلفية نشاطه إبان ما يُعرف بـ"ربيع دمشق" في بداية تولي بشار الأسد للسلطة عام 2000، إذ اعتقل في سبتمبر/أيلول وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات. كما حجز النظام على أمواله، وهو كان أحد الموقّعين على "إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي" في سورية عام 2005، كما واصل دعوته بتغيير النظام، وهو ما دفع أجهزة النظام الأمنية إلى إعادة اعتقاله في عام 2008 ولمدة عامين. مع بداية الثورة السورية في مارس/آذار من عام 2011، لم يتردد سيف في الالتحاق بها مشاركاً في التظاهرات السلمية، فتعرض للضرب على يد شبيحة النظام بالقرب من جامع الحسن في العاصمة دمشق أثناء مشاركته في التظاهرات، قبل أن يضطر للخروج من سورية بسبب التضييق عليه من قبل أجهزة النظام الأمنية. وكان رياض سيف من أبرز الصناعيين الدمشقيين، ومن الأصوات النادرة التي رفعت صوتها ضد الفساد في مؤسسات النظام، إذ جاهر بمعارضة النظام في "مجلس الشعب" الذي دخله مستقلاً في تسعينيات القرن الماضي.



ويشترط النظام الداخلي للائتلاف أن تتبوأ امرأة أحد مقاعد نائب الرئيس الثلاثة، في حين لا يشترط أن يكون كردياً نائباً للرئيس، ولكن جرى العرف أن يذهب أحد مقاعد النيابة لشخصية كردية لخلق توازن في تمثيل مختلف مكونات الشعب السوري. وأوضحت المصادر، أن هناك مرشحتين لمنصب نائب الرئيس، هما ربى حبوس، وديمة موسى، مرجحة أن يكون أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف رياض الحسن، هو الأمين العام للائتلاف في الدورة الجديدة التي تمتد لعام مقبل.
وشهد الائتلاف خلال الدورة المنتهية انسحاب العديد من الأعضاء، أبرزهم ميشال كيلو، وموفق نيربية، وفايز سارة، وسواهم، وهو ما خفض عدد الأعضاء إلى 102، بينهم 30 عضواً "لم يُبدوا اهتماماً كافياً في العمل السياسي داخل الائتلاف"، وفق مصادر، رجحت تخفيض عدد أعضاء الائتلاف خلال الدورة الجديدة. وكان الائتلاف الوطني السوري قد تأسس في الدوحة في بدايات نوفمبر/تشرين الثاني 2012 لـ"توحيد دعم القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية، والجيش الحر، وإنشاء صندوق دعم الشعب السوري بتنسيق دولي، وإنشاء اللجنة القانونية الوطنية السورية، وتشكيل حكومة انتقالية بعد الحصول على الاعتراف الدولي". ويضم الائتلاف العديد من الكتل التي تنتمي لقوى الثورة والمعارضة السورية، إضافة إلى مستقلين. وتناوب على رئاسته العديد من الشخصيات المعروفة في المعارضة السورية، وهم: معاذ الخطيب، أحمد الجربا، هادي البحرة، خالد خوجة، وأنس العبدة.
ويُتهم الائتلاف الوطني السوري من شريحة واسعة من السوريين بعجزه عن تشكيل جسم سياسي معارض متماسك قادر على اكتساب ثقة المجتمع الدولي بكونه يصلح بديلاً لنظام الأسد في إدارة البلاد. كما يُتهم بخضوع أغلب أعضائه لأجندات إقليمية ودولية. كما لم يستطع الائتلاف أن يكون مرجعية لفصائل المعارضة المسلحة، وهو ما أسهم في ضياع القرار العسكري الموحّد في مواجهة قوات النظام وحلفائها والتي استطاعت استغلال هذا الوضع في تغيير موازين القوى لصالحها مستفيدة من دعم عسكري روسي لا محدود.
وشكّل الائتلاف الوطني السوري أواخر عام 2015، مع هيئة التنسيق الوطنية، والجيش السوري الحر، ومستقلين، الهيئة العليا للمفاوضات التي تشرف على ملف التفاوض مع النظام. ويُحسب للائتلاف الوطني تمسكه بمبادئ الثورة السورية، وفي مقدمتها إسقاط بشار الأسد، وأركان حكمه على الرغم من الضغوط الكبيرة التي مورست عليه لتليين موقفه من أجل إبرام اتفاق سياسي في سورية. ورفض الائتلاف منذ تشكليه أن يتماهى مع رؤية روسية تدفع باتجاه إعادة إنتاج النظام، فحاولت موسكو سحب بساط تمثيل المعارضة السورية من الائتلاف من خلال دعم "منصات" تُحسب على المعارضة رفض الائتلاف التعامل معها.