بعد شهور طويلة، بدا فيها الاقتصاد الأميركي المنتعش كجزيرة منعزلة آمنة، وسط محيط من الاقتصادات المتباطئة حول العالم، وعلى وقع تصاعد المواجهات في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، شهدت أسواق الأسهم والسندات الأميركية، على مدار الأيام الأخيرة، تحولات كبيرة، الأمر الذي دفع البعض إلى توقع نفاد الوقود الذي يدفعها للارتفاع، بعد أكثر من عشر سنوات من الانتعاش.
وبعد أن أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خيبة أمله في بنك الاحتياط الفدرالي، لإعلان الأخير تخفيض معدلات الفائدة بخمسٍ وعشرين نقطة أساس فقط، وإعلان جيرومي باول، رئيس البنك، أن التخفيض ليس بداية لدورة جديدة من التيسير، وإنما مجرد خطوة وقائية، ثم اتخاذ ترامب قرار ببدء فرض تعريفات جديدة على ما قيمته 300 مليار دولار إضافية من واردات بلاده من الصين اعتباراً من بداية الشهر القادم، شهدت أسواق الأسهم الأميركية موجات بيعية، تسببت في انخفاض أسعار الأسهم خلال الأسبوع قبل الماضي بأكبر نسبة انخفاض أسبوعي منذ بداية العام الحالي 2019.
وبعد أن ردت الصين بإعلان نيتها اتخاذ إجراءات انتقامية، ومع إعلان وزارة الخزانة الأميركية تصنيفها للصين على أنها دولة تتلاعب بسعر عملتها، واصلت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية انخفاضها أول أيام تعاملات الأسبوع الماضي، ليسجل مؤشر اس آند بي خسارة بنسبة 2.98%، ويخسر مؤشر ناسداك 3.47%، بينما يكتفى مؤشر داو جونز الصناعي بخسارة 2.90%، رغم تعويض بعض الخسائر قبل نهاية التعاملات، وليشهد أول أيام الأسبوع أكبر خسارة يومية للأسهم الأميركية منذ بداية العام.
اقــرأ أيضاً
ورغم استعادة العديد من الأسهم نسبة كبيرة من خسائرها خلال تعاملات الأيام التالية من الأسبوع، إلا أن هناك شعوراً عاماً من عدم الارتياح يمكن ملاحظته من خلال التعامل المباشر مع المستثمرين وأصحاب الشركات على حدٍ سواء.
وبعد أيام قليلة من تداولاتٍ كانت فيها أسعار الأسهم الأميركية قرب أعلى مستويات لها على الإطلاق، كان واضحاً أن الحرب التجارية بين البلدين، كما تأثيراتها السلبية على الاقتصاديين الأكبر في العالم، والعديد من الاقتصادات الأخرى، متقدمة وناشئة ونامية، مازالت في تصاعد.
ولم يقتصر التعثر على أسواق الأسهم، وإنما امتد ليشمل سندات الخزانة الأميركية، التي يراها البعض ملاذاً آمناً عند تدهور أسعار الأسهم.
وبعد أن شهدت الأسابيع الماضية انخفاضات كبيرة فيها، استمرت عوائد السندات في الانخفاض في تعاملات الأسبوع الماضي، حيث انخفض العائد على سندات العشر سنوات المعيارية لتسعة أيام متتالية، ليصل إلى 1.71%، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2016، بينما مازالت الحكومة الأميركية تدفع 2% لحامل الورقة ذات الشهور الثلاثة، في أكبر انقلاب لمنحنى العائد منذ الأزمة المالية العالمية.
ويعتبر كثير من المحللين أن انقلاب منحنى العائد، أي أن يكون عائد الفترات الأطول أقل من نظيره للفترات الأقصر، هو أكبر دليل، حتى الآن، على اقتراب الاقتصاد الأميركي من الدخول في ركود، حيث لم تشهد الولايات المتحدة ركوداً خلال نصف القرن الأخير، إلا وسبقه انقلاب منحنى العائد.
ويضاعف من مخاوف المستثمرين أن المراقب للتطورات الاقتصادية خلال الفترة التي مضت من حكم الرئيس ترامب، حوالي 32 شهراً، يدرك أن الإدارة، التي اعتبرت ارتفاع مؤشرات الأسهم أهم أمارات نجاح السياسات الاقتصادية المتبعة، ربما تكون قد أذهبت أغلب ما كان بحوزتها من أدوات حفز سوق الأسهم.
وبعد أن نفد الوقود الذي حرك الأسواق، من أكبر إصلاح ضريبي في عقود، كما زيادة الإنفاق الحكومي، لا يبدو أن الفريق الاقتصادي في إدارة ترامب مازال يحتفظ بالكثير في جعبته.
