بددت الأمطار الأخيرة مخاوف مزارعي الحبوب من تأخر الموسم الزراعي الذي قد يكبدهم خسائر جديدة بعد موسم شبه جاف العام الماضي.
وتعوّد المزارعون في تونس على الانطلاق في موسم الزراعات الكبرى منذ نهاية شهر سبتمبر/أيلول غير أن تأخر الأمطار هذا العام أدى إلى تأجيل أعمال الزراعة إلى أكثر من ثمانية أسابيع لعدم توفر العوامل المناخية الملائمة لبذر الحبوب.
وبلغ معدّل كميات الأمطار التي تهاطلت على أغلب المحافظات ولا سيما الغربية منها الـ 20 مليمتراً في حين ارتفعت هذه الكميات إلى 30 مليمتراً في المحافظات الغربية المنتجة للحبوب.
وكشف عضو منظمة الفلاحين عمر الباهي، أن الموسم الفلاحي لهذه السنة تأخر نوعاً ما، لافتاً إلى أنه في حالة استمرار هطول الأمطار بشكل منتظم خلال الأيام المقبلة، سيتم تدارك هذا التأخر، وسيكون الموسم الفلاحي المقبل جيداً، وأفضل من سابقه.
وأشار الباهي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن تأخر الأمطار خلق نوعاً من التخوف لدى الفلاحين، الذين لم يقدم أغلبهم على عملية البذر خوفاً من تكبد خسائر إضافية، معتبراً أن الأمطار الحالية ستبدد هذه المخاوف، حيث سيواصل معظمهم عملهم خلال الأيام القادمة.
وقال الباهي "لابد من الاهتمام أكثر بالمناطق المنتجة للحبوب لتحسين المردودية لأن سعر القمح الصلب مرتفع جداً في الخارج"، مؤكداً على ضرورة دعم القمح المحلي والتشجيع على الاستثمار في قطاع الحبوب والتوجه نحو إنتاج البقوليات للتداول الزراعي.
وتبلغ المساحات المقرر زراعتها بالحبوب خلال الموسم الزراعي الحالي نحو 1.450 مليون هكتار أُنجز منها إلى غاية منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري نحو 135 ألف هكتار أي ما يمثل 9% فقط من المساحات المقررة.
ولم تتجاوز نسبة البذر في المساحات المخصصة للأعلاف الخريفية 39% حيث تم إنجاز 123 ألف هكتار من أصل 316 ألف هكتار مقرر زراعتهم بالأعلاف، حسب ما أكدته مصالح وزارة الزراعة.
وبالإضافة إلى تأخر الأمطار يعاني المزارعون من صعوبات متعددة نتيجة شحّ التمويلات وإحجام المصارف عن تقديم القروض الموسمية لصغار المزارعين بسبب تراكم ديونهم، وهو ما ولّد صعوبات في توفير مستلزمات الإنتاج.
اقرأ أيضاً: تونس تتوقع تراجع إنتاج الحبوب 30%
وتسعى منظمة الفلاحين إلى إلزام الحكومة بمساعدة نحو 350 ألف مزارع عبر توفير كل المستلزمات من بذور وأسمدة في مختلف مناطق الإنتاج وتيسير إيصالها إلى الفلاحين بالكميات التي تفي باحتياجاتهم وبالجودة اللازمة وفي الوقت المناسب، وذلك دون نقص أو تأخير مع إعطاء الأولوية إلى جانب مطالبتها بعدم الترفيع في أسعار الأسمدة والبذور خلال هذا الموسم والسماح للشركات التعاونية هذا الموسم ولأول مرة بتوسيع مجال نشاطها ليشمل توزيع الأسمدة.
وأدى شح الأمطار خلال الموسم الزراعي الماضي إلى تسجيل خسائر كبرى في المحاصيل الزراعية حيث تراجعت الكميات المنتجة إلى أكثر من 40% مقارنة بموسم 2014 نتيجة تأخر موسم البذر ثم موجة الجفاف التي عصفت بالمحاصيل.
ويعدّ العنصر المناخي من أهم العناصر المحددة لنجاح الموسم الزراعي من عدمه في تونس نظراً لانتشار المساحات البعلية (التي تعتمد على الأمطار)، التي تعوّل بدرجة كبيرة على سخاء الطبيعة مقابل ضعف مساحات الحبوب المروية بشكل منتظم.
وتقدر المساحات الزراعية في تونس بما يقارب 5 ملايين هكتار منها 1.8 مليون هكتار في الشمال الغربي مخصصة أساساً للزراعات البعلية، مثل القمح، وتبلغ مساحتها 1.5 مليون هكتار وتمثل 30% من المساحة الزراعية، فضلاً عن 1.6 مليون هكتار مزروعة زيتوناً و150 ألف هكتار لزراعة الخضروات و300 ألف هكتار لزراعة العلف والبقول و400 ألف هكتار أشجار مثمرة من تمور وقوارص وغلال.
وتميزت السنوات الأخيرة بتراجع نسبي للمساحات المخصصة للحبوب وتوسع المساحات المخصصة للعلف بينما استقرت المساحات الخاصة بالبقول وتطور قطاع تربية الماشية بنسبة 40% كما المساحات المعدة للأشجار المثمرة.
ويلبي إنتاج البلاد من القمح الصلب 72% من احتياجات البلاد، بينما لا تلبي زراعات القمح الليّن سوى خُمس الاحتياجات. وتعرف واردات البلاد من القمح ارتفاعاً قدّره الخبراء بحدود 10% سنوياً.
وتعاني التربة الزراعية في تونس من ضغط متواصل لم تستطع مخططات الحفاظ على المساحات الزراعية، الحد منه نتيجة الإقبال على النشاطات الزراعية المخلة بالتوازن البيئي والانجراف الذي أصبح يهدّد أكثر من 3 ملايين هكتار ويتسبّب في توحل السدود وتراكم الأتربة بها.
(الهكتار يساوي 2.381 فدان)
اقرأ أيضاً:
تونس: مزارعو الحبوب يواجهون شح التمويلات
البنك الدولي يقدم قرضاً لتونس بنصف مليار دولار