16 نوفمبر 2024
الإسرائيليون "يحضرون" أستانة
ليل الخميس ـ الجمعة الماضي، كان سرب طائرات "أف 35" تابع للاحتلال الإسرائيلي يشنّ غاراتٍ عدة على مطار المزة العسكري في دمشق. غارات ذات مهمة أساسية، هي ضرب كل ما من شأنه أن يُشكّل خطراً على إسرائيل، وفقاً للاحتلال، غير أن الهدف يبدو أبعد من ذلك بكثير في هذه الغارة، وحتى عكس عنوانها الأساسي. تُظهر الغارة وتوقيتها أن الاحتلال يريد تكريس نفسه مفاوضاً غير مباشر في المحادثات السورية في مؤتمر أستانة، في كازاخستان، في 23 يناير/ كانون الثاني الحالي.
بدت الغارة كأنها جاءت في وقتٍ مناسب لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مكرّراً نمطية تقليدية رسّخها أسلاف له، سعوا من خلالها إلى الهروب دوماً من أعباء الداخل، سواء الملاحقات القضائية أو الصعوبات الاقتصادية أو التراجع السياسي. تلك النمطية تُرجمت دائماً لدى رؤساء الحكومات، حين يكونون في ورطةٍ ما، عبر ضرب أهداف خارج الكيان الإسرائيلي، لجذب الجمهور إلى اهتماماتٍ أخرى، تُعيد إحياء "الخطر الخارجي" على حساب الصدامات الداخلية. الأمثلة كثيرة، من مناحيم بيغن إلى آرييل شارون وإيهود باراك وإيهود أولمرت وشيمون بيريز وغيرهم.
نتنياهو الغارق في أزمة قضائية قد تدفعه إلى خارج السلطة، احتاج إلى "نصرٍ ما" حالياً، خصوصاً أنه يعاني أممياً، بعد قرار مجلس الأمن الذي قضى بإدانة الاستيطان الإسرائيلي، أواخر العام الماضي. كما أن عملية الدهس في القدس المحتلة الأسبوع الماضي ساهمت في إضعاف صورة رئيس الحكومة أولاً، وثانياً صورة الجيش الإسرائيلي الذي لاذ بعض عناصره بالفرار خلال العملية.
لا يبدو أن رهان "بيبي" قد فشل، ذلك لأن النظام السوري، كعادته، لم يردّ على الغارة ولن يردّ. لم يستخدم الروس منظومة "أس 400" لمنع الطيران الحربي الإسرائيلي من التحليق في السماء السورية، علماً أن مدى المنظومة يغطي عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمق التركي، وكامل الأراضي اللبنانية. تماماً كما حصل حين اغتيل كوادر من حزب الله في الأعوام الأخيرة في سورية، وقصف قوافل الأسلحة المتجهة إلى الحزب في لبنان. تتعطّل تلك المنظومة فور خروج الطائرات الإسرائيلية من قواعدها. كما حصلت الغارة أيضاً بعد ساعات من اتفاق روسي ـ تركي موقّع، لتنسيق الضربات الجوية في سورية.
عليه، تأكّد نتنياهو من وجود الروس إلى جانبه "حليفاً تقليدياً" في الشرق الأوسط. ويبقى أمامه الآن وضع أوراقه السياسية في أستانة بصورة غير مباشرة، تحديداً محطات أربع أساسية: الجولان، وحزب الله، وإيران، ووادي بردى. بالتأكيد، إن الروس الذين غضّوا النظر عن الغارات الإسرائيلية في سورية لن يألوا جهداً في وضع ضوابط تسمح بضمان "استقرار" الكيان الإسرائيلي، وحمايته من أي إشكاليةٍ مستقبلية. لا يبحث الإسرائيليون عن "17 أيار سوري"، لعلمهم أن الطرف الداخلي في سورية أضعف من أن يطبّق مثل هذا الاتفاق. يبدو النموذج اللبناني في هذا الصدد فاقعاً. كل ما يبحث عنه الإسرائيليون هو ضمانة خارجية، شبيهة بالتي حصلت عشية بدء الروسي قصفه في سورية، في 30 سبتمبر/ أيلول 2015.
في ذلك الحين، كان نتنياهو واضحاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "ننسّق معاً في السماء السورية". ومع عدم إبداء بوتين رفضه، بات جلياً أن "التنسيق" الذي بدأ "فوق" استُكمل "تحت" في الميدان، ويُنتظر وفق هذا أن يستمر في الشقّ السياسي، حين يصل النقاش إلى إسرائيل والخطوات المستقبلية تجاهها.