ومع محدودية الدعم الذي يمكن أن يقدمه بنك الاحتياط الفدرالي، الذي لم يبق لديه إلا اثنان بالمائة مما يمكن تخفيضه من الفائدة على أمواله، أصبح هناك شبه اتفاق بين المحللين على أن تصحيحاً كبيراً ربما يضرب أسواق الأسهم خلال الفترة القادمة، وهو ما يبذل فريق ترامب حالياً جهوداً حثيثة من أجل منعه، أو على أقل تقدير تأجيله إلى ما بعد انتهاء انتخابات 2020.
ويحفل الشهران القادمان بالعديد من الأحداث المهمة، التي ربما يكون لها تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الأميركي، ومن ثم سوق الأسهم الأميركية.
وبخلاف بدء تطبيق التعريفات الجديدة على المنتجات الصينية الواردة للولايات المتحدة، اعتباراً من الأول من سبتمبر / أيلول، يجتمع البنك المركزي الأوروبي في الثاني عشر من نفس الشهر، وتشير التوقعات إلى إقدامه على خفض معدلات الفائدة على اليورو، وربما استخدام المزيد من أدوات التيسير الكمي.
اقــرأ أيضاً
بعد ذلك، وتحديداً في الثامن عشر من نفس الشهر، يحل موعد اجتماع البنك الفدرالي الأميركي، والذي يُتوقع أن يزيد الرئيس الأميركي من ضغوطه في الفترة التي تسبقه، لدفعه إلى خفض معدلات الفائدة، بأكثر من الربع بالمائة التي قررها الشهر الماضي.
ومع انتصاف أكتوبر / تشرين الأول، يبدأ موسم الإعلان عن نتائج أعمال الربع الثالث للشركات الأميركية، وهو ما يتوقع أن يكون له تأثيرات كبيرة على سوق الأسهم، وصولاً إلى آخر الشهر، وهو الموعد المقرر لإتمام الخروج الفعلي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حتى وإن بلا اتفاق.
وبخلاف كل ما سبق، يرى بعض الخبثاء أن الإدارة الأميركية سعيدة بتعثر المفاوضات التجارية مع الصين، بالصورة التي تسمح باستمرار عناوين الجرائد من نوعية "ترامب يقسو على الصينيين"، و"ترامب يحصل على تنازلات من الصين"، الأمر الذي قد يدعم، من وجهة نظر حملة ترامب الانتخابية، فرص إعادة انتخابه، بواسطة الناخب الأميركي المتوسط.
ولا أعرف إن كانت الحملة تدرك أن لكل احتمال جانبا آخر، يمكنه أن يأتي بنتائج عكسية تماماً، وأن مؤشرات الاقتصاد والأسهم الأميركية لو أعطت أسوأ نتائجها في اللحظة الحاسمة للانتخابات، فإن الثمن قد يكون أكبر مما توقعوا، ولن يتوقف عند خسارة الانتخابات الرئاسية.
وبعد أن أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خيبة أمله في بنك الاحتياط الفدرالي، لإعلان الأخير تخفيض معدلات الفائدة بخمسٍ وعشرين نقطة أساس فقط، وإعلان جيرومي باول، رئيس البنك، أن التخفيض ليس بداية لدورة جديدة من التيسير، وإنما مجرد خطوة وقائية، ثم اتخاذ ترامب قرار ببدء فرض تعريفات جديدة على ما قيمته 300 مليار دولار إضافية من واردات بلاده من الصين اعتباراً من بداية الشهر القادم، شهدت أسواق الأسهم الأميركية موجات بيعية، تسببت في انخفاض أسعار الأسهم خلال الأسبوع قبل الماضي بأكبر نسبة انخفاض أسبوعي منذ بداية العام الحالي 2019.
وبعد أن ردت الصين بإعلان نيتها اتخاذ إجراءات انتقامية، ومع إعلان وزارة الخزانة الأميركية تصنيفها للصين على أنها دولة تتلاعب بسعر عملتها، واصلت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية انخفاضها أول أيام تعاملات الأسبوع الماضي، ليسجل مؤشر اس آند بي خسارة بنسبة 2.98%، ويخسر مؤشر ناسداك 3.47%، بينما يكتفى مؤشر داو جونز الصناعي بخسارة 2.90%، رغم تعويض بعض الخسائر قبل نهاية التعاملات، وليشهد أول أيام الأسبوع أكبر خسارة يومية للأسهم الأميركية منذ بداية العام.
