تستمر معاناة السوريين من الأزمات المعيشية خلال شهر الصوم، نتيجة الحصار المفروض على المناطق المحررة ونقص العرض السلعي في الأسواق، رغم التراجع النسبي في أسعار الخضر وبعض الفواكه، محلية المصدر، وادعاءات الحكومة بضبط الأسعار وتشديد الرقابة على الأسواق.
ويشكو المواطنون من ضعف القدرة الشرائية، ومن غياب الرقابة على الأسعار، بحيث ترتفع أسعار بعض السلع إلى ضعف السعر الرسمي تقريباً.
ضعف القدرة الشرائية
قال المفتش المالي ابراهيم محمد لـ"العربي الجديد" إن طرح بعض المنتجات المحلية في السوق، لم ينعكس تراجعاً في الأسعار ولا تحسيناً لمستوى المعيشة.
أما السبب فهو أن معظم السوريين، ومن هم في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة على وجه التحديد، يعانون من ضعف القدرة الشرائية، بعد فصل معظم العاملين في الدولة من عملهم وانسداد كل مصادر الدخل، بما فيها الزراعي، بعد ثلاثة أعوام من الحرب والحصار.
وأضاف محمد: "غيّر الوضع الاقتصادي المتردي الأنماط الاستهلاكية للسوريين، ولم يعد تخزين السلع في رمضان والشراء بكميات كبيرة أمراً متداولاً، رغم زيادة التكافل الاجتماعي خلال رمضان وانتشار حملات "إفطار الصائمين" التي يمولها بعض السوريين، إن في الداخل أو المغتربين.
بين السوق والصندوق
وتتباين الأسعار بين نشرة مديرية حماية المستهلك وواقع الأسواق السورية، فقد حددت النشرة سعر كيلو الباذنجان 25 ليرة للنخب الثاني، والبطاطا والبندورة 45 ليرة، والكوسا 35 ليرة، والفليفلة الحمراء 120 ليرة، والليمون 150 ليرة، في حين أن سعر الباذنجان في أسواق دمشق بين 50 و60 ليرة، والبندورة 55 ليرة والكوسا 50 ليرة، بحسب ما أكد المواطن أحمد دعيبس من منطقة دمر في دمشق لـ "العربي الجديد" .
"الأسعار لا تحتكم للتسعيرة الرسمية وإنما للعرض والطلب وجشع التجار".
وتساءل دعيبس، "الأسعار في مناطق العاصمة الواقعة تحت سيطرة النظام والمكتظة بعناصر الرقابة التموينية، تضاعفت مقارنة مع السعر الرسمي، فما هو واقع الأسعار في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام والخالية من أي شكل رقابي؟".
أما المواطن محمد فؤاد من ريف إدلب المحرر، فقال إن الأسعار انخفضت عما كانت عليه، وخاصة الخضر وبعض الفواكه، ولكنها لا تخضع لأي رقابة، بل محدداتها تقتصر على كثرة العرض وجشع التجار.
وأضاف فؤاد لـ "العربي الجديد" أنه "رغم ما شهدته بعض الأسعار من تراجع، إلا أنها أكبر من قدرة السوريين الشرائية، فسعر كيلو البطاطا 60 ليرة والبندورة 50 والخيار 70 واللحم 1300 ليرة والفروج 300 ليرة، فكيف يمكن العيش والاستمرار في واقع انعدام أي دخل؟".
خارج التسعيرة النظامية
قال المربي أحمد الحاج علي لـ"العربي الجديد": "لماذا تقتصر تسعيرة وزارة الاقتصاد ومديرية حماية المستهلك على الخضار والفواكه ونحن في "عز الموسم"؟ هل فقط لتعطي انطباعاً أن الأسعار انخفضت؟ وماذا بشأن اللحوم والحبوب وبقية السلع التي يزيد استهلاكها في شهر رمضان؟".
وتابع الحاج علي: "يبلغ سعر كيلو الطحين في المناطق التي يحاصرها النظام 1500 ليرة والرز بين 500-800 ليرة، والحليب 200 ليرة، واللحم الأحمر 1300 ليرة". ويسأل: "هل هذه السلع محرّم على السوريين تناولها؟".
"الأجر بين 15 و45 ألف ليرة في حين أن سعر كيلو اللحم حوالى 1300 ليرة".
يقول مثل سوري" الجمل بليرة ولا يوجد ليرة"، فمعدل الرواتب والأجور في سورية يتراوح بين 15 و45 ألف ليرة ( 100-250 دولار).
وحتى هذا الدخل الزهيد أصبح خارج الجيب، بعد فصل النظام السوري لمعظم العاملين في الدولة المؤيدين للثورة، أو الواقعين في المناطق المحررة، من عملهم، وتوقف معظم الأعمال والمهن إثر تهديم البنى والمنشآت جراء القصف المتواصل.
هذا الواقع رفع نسبة الفقر بين السوريين إلى 54% بحسب المركز السوري للبحوث والدراسات، ووصلت سورية في ظل نظام الأسد للمرتبة قبل الأخيرة عربياً بعد خسارتها 37 عاماً من التنمية.
ووصل أكثر من 20% من سكان سورية إلى حالة الفقر الشديد، والذي يتجلى عبر مشاهد كثيرة، منها الأسواق والقدرة الشرائية، التي تعرض الوضع الاقتصادي السوري، دون تجميل.