الإنسانيّة على الشاشات... تسويق الكوارث واستفزاز العواطف

12 أكتوبر 2019
فاز عسّاف في "آراب آيدول" عام 2013(عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -
البحث عن البعد الإنساني هو سمة برامج التلفزيون في العالم العربي اليوم. إذْ رغم اختلاف الطرح بين شاشة وأخرى، يبدو أنَّ الاتجاه إلى عرض المزيد من الحالات الإنسانية بات يرضي القائمين على المحطّات، ويُسرِّع من حركة المتابعة لدى المشاهد.

تسويق الكوارث
لسنوات خلت، حملت برامج المنوعات والمواهب العربية، هموم الحروب والتهجير، وما يجري من أحداث في الوطن العربي، وذلك من بوابة التسويق والترويج لهذه البرامج، عن طريق استعطاف الناس وتأمين أو ضمانة نجاح المتابعين والتصويت. استعطافٌ لم يصل إلى مبتغاه، فالتضامن لم يكن إلا وليد ساعات عرض الحالات، أو الموهبة التي يتم تسويقها وتصويرها أمام الملايين، بأنَّها جاءت رغم الحرب والانكسار. ومن الجدير الاعتراف، بأن جزءاً كبيراً من المواهب العربية التي مرت منذ بداية الثورات عام 2011، لم تلق النجاح الذي توقعته، أو حققت الحلم الذي رسمته طوال فترة التحضيرات لبلوغ البرنامج. أسماء كثيرة لم يقتصر حضورها على جمهور الشاشة الصغيرة، بل تحولت مع الوقت، والتطور التقني عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى ظواهر فنية، وبلغ عدد متابعيها الملايين، بحسب تطبيق "يوتيوب"، وغيرها من المواقع.

محمد عسّاف وحازم الشريف
لم يأتِ فوز الفلسطيني، محمد عساف، عام 2013، في برنامج المواهب "آراب أيدول" لمجرد أن عساف يتمتع بصوت قوي وأداءٍ سليم في الغناء. بل حاولت محطَّة MBC السعودية اللعب على عواطف الجمهور، وإثارة أو تذكير الناس بالقضية الفلسطينيَّة بشكل تجاريّ. حصد الشاب العشريني مزيداً من التعاطف الشعبي، ووضعت كافة التسهيلات كي يبصر "مشروع" نجم فلسطيني أول النور، من نافذة سعودية تماماً، كما حصل مع زميله السوري، حازم الشريف، بعد عام واحد من تنصيب عساف بطلاً في البرنامج نفسه. لكنَّ فوز حازم الشريف القادم من مدينة حلب كان مدروسًا، وذلك لما عانته مدينة حلب تحديداً من حرب شرسة ظلت لسنوات، وبالتالي كان لا بدّ من أن يحمل لقب أقوى البرامج الفنية.

بوابة عبور
وفي ذات السياق، ثمَّة سؤال يطرح نفسه، هل جاء كل هذا التسويق لصالح المشاركين في هذه البرامج؟ الإجابة البديهيَّة هي: لا. محمد عساف اليوم يعمل على خلفية جنسيته الفلسطينية. ورغم نجاحه الكبير، لا يزال إنتاجه الخاص من الأغاني رهنا بمزاجيَّة المنتج المنفذ لألبومات عساف. وبالتالي، لم يكتب له النجاح كما حصل بالنسبة لأصدقائه الذين أثبتوا مقدرتهم، وتخرجوا من برامجم شابهة، ونذكر منهم: ناصيف زيتون وأدهم نابلسي. من هنا، يمكننا القول إنَّ برامج المواهب، هي مُجرَّد بوابة عبور فقط لبعض المواهب الشابة، والتي تبحث عن مكان لها في هذا الزحام.
اليوم، يعود برنامج "ذا فويس" في موسمه الخامس بالاستثمار في بعض الحالات الإنسانيَّة التي تتحول إلى "نكهاتٍ" برأي المنتج. في إحدى الحلقات، استقبلت لجنة مدربي البرنامج، فتاة من المغرب تعاني من شلل نصفي، وهذا فعلياً محاولة جيدة في استقطاب هذه الحالات، ضمن برنامج جماهيري، إذْ يفتح المجال أمام ذوي الاحتياجات الخاصة، مجموعة من الآفاق الجديدة، لاختبار أو عرض مواهبهم، أو ربما تفوقهم في المهارات أمام الملأ. فهل تلقى بعض الأصوات أو المواهب ذات الاحتياجات الخاصة صدىً جماهيريًا واسعًا؟
المساهمون