ورغم استعادة العديد من الأسهم نسبة كبيرة من خسائرها خلال تعاملات الأيام التالية من الأسبوع، إلا أن هناك شعوراً عاماً من عدم الارتياح يمكن ملاحظته من خلال التعامل المباشر مع المستثمرين وأصحاب الشركات على حدٍ سواء.
ولم يقتصر التعثر على أسواق الأسهم، وإنما امتد ليشمل سندات الخزانة الأميركية، التي يراها البعض ملاذاً آمناً عند تدهور أسعار الأسهم.
وبعد أن شهدت الأسابيع الماضية انخفاضات كبيرة فيها، استمرت عوائد السندات في الانخفاض في تعاملات الأسبوع الماضي، حيث انخفض العائد على سندات العشر سنوات المعيارية لتسعة أيام متتالية، ليصل إلى 1.71%، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2016، بينما مازالت الحكومة الأميركية تدفع 2% لحامل الورقة ذات الشهور الثلاثة، في أكبر انقلاب لمنحنى العائد منذ الأزمة المالية العالمية.
ويعتبر كثير من المحللين أن انقلاب منحنى العائد، أي أن يكون عائد الفترات الأطول أقل من نظيره للفترات الأقصر، هو أكبر دليل، حتى الآن، على اقتراب الاقتصاد الأميركي من الدخول في ركود، حيث لم تشهد الولايات المتحدة ركوداً خلال نصف القرن الأخير، إلا وسبقه انقلاب منحنى العائد.
ويضاعف من مخاوف المستثمرين أن المراقب للتطورات الاقتصادية خلال الفترة التي مضت من حكم الرئيس ترامب، حوالي 32 شهراً، يدرك أن الإدارة، التي اعتبرت ارتفاع مؤشرات الأسهم أهم أمارات نجاح السياسات الاقتصادية المتبعة، ربما تكون قد أذهبت أغلب ما كان بحوزتها من أدوات حفز سوق الأسهم.
وبعد أن نفد الوقود الذي حرك الأسواق، من أكبر إصلاح ضريبي في عقود، كما زيادة الإنفاق الحكومي، لا يبدو أن الفريق الاقتصادي في إدارة ترامب مازال يحتفظ بالكثير في جعبته.
ومع محدودية الدعم الذي يمكن أن يقدمه بنك الاحتياط الفدرالي، الذي لم يبق لديه إلا اثنان بالمائة مما يمكن تخفيضه من الفائدة على أمواله، أصبح هناك شبه اتفاق بين المحللين على أن تصحيحاً كبيراً ربما يضرب أسواق الأسهم خلال الفترة القادمة، وهو ما يبذل فريق ترامب حالياً جهوداً حثيثة من أجل منعه، أو على أقل تقدير تأجيله إلى ما بعد انتهاء انتخابات 2020.
ويحفل الشهران القادمان بالعديد من الأحداث المهمة، التي ربما يكون لها تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الأميركي، ومن ثم سوق الأسهم الأميركية.
وبخلاف بدء تطبيق التعريفات الجديدة على المنتجات الصينية الواردة للولايات المتحدة، اعتباراً من الأول من سبتمبر / أيلول، يجتمع البنك المركزي الأوروبي في الثاني عشر من نفس الشهر، وتشير التوقعات إلى إقدامه على خفض معدلات الفائدة على اليورو، وربما استخدام المزيد من أدوات التيسير الكمي.
بعد ذلك، وتحديداً في الثامن عشر من نفس الشهر، يحل موعد اجتماع البنك الفدرالي الأميركي، والذي يُتوقع أن يزيد الرئيس الأميركي من ضغوطه في الفترة التي تسبقه، لدفعه إلى خفض معدلات الفائدة، بأكثر من الربع بالمائة التي قررها الشهر الماضي.
وبخلاف كل ما سبق، يرى بعض الخبثاء أن الإدارة الأميركية سعيدة بتعثر المفاوضات التجارية مع الصين، بالصورة التي تسمح باستمرار عناوين الجرائد من نوعية "ترامب يقسو على الصينيين"، و"ترامب يحصل على تنازلات من الصين"، الأمر الذي قد يدعم، من وجهة نظر حملة ترامب الانتخابية، فرص إعادة انتخابه، بواسطة الناخب الأميركي المتوسط.
ولا أعرف إن كانت الحملة تدرك أن لكل احتمال جانبا آخر، يمكنه أن يأتي بنتائج عكسية تماماً، وأن مؤشرات الاقتصاد والأسهم الأميركية لو أعطت أسوأ نتائجها في اللحظة الحاسمة للانتخابات، فإن الثمن قد يكون أكبر مما توقعوا، ولن يتوقف عند خسارة الانتخابات الرئاسية.