الإدارة الذاتية تغلق صفوف الثالث الثانوي التابعة للمنهاج السوري

16 يونيو 2020
مستقبله رهن قرار ينتقده كثيرون (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

عملت الإدارة الذاتية منذ تأسيسها في شمال شرق سورية على فرض مناهجها على الصفوف الابتدائية في مرحلة أولى، ثمّ عملت تدريجياً حتى وصلت إلى قرارها الأخير القاضي بفرضها على الصف الثالث الثانوي.

أصدرت هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية قراراً بإغلاق كلّ صفوف الثالث الثانوي التابعة لسلطة وزارة التربية في حكومة النظام السوري، وذلك في مدينتَي الحسكة والقامشلي ومناطق أخرى تابعة لها في شمال شرق سورية، مؤكدة على وجوب التحاق المدرّسين بخدمة الدفاع الذاتي في صفوفها. وجاء في تعميم القرار الصادر قبل أسبوع، يوم الثلاثاء في التاسع من يونيو/ حزيران الجاري، "عدم تأجيل أيّ معلم من خدمة واجب الدفاع الذاتي إلا في بعض الحالات الخاصة التي لا يمكن الاستغناء عن خدمته (...) ويمكن إعادة المعلمين الذين فصلوا من العمل بسبب عدم التحاقهم بواجب الدفاع الذاتي بحسب حاجة المجمّعات التربوية إلى المعلمين (...) ومن الممكن إعادة المعلمين الذين فصلوا بسبب التحاقهم بالأفواج العسكرية بحسب حاجة المجمّعات التربوية إلى المعلمين". وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإنّ ثمّة مدارس قليلة استثنيت من القرار، وهي المدارس الواقعة في المربّع الأمني بمدينة الحسكة وكذلك المدارس الواقعة في المربعّ الأمني بمدينة القامشلي والتي تُعَدّ مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري.

يتحدّث مدرّس في القامشلي، فضّل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، عن تداعيات القرار، موضحاً أنّ "الشهادات الصادرة عن الإدارة الذاتية هي شهادات غير معترف بها، سواء شهادة المرحلة الأساسية أو شهادة المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى الشهادات الجامعية التي تمنحها الجامعات التابعة لها في مناطق سيطرتها. كذلك فإنّ الكوادر التعليمية غير كفوءة وهي بمعظمها غير مؤهلة للتدريس، الأمر الذي يهدد مستقبل التعليم في المنطقة بشكل حقيقي". يضيف أنّ "أبواب الجامعات السورية ستكون مغلقة بوجه الطلاب الحاصلين على الشهادة الثانوية الصادرة عن هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية، وحتى الجامعات الأجنبية، سواء في إقليم كردستان العراق أو غيره، وعملياً سيكون جيلاً مستوى تعليمه متدنّ ولا يحمل شهادات معترف بها".

كلستان كنجو، تلميذة مقبلة على نهاية المرحلة الثانوية في مدينة القامشلي، تتخوّف من تبعات القرار عليها وعلى أمثالها، لا سيّما أنّ السنة الثالثة في المرحلة الثانوية محورية، تقول لـ"العربي الجديد": "أنا درست وفق المناهج العربية، ومن غير الممكن بالنسبة إليّ التأقلم مع المنهاج المفروض من قبل الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى أنّني لا أتقن اللغة الكردية في الأصل". تضيف كنجو أنّ "القرار يضرّ بنا كتلاميذ. وفي حال رسبت هذا العام كتلميذة بكالوريا، فإنّ مستقبلي سيضيع وكذلك تعبي على الدورات التعليمية التي أخضع لها وفق المنهاج الصادر عن وزارة تربية النظام السوري، إذ سأكون مجبرة على دراسة منهاج الإدارة الذاتية".



أمّا المدرّسة شيرين، التي تحفظت على ذكر اسم عائلتها، فتطالب بأن "تكون المناهج المفروضة من قبل الإدارة الذاتية مناهج غير سطحية ومدروسة وفق معايير الجودة"، قائلة لـ"العربي الجديد"، إنّ "ثمّة سلبيات وإيجابيات للقرار". وتوضح: "يجب أن تكون المناهج لخدمة الأجيال هنا بالدرجة الأولى"، لافتة إلى أنّ "مادة التاريخ على سبيل المثال غير مفهومة وهناك الكثير من المعلومات الخاطئة المفروضة من ضمن مناهج الإدارة الذاتية".

في المقابل، يرى المدرّس محمد علي، من مدينة القامشلي، والذي يعمل في إحدى المدارس التابعة للإدارة الذاتية، أنّه "لا بدّ للجهات الدولية من أن تمنح الإدارة الذاتية فرصة الاعتراف بالمناهج والشهادات الصادرة عنها"، مشيراً لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "النتائج الإيجابية أكثر من تلك السلبية بهذا الخصوص، كون المناهج المفروضة من الإدارة الذاتية تحمل المضمون ذاته الذي تتضمّنه المناهج الصادرة عن وزارة تربية النظام".

من جهتها، تعلّق الإدارية في مركز هانزا للتعليم آريا محمود على القرار الصادر عن هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية، قائلة لـ"العربي الجديد"، إنّ "الموضوع حساس، كون التعليم مهماً لتطوّر المجتمعات، وبالنسبة لقرار الإدارة الذاتية، يجب إعادة النظر فيه من قبل الإدارة الذاتية، لأنّ التلاميذ في كلّ المحافظات السورية يتنافسون على المقاعد الدراسية نفسها في الجامعات. ونحن نطالب بأن تحصل الإدارة الذاتية على اعتراف رسمي بالمناهج الصادرة عنها حتى لا يتضرر التلميذ". تضيف محمود: "نحن لاحظنا أنّ التلميذ الذي تابع تعليمه لدى الإدارة الذاتية لديه ضعف في نواح كثيرة مقارنة مع من تابع المناهج الصادرة عن النظام. نحن هدفنا مصلحة التلميذ والمجتمع من خلال إعادة النظر بالقرارات والمناهج. حتى الجامعات التي تديرها لا بدّ من أن تكون جامعات مرخّصة وأن تكون مناهجها معترف بها من قبل المنظمات المختصة والجهات الدولية المعنية".



وتتابع محمود أنّ "التلاميذ في مرحلة حرجة وهم ضائعون، فهم لا يعلمون إذا كان المنهاج الذي يتابعونه سيُعترف به أم لا، علماً أنّهم سيقدّمون امتحاناتهم بعد أقل من شهر. ومن الممكن أن يكون بينهم من هو في حاجة إلى إعادة المرحلة أو من يرسب. بالتالي سيكونون أمام خيارات صعبة في العام المقبل، ونحن نريد أن تكون القرارات واضحة بالنسبة إلى هذا الموضوع، لا سيّما أنّ التعليم مسألة تراكمية". وتشرح أنّ "التلميذ الذي اعتاد المنهاج نفسه منذ المرحلة الابتدائية وصولاً إلى الثانوية ويجد نفسه فجأة أمام آخر جديد، سيُصاب بالتشتت والضياع. كذلك الأمر بالنسبة إلى التلاميذ الذين درسوا مناهج الإدارة الذاتية".