أظهرت البيانات الرسمية الجديدة أن نسبة التضخم في إيران تواصل صعودها لتصل إلى 40.4 في المائة، وبذلك تمثل زيادة بنسبة 2.8% عن الشهر الماضي، الذي وصلت فيه النسبة إلى 37.6%.
وأعلن مركز الإحصاء الإيراني في آخر بياناته، يوم الثلاثاء، المنشورة على موقعه، أن تكاليف الأسر الإيرانية زادت خلال شهر "تير" الإيراني، المنتهي يوم الإثنين، بنسبة 48%، بالمقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كذلك ذكر المركز أن الأسعار في فئتي "المأكولات والمشروبات"، و"السلع غير المأكول" ارتفعت على الترتيب بنسبة 1.3% و3.5% خلال هذا الشهر، بالمقارنة مع الشهر السابق.
وتشهد الأسواق الإيرانية أوضاعاً مضطربة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في الثامن من مايو/ أيار الماضي، وما تبعه من فرضها عقوبات "شاملة وقاسية" على إيران، التي قال رئيسها حسن روحاني قبل فترة إنه لم تتعرض أي دولة على مر التاريخ لمثلها. كما قال نائب الرئيس الإيراني، اسحاق جهانغيري، مساء الثلاثاء، إنها "العقوبات الأكثر ظلماً في التاريخ".
وأضاف جهانغيري أنه "لو فرضت هذه العقوبات على دولة أخرى، لانهار اقتصادها"، لكنه أشار إلى أن بلاده نجحت في احتواء "الصدمات الأولية للعقوبات إلى حد كبير". وتابع أن الاقتصاد الإيراني "وصل اليوم إلى حد من الاستقرار"، داعياً إلى بذل مساعٍ "لإعداد موازنة الدولة دون الاعتماد على عوائد النفط".
وفيما فرضت الإدارة الأميركية اعتباراً من الثاني من مايو/ أيار الماضي حظراً شاملاً على الصادرات الإيرانية النفطية، بعد وقفها الإعفاءات الممنوحة لثماني دول من مشتريها، اعتبر جهانغيري أن "تراجع عوائد النفط يمكن أن يكون نافعاً للبلد ويدفع نحو التنمية".
وأوضح جهانغيري أن اقتصاد إيران وموازنتها "يتأثر من عوائد النفط بكل تأكيد"، لكنه قال في الوقت نفسه "قررنا خلال السنوات الأخيرة تقليل الاعتماد على عوائد النفط وأميركا كانت تتصور أنه اذا ما صفّرتها، سينهار اقتصادنا، وينزل الناس إلى الشوارع ويتحقق ما تصبو إليه من خلال فرض العقوبات".
ولفت نائب الرئيس الإيراني إلى أن بلاده بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي "كانت تنتظر من الدول الخمس الشريكة في الاتفاق النووي (فرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا) أن تعوض عن الضغوط الاقتصادية الناتجة عن العقوبات الأميركية، لكن خلال أكثر من عام لم تقم هذه الأطراف بأي إجراء اقتصادي جاد ومؤثر".
وفي إشارة إلى سياسة التقشف، التي تتبعها طهران لمواجهة تداعيات العقوبات الأميركية، دعا جهانغيري إلى "ضرورة حذف التكاليف غير الضرورية"، قائلاً إن "رؤساء المحافظات مكلفون بتعامل حازم مع أي جهاز يسرف في التكاليف".
وفي إشارة إلى الوضع المعيشي الصعب للمواطنين الإيراني، قال نائب الرئيس الإيراني، في تصريحات أخرى، صباح الثلاثاء، إن "الشعب الإيراني تحمل خلال السنوات الأخيرة ضغوطاً كثيرة ونحن خجالى من ذلك".
وفي الثالث عشر من الشهر الجاري، أقرّ المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي، الذي تشكّل العام الماضي لمواجهة تداعيات العقوبات الأميركية، مشروع إصلاح هيكلية موازنة الدولة، التي صادق عليها البرلمان الإيراني في يناير/ كانون الثاني الماضي.
ويبلغ حجم الموازنة الإيرانية 447 ألف مليار تومان (الدولار يساوي 12600 تومان). وصادق المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي على مشروع إصلاح الموازنة في أربعة محاور؛ وهي السعي لخلق دخل مستدام، وترشيد الصرف، والرقي بالثبات والتنمية والعدالة، وإجراء إصلاحات بنيوية.
ويعتمد مشروع إصلاح الموازنة الإيرانية على نظرية الاقتصاد المقاوم، والتي اقترحها المرشد الإيراني، علي خامنئي، سابقاً لتوطين الاقتصاد وتقليل اعتماده على الخارج وعوائد النفط للوصول إلى ثبات اقتصادي بعيداً عن المؤثرات الخارجية.
وتحاول إيران عبر ترشيد الموازنة وإصلاح هيكليتها مواجهة تداعيات "الحرب الاقتصادية" التي يقول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يشنّها على إيران بغية إجبارها على اتفاق شامل يطاول جميع الملفات المثارة حولها، أو "الإرهاب الاقتصادي" كما تسميها طهران.
وعلى خلفية الضغوط الاقتصادية الأميركية، فقدت إيران أهم مصادر إيراداتها بالعملة الصعبة، وخصوصاً بعد الحظر الشامل للنفط الإيراني، وصناعة التعدين والصلب وقطاع البتروكيماويات، لتراجع قيمة عملة "الريال" الإيراني إلى مستويات قياسية.
وتسبب تراجع العملة الإيرانية إلى مستويات قياسية في ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات على مدى العام الأخير، إلا أن "الريال" الإيراني تعافى خلال الآونة الأخيرة، لكنه لا يزال يشهد بعض التقلبات.
وبعد أن تحسنت عملة الريال خلال الأسبوعين الأخيرين لترتفع إلى 118000 مقابل كل دولار بالأسبوع الماضي، خلال اليومين الأخيرين هبطت إلى 126500 ريال مجدداً، إلا أن هذا السعر يشهد تحسناً مقارنة بالشهر السابق، والذي كان يتراوح فيه بين 130000 إلى 140000 ريال.
وكان قطاع العقارات من القطاعات الأكثر تأثراً بالوضع الاقتصادي المتفاقم في البلد، إذ وبحسب آخر بيانات رسمية نشرت هذا الشهر، فإن أسعار العقارات في طهران شهدت خلال الربيع الحالي قفزة بنحو 106.7 في المائة، بالمقارنة مع الفترة ذاتها في العام الماضي.