خروج الأسعار عن السيطرة جعل الأسر المصرية تضع خطة تقشف عاجلة لمواجهة الغلاء، عن طريق الترشيد في بنود استهلاك الكهرباء والمياه والغاز والمواصلات والأغذية.
الجلوس في المنزل
فاطمة عبده، أخصائية حاسب آلي، من المفترض أنها تتمنى العودة إلى العمل سريعًا، حتى تخفف من وطأة وضغوط الأسعار على ميزانية البيت، فهي حاليا في إجازة رعاية طفل تنتهي بنهاية يوليو/ تموز الجاري، لكنها في حيرة من أمرها بعد ارتفاع تعريفة المواصلات.
تقول لـ"العربي الجديد": حال اتخاذ قرار بعودتي إلى العمل، مرتّبي يصل إلى 1200 جنيه (67 دولارا تقريبا)، بند المواصلات اليومي بعد ارتفاع أسعار الوقود في 22 يوم عمل يبلغ 836 جنيها، بالإضافة إلى 250 جنيها مصاريف حضانة للطفلة، فتكون المحصلة 1086 جنيها، فيتبقى من المرتب 114 جنيها، هذا بخلاف تكاليف الملبس، وخلافه.
وتضيف أخصائية الحاسب الآلي: أعتقد أنه بعد هذه الحسبة البسيطة، ومن منظورالواقع العملي أعتقد أن راتبي لن يكفي مصاريفي اليومية، وبالتالي سأكمل العجز من مصروف البيت، لذلك قرار مد الإجازة والجلوس في المنزل سيكون الأكثر صوابا في مثل هذه الظروف.
ترشيد الاستهلاك
تسبب تعويم الجنيه في نوفمبر 2016 في حدوث قفزات في معدل التضخم بلغ ذروته في يوليو/تموز 2017 حين سجّل المؤشر السنوي 34.2%، إلا أنه أخذ في الانخفاض وفق البيانات الحكومية وصولا إلى 11.5% مع نهاية مايو/أيارالماضي، بينما يشكك خبراء الاقتصاد في شفافية هذه البيانات خاصة مع الارتفاعات المتواصلة في الأسعار، كما فرضت الحكومة منذ نهاية 2016 ضريبة القيمة المضافة بنسبة وصلت إلى 14% حاليا على أغلب السلع والخدمات، ما أدى إلى زيادة الأسعار.
وتروي "أمل علي" مدرّسة بالمرحلة الإعدادية، مأساتها؛ فمرتبها 1240 جنيها، تنفق على المواصلات، والإفطار خلال 22 يوم عمل حوالي 600 جنيه وهو ما يمثل نصف الراتب.
ويرى إسلام يوسف، أخصائي اجتماعي، أن هناك بنودا ينفع معها الترشيد لمواجهة الغلاء، كاستهلاك الكهرباء والمياه والغاز والمواصلات الداخلية، أما بند الأغذية فيصعب الترشيد فيه بخاصة بعد تعوّد الأولاد على نمط استهلاكي معين.
ويؤكد ناصف فؤاد، صاحب محل عصير، أن برنامج التقشف وارد خلال الأيام المقبلة من تقليل بعض النفقات كبند شراء اللحوم، ومستلزمات الغسالة "فول اتوماتيك"، من مساحيق وخلافه، مع ترشيد استهلاك الكهرباء.
ويشير فؤاد إلى أن ارتفاع أسعار المواصلات بعد زيادات الوقود الأخيرة انعكس سلبا على فاتورة نفقات الأسر، إذ ارتفع بند المواصلات في النفقات بشكل كبير.
وقررت وزارة النقل مايو/أيار الماضي زيادة سعر التذكرة لركوب مترو الأنفاق في منطقة واحدة لعدد 9 محطات ليصبح 3 جنيهات، وركوب منطقتين لعدد 16 محطة 5 جنيهات، وركوب 3 مناطق أكثر من 16 محطة 7 جنيهات، كما رفعت هيئة النقل العام بالقاهرة، أسعار تذاكر الأتوبيسات يونيو/حزيران الماضي، بحسب المسافة ، فالأتوبيسات التى تسير مسافة 30 كيلومترا فأقل، 3 جنيهات، و4 جنيهات لمسافة 31 - 40 كيلومترا، و5 جنيهات للأتوبيسات التي تسير من 41 -60 كيلومترا، وبلغ سعر تذكرة الأتوبيس «دورين» المكيف والمزود بخاصية «واي فاي» إلى 7 جنيهات، وتوقعت مصادر برلمانية لـ"العربي الجديد" ارتفاع تذاكر القطارات بنسب تصل إلى 200%.
يقول محمد مصطفى، موظف، إنه اضطر لتغيير خط سيره بعد ارتفاع تذكرة المترو، كي يستطيع مواجهة الزيادات الأخيرة وبما يتناسب مع راتبه الثابت الذي لم تطرأ عليه زيادة تُذكر منذ عدة سنوات.
وتحمل بسمة أحمد وهي أم لثلاثة من الأبناء من الآن همّ مصاريف مواصلات أولادها مع بدء العام الدراسي الجديد، فعلى حد قولها فإن أبناءها يحتاجون إلى استقلال أكثر من وسيلة مواصلات يوميا للوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم وهو ما يثقل كاهلها بخاصة مع ارتفاع أسعار وسائل النقل باختلاف أنواعها.
(الدولار=17.9 جنيها تقريبا)