عليه، يحاول نتنياهو الخروج من الحصار الداخلي ببطءٍ، فالرهان على غياب البديل الجاهز له في رئاسة الحكومة حالياً لا يعني عدم جهوزيته لاحقاً. ليس بالضرورة أن يكون البديل أفيغدور ليبرمان أو حتى نفتالي بينيت، بل يكفي أن يبدي موشيه كحلون تململه، حتى يجد نفسه بديلاً متأهباً. الأساس وسط هذا كله، أن نتنياهو ضرب ضربته في انتظار نتائج مؤتمر أستانة.
بدت الغارة كأنها جاءت في وقتٍ مناسب لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مكرّراً نمطية تقليدية رسّخها أسلاف له، سعوا من خلالها إلى الهروب دوماً من أعباء الداخل، سواء الملاحقات القضائية أو الصعوبات الاقتصادية أو التراجع السياسي. تلك النمطية تُرجمت دائماً لدى رؤساء الحكومات، حين يكونون في ورطةٍ ما، عبر ضرب أهداف خارج الكيان الإسرائيلي، لجذب الجمهور إلى اهتماماتٍ أخرى، تُعيد إحياء "الخطر الخارجي" على حساب الصدامات الداخلية. الأمثلة كثيرة، من مناحيم بيغن إلى آرييل شارون وإيهود باراك وإيهود أولمرت وشيمون بيريز وغيرهم.
نتنياهو الغارق في أزمة قضائية قد تدفعه إلى خارج السلطة، احتاج إلى "نصرٍ ما" حالياً، خصوصاً أنه يعاني أممياً، بعد قرار مجلس الأمن الذي قضى بإدانة الاستيطان الإسرائيلي، أواخر العام الماضي. كما أن عملية الدهس في القدس المحتلة الأسبوع الماضي ساهمت في إضعاف صورة رئيس الحكومة أولاً، وثانياً صورة الجيش الإسرائيلي الذي لاذ بعض عناصره بالفرار خلال العملية.
لا يبدو أن رهان "بيبي" قد فشل، ذلك لأن النظام السوري، كعادته، لم يردّ على الغارة ولن يردّ. لم يستخدم الروس منظومة "أس 400" لمنع الطيران الحربي الإسرائيلي من التحليق في السماء السورية، علماً أن مدى المنظومة يغطي عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمق التركي، وكامل الأراضي اللبنانية. تماماً كما حصل حين اغتيل كوادر من حزب الله في الأعوام الأخيرة في سورية، وقصف قوافل الأسلحة المتجهة إلى الحزب في لبنان. تتعطّل تلك المنظومة فور خروج الطائرات الإسرائيلية من قواعدها. كما حصلت الغارة أيضاً بعد ساعات من اتفاق روسي ـ تركي موقّع، لتنسيق الضربات الجوية في سورية.
عليه، تأكّد نتنياهو من وجود الروس إلى جانبه "حليفاً تقليدياً" في الشرق الأوسط. ويبقى أمامه الآن وضع أوراقه السياسية في أستانة بصورة غير مباشرة، تحديداً محطات أربع أساسية: الجولان، وحزب الله، وإيران، ووادي بردى. بالتأكيد، إن الروس الذين غضّوا النظر عن الغارات الإسرائيلية في سورية لن يألوا جهداً في وضع ضوابط تسمح بضمان "استقرار" الكيان الإسرائيلي، وحمايته من أي إشكاليةٍ مستقبلية. لا يبحث الإسرائيليون عن "17 أيار سوري"، لعلمهم أن الطرف الداخلي في سورية أضعف من أن يطبّق مثل هذا الاتفاق. يبدو النموذج اللبناني في هذا الصدد فاقعاً. كل ما يبحث عنه الإسرائيليون هو ضمانة خارجية، شبيهة بالتي حصلت عشية بدء الروسي قصفه في سورية، في 30 سبتمبر/ أيلول 2015.
في ذلك الحين، كان نتنياهو واضحاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "ننسّق معاً في السماء السورية". ومع عدم إبداء بوتين رفضه، بات جلياً أن "التنسيق" الذي بدأ "فوق" استُكمل "تحت" في الميدان، ويُنتظر وفق هذا أن يستمر في الشقّ السياسي، حين يصل النقاش إلى إسرائيل والخطوات المستقبلية تجاهها.
عليه، يحاول نتنياهو الخروج من الحصار الداخلي ببطءٍ، فالرهان على غياب البديل الجاهز له في رئاسة الحكومة حالياً لا يعني عدم جهوزيته لاحقاً. ليس بالضرورة أن يكون البديل أفيغدور ليبرمان أو حتى نفتالي بينيت، بل يكفي أن يبدي موشيه كحلون تململه، حتى يجد نفسه بديلاً متأهباً. الأساس وسط هذا كله، أن نتنياهو ضرب ضربته في انتظار نتائج مؤتمر أستانة.