الإذاعة الوطنية التونسية نحو البث المرئي

12 مايو 2018
تنوي الإذاعة استخدام 4 كاميرات (Getty)
+ الخط -
أعلن في تونس، نهاية الأسبوع الماضي، عن إطلاق أول إذاعة مرئية تونسية، بمناسبة احتفال "الإذاعة الوطنية" بالذكرى الثمانين لتأسيسها، في بادرة هي الأولى من نوعها في البلاد، حيث لم يسبق لإذاعة تونسية أن قامت بالبث المرئي، إضافة إلى دورها في البث على موجات الأثير.
هذه الخطوة التي أقدمت عليها الإذاعة التونسية الرسمية، والتي تتولى إدارة 10 محطات إذاعية، منها خمس محطات مناطقية، أرادت من خلالها استغلال التكنولوجيات الحديثة وتطويعها في إطار مشروع يتمّ العمل عليه منذ فترة، وهو الدخول إلى عصر الميديا المندمجة Integrated Media، وفقاً لتصريح المدير العام للإذاعة التونسية، عبدالرزاق الطبيب، في حديثه لـ"العربي الجديد".
ويوضح عبدالرزاق الطبيب أن "هذا المشروع شرعت الإذاعة التونسية في تركيز دعائمه الأولى من خلال بعث مركز للتدريب والدراسات الاستراتيجية يتولى تدريب المنتسبين للإذاعة التونسية حتى يتمكنوا من امتلاك ناصية التكنولوجيات الحديثة وتوظيفها للوصول إلى أكبر عدد من المستمعين والتسويق لصورة الإذاعة التونسية لجعلها أكثر تنافسية في سوق الإعلام التونسي".
أما عن الحاجة إلى الإذاعة المرئية، فيشرح الطبيب أن "نوعية وطبيعة المتلقي للمضامين الإعلامية الإذاعية تغيرت بظهور محامل إعلامية جديدة عبر الإنترنت والبث التلفزيوني، فالصورة أصبحت مهمة وبالتالي وجب توظيفها من خلال إذاعة مرئية تواصل القيام بأدوارها التقليدية ودعمها بأدوار جديدة تتمثل في البث المرئي، وهو ما يساهم في الوصول إلى أكبر عدد من المتلقين وخلق علاقة حميمة معهم يتمّ فيها الربط بين الصوت، وهو جوهر الإذاعة، وبين الصورة".




الإذاعة المرئية المنتظر إطلاق بثها في الأيام المقبلة، سألت "العربي الجديد" عن كيفية عملها وطرق تمويلها، فأكد الطبيب أنه "سيتمّ الحفاظ على استديو البث الإذاعي التقليدي لكن مع نشر أربع كاميرات في الاستديو تعمل آلياً، وفقاً لتقنية الصوت، بمعنى أنها تتوجه مباشرة لمن يتكلم بشكل آلي. وفى حالة وجود أكثر من متكلم، تقوم بشكل آلي بفتح مجال التصوير لأكثر من فرد".
وعن تمويل هذا المشروع، يجيب بأن "تمويل الإذاعة المرئية تمّ عن طريق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي عرضت عليه الإدارة العامة للإذاعة التونسية المشروع ووافق على تمويل شراء المعدات وتدريب العاملين فيها، وسيكونون من العاملين حالياً في الإذاعة التونسية، بمعنى أنه لن تكون هناك انتدابات جديدة لهذا المشروع الجديد".
الإذاعة المرئية حصلت على الإجازة القانونية من قبل "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" (الهايكا)، وستبث برامجها التي سيتم تكييفها لطابعها الجديد على القمرين الاصطناعيين "نيل سات" و"عربسات"، في مرحلة أولى، ومن الممكن أن يتمّ توسيع شبكة بثها عن طريق أقمار اصطناعية أخرى.
وعن إمكانية بعث إذاعات مرئية أخرى تابعة للإذاعة التونسية، يبيّن الطبيب أن "التحول إلى إذاعة مرئية سيكون في مرحلة أولى خاص بـ(الإذاعة الوطنية) كتجربة نموذجية، باعتبارها أقدم الإذاعات التونسية، على أن يتمّ في مرحلة لاحقة توسيع التجربة لتشمل الإذاعات المناطقية الخمس، وبالتالي تحقيق هدف لطالما حلم به الكثيرون، وهو بعث تلفزيونات محلية من خلال الإذاعات المرئية المحلية".
يذكر أن "الإذاعة الوطنية" التي وقع الاختيار عليها لتتحول الى إذاعة مرئية تعتبر أقدم إذاعة تونسية، إذ انطلق بثها في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1938، خلال فترة الاستعمار الفرنسي لتونس، وكانت تتولى الإشراف عليها إدارة فرنسية. وكانت حينها تسمى "إذاعة البريد"، ثم جرت "تونستها"، بعد الاستقلال في 20 مارس/ آذار عام 1956، لتكون الإذاعة التونسية رقم واحد، قبل ظهور الإذاعات الخاصة في فترة متأخرة.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة الرائدة التي تقدم عليها الإذاعة التونسية تأتي في وقت يعاني فيه القطاع الإعلامي التونسي من هشاشة اقتصادية، ويواجه العاملون فيه ظروفاً اجتماعية صعبة، تتمثل في عدم حصولهم على أجورهم الشهرية ومستحقاتهم المالية الأخرى على مدى أشهر عدة، ما دفع الكثيرين منهم إلى الانسحاب من هذا المجال، نحو مجالات عمل أخرى تضمن استقراراً مادياً على الأقل. كما فضل بعضهم خيار الإضراب العام، عسى أن تؤتي تحركاتهم ثمارها.




هذه الهشاشة الاقتصادية تركت مخاوف عدة عند القيمين على القطاع الإعلامي في البلاد، وأبرزهم نقيب الصحافيين التونسيين، ناجي البغوري، الذي عبّر مراراً عن تخوفه من استغلال الأزمة الاقتصادية في فرض سيطرة حزبية ومالية على المؤسسات الإعلامية التونسية، ما يهدد استقلاليتها وحريتها التي تعد من أبرز مكاسب ثورة عام 2011.
دلالات