الإسكافي.. مهنة تهترئ في مصر على أعتاب الأحذية المستوردة

08 سبتمبر 2015
هذه المهنة شهدت انحساراً كبيراً مؤخراً (العربي الجديد)
+ الخط -

لسنوات قريبة كانت مهنة الإسكافي تحظى بإقبال من جانب شرائح من المصريين، لا سيما الذين يبحثون عن منتجات أرخص من المطروحة في محال الأحذية أو يلجأون إلى إحياء الأحذية المهترئة لديهم.

لكن هذه المهنة شهدت انحساراً كبيراً، في السنوات الأخيرة، ليطاولها الاهتراء، أيضاً، بفعل غزو المنتجات الرخيصة المستوردة، خصوصاً من الصين، التي ضربت نشاط الإسكافي والكثير من منتجي الأحذية على السواء في البلاد.

خليل أبو زيد، الذي يعمل إسكافياً في حي العمرانية في محافظة الجيزة غرب القاهرة، يقول: إن مهنة الإسكافي "الجزماتي" كانت في الماضي ذائعة الصيت، لكنها خفتت رويداً حتى اقتصرت على عمل إصلاحات وترميمات الأحذية والحقائب والمنتجات الجلدية.

يضيف أبو زيد، 38 عاماً، والحاصل على دبلوم تجارة (تعليم متوسط)، أنه ورث هذه المهنة من والده، لكنه لا ينوي أن يورثها أحد أبنائه.

ويوضح أن عدداً كبيراً من ورش الأحذية أغلقت بشكل نهائي لعدم قدرتها علي منافسة البضائع المستوردة، خصوصاً من الصين، نظراً لرخص أسعارها، حيث تتراوح بين 50 و80 جنيها (6.4 دولارات و10.2 دولارات) لأحذية الرجال و30 و70 جنيها (3.8 دولارات و8.9 دولارات) لأحذية النساء، لافتاً إلى أن الغزو الصيني دفع محلات إصلاح الأحذية إلى رفع أسعار التصليح، نظراً لعدم الطلب علي الأحذية المحلية، التي كان يصنعها الإسكافي.

ويشير إلى أنه يقضي نحو 11 ساعة في المحل الذي ورثه عن والده، ليصل دخله شهرياً إلى نحو 2500 جنيه (319.2 دولاراً)، ترتفع أيام المواسم في المدارس والأعياد، مؤكداً أن هذا المبلغ بالكاد يكفي احتياجاته اليومية من مأكل وملبس وإيجار مسكن لأسرته، خصوصاً بعد ارتفاع الأسعار الذي لحق جميع السلع والخدمات.

ويستخدم أبو زيد، في عملة ماكينة خياطة يصل سعرها إلى 12 ألف جنيه (1.5 ألف دولار). مشيراً إلى أن هذه المهنة تتطلب الكثير من الدقة والانتباه والحذر، خصوصاً عند استعمال مثل هذه الآلات، فكثير من المرات تؤدي سرعة الماكينة الزائدة إلى جرح الأصابع، فضلاً عن أنها تتطلب الكثير من الإبداع والإتقان في العمل، من أجل دوام تردد الزبون على المحل.

اقرأ أيضاً: ماسح الأحذية..مهنة الفقراء من كبار السن في مصر

ويضيف، أنه سمع والده يقول: إن الإسكافي، قديماً، كان يصنع الأحذية الجديدة ويصلح القديمة يدوياً دون ماكينات للخياطة، وكان المنتَج حينها أكثر متانة وأناقة، بالإضافة إلى أن الجلد المستخدم قديماً كان جلداً طبيعياً، حيث لم يكن الجلد الصناعي معروفاً وقتذاك.

ويشير إلى أن من كان يريد أن يمتطي حذاء، يذهب إلى الإسكافى ليأخذ مقاس حذائه، ثم يعطيه موعداً ويختلف الموعد حسب أيام العمل، فإن كان وقت العيد أو المدارس فستطول المدة إلى عشرة أيام أو أكثر، وإن كان فى أيام الركود فسينتهي من عمل الحذاء فى خلال يومين أو ثلاثة أيام.

وحول المشاكل التي تعترض عمل الإسكافي يوضح أبو زيد، أن أصعب هذه المشاكل هي ضعف النظر، لأن المهنة تتطلب تركيزاً شديداً، بالإضافة إلى أن مادة الغراء بكل أنواعها تحتوي على مواد كيميائية تسبب أمراضاً كثيرة للعامل.

وبحسب جمال السمالوطي، رئيس غرفة صناعة الجلود في اتحاد الصناعات المصرية، فإن نحو 7 آلاف منشأة وورشة لتصنيع الجلود، أغلقت أبوابها في الفترة الأخيرة، منها 5 آلاف ورشة مسجلة رسمياً، من أصل 17 ألف منشأة عاملة في السوق، نتيجة لتصدير الجلود الخام ومنافسة البضائع المستوردة.

ويقول السمالوطي لـ"العربي الجديد"، إن "مصانع الأحذية والمصنوعات الجلدية تعمل حالياً بنسبة 20% فقط من طاقتها الإنتاجية، نتيجة حالة الركود التي تشهدها الأسواق والمنافسة غير العادلة مع البضائع المستوردة".

ووفقاً لبيانات هيئة الرقابة على الصادرات والواردات الحكومية، فإن متوسط سعر الحذاء المستورد يبلغ 0.78 دولار، وفقاً للكميات المستوردة، ويباع في السوق للمستهلك بما يصل إلى 7.8 دولارات.

ويقول رئيس غرفة صناعة الجلود إن "المستوردين يضيعون على الدولة نحو 157.4 مليون دولار سنوياً، تذهب إلى جيوبهم الخاصة، فضلاً عن مساهمتهم في تدمير الصناعة المحلية بسبب تكثيف الاستيراد".

ويضيف إن نحو 10 أشخاص فقط يتحكمون في صناعة دبغ الجلود في مصر، ويصدرونها إلى الخارج بدعم 6% من الدولة. مشيراً إلى أن مصانع الجلود تنتج، حالياً، نحو 150 مليون حذاء سنوياً، على الرغم من أنه في حالة العمل بالطاقة القصوى سيصل الإنتاج إلى 745 مليون حذاء سنوياً، لافتا إلى أن تصدير الأحذية تراجع إلى نحو 180 مليون جنيه العام الماضي، بعد أن كان يتجاوز 255 مليون جنيه سنوياً.


اقرأ أيضاً: مصر تخشى المزيد من إغراق السلع الصينية

دلالات
المساهمون