يحدد العميد أحمد الزيات، المسؤول عن جناح وزارة الدفاع المصرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته التاسعة والأربعين، الهدف الأساسي من تواجدهم بحاجة القوات المسلحة للتواصل مع الناس، "وتوعيتهم بمخاطر المؤامرات الخارجية التي تدبرها قوى الشر والقوى الأجنبية مستهدفة الدولة والجيش".
"ولا يعد بيع الكُتب أو المطبوعات الخاصة بالقوات المسلحة هدفا للتواجد في معرض القاهرة" كما يضيف العميد الزيات، قبل أن يتابع "إيصال رسالة للمواطنين بأن الجيش يقوم بتثقيف جنوده وضباطه، وإننا بجانب الاستعداد العسكري مهتمون بعملية القراءة، وهي من أبرز أولوياتنا خلال تواجدنا".
ويتضمن جناح وزارة الدفاع مجموعة من أبرز مؤلفات الضباط، كما يضم الجناح قسماً خاصاً للمعارف العامة يضم مجلدات إصدارات القوات المسلحة من الصحف والمجلات العسكرية، من بينها المجلة العسكرية والنصر والمجاهد والدفاع ومجلة الوفاء والمجلة الطبية العسكرية، وفق ما قاله العقيد أركان حرب تامر محمد الرفاعي الناطق باسم الجيش المصري، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في 27 يناير/كانون الثاني الماضي، مؤكدا بأن إقامة القوات المسلحة جناحها السنوي للكتب والمطبوعات والإصدارات تأتي في إطار نشر الوعي والثقافة العسكرية، وتأصيل القيم الوطنية لدى الشعب المصرى بمختلف فئاته.
جولة في جناح الجيش
ما إن تطأ أقدام الزائر القاعة الرئيسية لمعرض الكتاب، حتى تدعوك موظفة الاستقبال إلى زيارة جناحي وزارة الدفاع والداخلية، اللذين يقعان في الدور الأول، مشيرة إلى وجود أفضل الإصدرات في كلا الجناحين المتجاورين في قاعة عبدالرحمن الشرقاوي الرئيسية بالمعرض، ويصطف أمام كلا الجناحين ضباط من الجيش والشرطة بلباسهم العسكري لاستعراض المطبوعات، والتقاط الصور التذكارية مع مرتادي الأجنحة، بينما تذيع مكبرات صوت أغنية "تسلم الأيادي".
ويستحوذ الجناح المُخصص للقوات المسلحة على مساحة كبيرة تفوق غيره من دور النشر كما تزيد عن حجم المساحة المخصصة لوزارة الداخلية، ويفسر اللواء أحمد عبدالحليم، مساعد وزير الدفاع الأسبق، اهتمام الجيش بإقامة جناح كبير، بأنه: "ليس غريباً عن الثقافة، أو وافدا جديدا لهذا القطاع الذي ساهمت مؤلفات أفراده المنتمين له في إثرائها على المستوى المحلي والدولي" على حد قوله، ويضيف عبدالحليم، الذي يعمل كذلك محاضراً بأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، أن الدور التثقيفي للمؤسسة ينبغي أن ينتقل من تثقيف أفرادها إلى تثقيف عموم الشعب المصري، مؤكداً أن هناك كما من المؤلفات في كُل أنواع العلوم لأفراد الجيش، فضلاً عن أن الإصدارات العسكرية قادرة على تأدية هذا الدور بنجاح، والبدء في عرض أنواع من هذه الإصدارات في المكاتب العامة، خصوصاً في ظل حالة المؤامرات الخارجية التي تُدبر تجاه الدولة.
جناح الداخلية
داخل جناح وزارة الداخلية في معرض الكتاب، يقف النقيب محمد عادل المسؤول عن الجناح بلباسه العسكري، مع فردين مدنيين يعملان في الجناح، لتوجيه الزائر إلى أنواع الكُتب الموجودة، وتوزيع كُتيبات صغيرة عن أدوار وزارة الداخلية في نشر الثقافة عبر المراكز البحثية والجهات التي تتبعها، ويعد مركز بحوث الشرطة الجهة المسؤولة عن تنمية الحركة العلمية والثقافية بين أفراد الشرطة، كما يقول النقيب عادل موضحا أن الوزارة أصدرت 42 إصدارا، وترجمت مئات الكتب، ونظمت 134 مؤتمراً وندوة ثقافية في الفترة الممتدة بين 1984 وحتى عام 2016.
وتبرز داخل الجناح إصدارات "التوظيف السياسي والاجتماعي لقضايا حقوق الإنسان على شبكة الإنترنت، ودور الشرطة في مجال حقوق الإنسان، ودور الشرطة في حماية البعد الثقافي للأمن القومي والتحريض الإلكتروني"، وبعض رسائل الدكتوراة لأفراد منتمين للشرطة كرسالة حول نشر الثقافة الأمنية وأثرها على تفعيل الأداء الأمني كتطبيق عملي على الإرهاب، وأخرى حول انعكاسات العنف السياسي الداخلي على الأمن القومي المصري.
تقييم الإنتاج الأمني
يعتقد أحمد العدوي، الناقد الأدبي في دار نشر الجامعة الأميركية بالقاهرة، أن البنية الهيكلية للمؤسسات الأمنية تجعلها عاجزة عن إنتاج محتوي ثقافي إبداعي؛ قائلا "هذه المؤسسات خاضعة في أنماط العلاقات القائمة بين أفرادها على الانضباط، وتنفيذ الأوامر، وهي الأمور التي ينبغي أن يتحرر منها الكاتب خلال كتاباته، ويُخضع ما يكتبه لخياله من جهة ورؤيته للواقع من جهة أخرى".
ويضيف العدوي أن محاولة التظاهر من جانب هذه المؤسسات بأنهم حاضرون فى المشهد الثقافي والتوعوي للمصريين، ليس مرتبطاً بإنتاجهم المهم، بل يتعلق بالحضور العام المُكثف للمؤسسات الأمنية وعلى رأسها الجيش والشرطة في المجال العام وكافة القطاعات الحياتية، مشيراً إلى أن أغلب الأطروحات الموجودة في الكُتب الأمنية متعلقة بحروب الجيل الرابع والمؤامرات، والتي تُمثل انعكاسا لما يرونه كأولوية من تهديدات للدولة المصرية كما يتضح من الخطاب الرائج.