وَصلَت أصداء معاناة طالبي اللجوء في الدنمارك، وخصوصاً السوريين، إلى الأمم المتحدة التي أصدرت بياناً يتضمن توصيات من خلال لجنة التمييز العرقي، وقد انتقدت بشدة قوانين اللجوء في البلاد. على مدى أسابيع، درست اللجنة كيفية تطبيق القانون المعتمد في شهر فبراير/شباط الماضي، والذي ينص على أن "اللاجئ الحاصل على حماية مؤقتة لمدة عام لا يحق له لمّ شمل عائلته قبل مرور عام، في حال مُدّدت له الإقامة".
وأعربت لجنة الأمم المتحدة عن قلقها من التمييز الذي يتعرض له اللاجئون، وخصوصاً السوريين "بفعل الإجراءات الصارمة بحقهم، على الرغم من أن توجيهاتنا كانت مختلفة". منذ عام 2005، لفتت لجنة التمييز العرقي في الأمم المتحدة نظرَ كوبنهاغن إلى أنه "لا يجوز التمييز بحق الأشخاص غير المواطنين". لكن ما يُقلق الأمم المتحدة هذه الأيام هو إصرار السلطات في البلاد على تطبيق إجراءات مشددة، ترى العديد من المنظمات الدولية أنها تعدّ تمييزاً بحق هؤلاء اللاجئين. فبالإضافة إلى الإقامة المؤقتة، وعدم منح اللاجئ حق لم الشمل، هناك مشكلة تصنيف الأطفال. إذ لا يحق للاجئين، حتى بعد مرور عام، إحضار أطفالهم إلى البلاد في حال كانوا فوق سن الخامسة عشرة، علماً أن تعريف الطفل أو القاصر قانونياً، هو كل من هو دون سن الثامنة عشرة، ما يؤدي إلى تشتيت العائلة. وتجدر الإشارة إلى أن بعض العائلات تنتظر في مخيمات اللجوء في بلدان أخرى بانتظار لم الشمل.
وانتقدَتْ اللجنة في تقريرها "إقامة العديد من طالبي اللجوء، والحاصلين عليه أيضاً، لفترات طويلة في معسكرات انتظار، ما يعني عدم استفادتهم من سياسة الدمج"، علماً أن بعض الأحزاب والمنظمات الحقوقية ترفض الإبقاء على اللاجئين في المعسكرات. في السياق، تقول ستينا بيدرسن من حزب "اللائحة الموحدة" إنها "محاولة لمنع هؤلاء من تعلم اللغة والاندماج في المجتمع، ما يتيح لها، بعد مرور عام، عدم تمديد الحماية لهؤلاء".
ويرى كثير من المراقبين المحليين أن هؤلاء اللاجئين "يقعون ضحية المنافسة السياسية على أصوات الناخبين، إذ تتسابق الأحزاب لإقرار وتطبيق إجراءات مشددة، على غرار ما حدث العام الماضي والجاري"، بحسب المحامية هيليا راتزر.
وتجدر الإشارة إلى أن تقرير الأمم المتحدة ركّز على الأطفال دون سن الـ 18 عاماً. وتساءل: "لِمنْ يُتركون في بلاد هرب أهلهم منها؟". وطالب "السلطات في الدنمارك بتقديم توضيحات كاملة عن هؤلاء الأشخاص الذين لم يحصلوا على جنسيات".
وتجدر الإشارة إلى أن كثيرين من الذين لم تُجدّد اقاماتهم، يوضعون في سجون لتجهيز إعادتهم إلى بلدان لا تستقبلهم أصلاً. أيضاً، تحال قضايا البعض إلى القضاء بتهم الإقامة غير الشرعية، (لأنهم لم يحصلوا عليها أو انتهت مدة الإقامة المؤقتة)، وعادة ما تطلب النيابة تمديد احتجازهم في سجون لأسابيع قبل إعادة نقلهم إلى معسكرات لجوء.
أيضاً، طالبت لجنة التمييز العرقي الحكومة الدنماركية بـ "تقديم كل ما يمكن لهؤلاء من حقوق متساوية مع بقية المواطنين، وإلغاء كل ما قد يؤدي إلى تمييز عرقي في القوانين الدنماركية، والالتزام الكامل بمواثيق الأمم المتحدة في هذا الشأن".
من جهته، أبدى وزير الخارجية الدنماركي مارتن ليدغوورد رغبة في أن يكون للدنمارك لجنة خاصة لمكافحة التمييز، على أن تقدّم تقريراً سنوياً خاصاً للبرلمان، من أجل مناقشة هذه القضية.
وكان مجلس حقوق الإنسان في جنيف، قد استدعى السفير الدنماركي لديه لمناقشة التقرير الذي خلصت إليه لجنة مكافحة التمييز، ما دفع وزير الخارجية لإعادة تأكيد رغبة بلاده بدراسة الالتزام بتوجيهات الأمم المتحدة في هذا الشأن.
اقرأ أيضاً: الدنمارك تتشدّد في منح اللجوء