شهد قطاع الفندقة في العاصمة الصومالية مقديشو، خلال فترات سابقة، نشاطاً كبيراً في العقد الأخير وذلك بسبب النمو السكاني والاستثمار المحلي الكبير في قطاع العقارات والمنافسة المحلية والحراك السياسي.
فالتحسن الأمني وعودة المغتربين وانخفاض نسبة الهجمات الإرهابية على الفنادق ساهمت أيضاً في إنعاش القطاع، لكن جائحة كورونا قلبت الأمور رأساً على عقب، وأصبحت الفنادق في العاصمة الصومالية تواجه أزمة مالية كبيرة بعد فرض الحجر الصحي والإغلاق الكامل في المدينة، ومنع الرحلات الجوية.
وأصبحت غرف الفنادق خالية من النزلاء، فضلاً عن تراجع أرباحها من المطاعم التي كان يرتادها كبار المسؤولين وطبقة الميسورين.
يقول وفدي عبد الله ورسمي، صاحب فندق ومطعم تاج، لـ"العربي الجديد" إن توقف الرحلات الجوية في البلاد، حرم الفنادق من الضيوف، وتدنت أسعارها مما أدى إلى تسريح الكثير من العملاء، أو منحهم عطلات بلا أجور، للحد من النزيف المالي الذي تعانيه تلك الفنادق".
وأشار إلى أن معظم النزلاء الذين يأتون إلى الفنادق هم الوافدون من الخارج، فإذا توقفت المطارات عن العمل، فمن أين سيأتي النزلاء؟
وقد شهدت تلك الفنادق في العاصمة مقديشو تراجعا حادا في تنظيم حفلات الأعراس في قاعاتها لكنها لم تتوقف بشكل نهائي عن توفير الوجبات لزبائنها من الداخل رغم خطورة انتشار فيروس كورونا في مثل هذه التجمعات.
وتقول زهرة شيخ حسين، مالكة فندق رويل الذي يقع على بعد أمتار من ساحل ليدو، إن الفندق يواجه أزمة كبيرة منذ نحو ثلاثة أشهر.
وأصبحت مجالس فندق رويل الذي كان يتسع لآلاف النزلاء خاوية من الضيوف، وكأنه منطقة أشباح الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود.
وتشير حسين إلى أنه منذ فرض حالة الحجر الصحي بسبب تداعيات كورونا، فإن العاملين في فندقها يتسلمون رواتبهم من جيبها الخاص.
وبما أن المشهد السياسي في الصومال يعيش حالة من الاستعدادات والترقب لموسم انتخابي ساخن فإن الفنادق في مثل هذه المرحلة كانت تعج بالسياسيين والمغتربين الذين يعودون إلى البلاد لإمكانية البحث عن فرصة للانضمام إلى البرلمان أو الحكومة الرئاسية المقبلة، لكن الإغلاق أدى إلى غياب ذلك المشهد كليا عن الفنادق الكبيرة.
وحسب خبراء فإن هذا التراجع المالي الذي يشكو منه أصحاب الفنادق، له تداعيات كبيرة على اقتصاد البلاد، وخاصة في تقليص نسبة البطالة التي تشهدها البلاد والتي تفوق 70 في المئة وخاصة في فئة الشباب.
ويقول سعيد عبد محمود، عميد كلية إدارة الأعمال والاقتصاد في جامعة الصومال، لـ"العربي الجديد" إن فيروس كورونا شلّ قطاعات كبيرة في الاقتصاد الصومالي وأدى إلى تسريح أعداد هائلة من العمالة في قطاعات كثيرة من بينها قطاع الفندقة.
ويوضح محمود أن كورونا لم تقتصر تداعياته على قطاع الفندقة بل تعدى ذلك إلى قطاعات الصحة والمواصلات والتعليم وقطاعي الطيران والحوالات.
ويضيف أن الإجراءات الوقائية من الفيروس أدت إلى تعذر استقبال زبائن كثيرة بالفنادق، وهذا ما انعكس سلباً على مداخيل هذا القطاع، وكبده خسائر كبيرة غير متوقعة في قطاع الفنادق.
ويؤكد محمود عبد أن تعليق الرحلات الدولية أوقف تدفق أعداد كبيرة من الصوماليين القادمين من الخارج نحو العاصمة مقديشو، والذين يجعلون من الفنادق مقر إقامة لهم حال تواجدهم في البلاد، ما كان يدر دخلا كبيراً للفنادق، لكن هؤلاء النزلاء حال كورونا بينهم وبين العودة إلى البلاد.
عبد الله عبد محمد، مدير فندق "دبلوماتك" في مقديشو، والذي يعمل في قطاع الفندقة منذ عشر سنوات، يقول إن فيروس كورونا أثر سلبا بشكل كبير على سير عمل الفندق منذ اندلاع الوباء في الصومال في مارس/آذار الماضي.
ويشير محمد إلى أن تنظيم الحفلات توقف تماماً ولا يوجد إلا مناسبات قليلة يجب أخذ الرخص لإقامتها ويحظر تنظيم الاجتماعات والحفلات في الفنادق إلا بعد سماح سلطات الدولة وبعد التأكد من اتباع الإجراءات الوقائية اللازمة من كورونا.
ويقول في حديثه لـ"العربي الجديد" إن الزبائن لا يمكثون إلا قليلاً، ولا يوجد ضيوف جدد بسبب إغلاق الرحلات الدولية والمحلية المفروض على البلاد؛ حيث كانوا يأتون من مختلف العالم من أفريقيا وأوروبا وداخل البلاد وخاصة الأقاليم الفيدرالية.
وحسب محمد، فإن مقهى الفندق يعاني من تراجع حاد في الطلبيات بسبب انخفاض الزبائن الملحوظ؛ حيث إن كثراً من مرتادي الفنادق يعانون من قلة الدخل بعد التراجع الكبير للحوالات المالية التي كانت السبيل الوحيد لاستلام مصاريفهم من الخارج.