الأسد يروّج لنفسه شريكاً دولياً في مكافحة الإرهاب

30 مارس 2016
صبرا: حكومة بوجود الأسد ليست جزءاً من العملية السياسية(Getty)
+ الخط -
في استعراض جديد، حاول رئيس النظام السوري بشار الأسد أن يستثمر استعادة تدمر من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، للترويج لنفسه أمام المجتمع الدولية بأنّه يحارب الإرهاب، ويستعدّ للذهاب إلى الرقة من "أجل التحرير من داعش"، محاولاً أن يلتف في الوقت نفسه على مطالب المعارضة السورية، والتي تطالب بأن يكون رحيله منطلقاً لأي حلّ سياسي.

وقال الأسد في مقابلة نشرتها وكالة "ريا نوفوستي العامة" الروسية، الأربعاء، إنه من "المنطق أن يكون هناك تمثيل للقوى المستقلة وللقوى المعارضة وللقوى الموالية للدولة". وأضاف أن الانتقال السياسي "لا بد أن يكون تحت الدستور الحالي كي يصوت الشعب السوري على دستور جديد"، مبيناً أن "الحديث عن هيئة انتقالية غير دستوري وغير منطقي".

وتابع أن "صياغة الدستور ربما تكون جاهزة خلال أسابيع، الخبراء موجودون. هناك اقتراحات جاهزة يمكن أن تجمع. ما يستغرق وقتا هو النقاش، يبقى هنا السؤال ليس كم تستغرق من الوقت صياغة الدستور، السؤال هو ما هي العملية السياسية التي سنصل من خلالها لمناقشة الدستور".

مواصلة استغلال استعادة تدمر

بموازاة ذلك، واصل النظام السوري محاولاته لاستثمار قضية "استعادة تدمر" من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ليطرح نفسه كشريك يعوّل عليه في "مكافحة الإرهاب"، إذ وجّه الأسد اليوم رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يقدّر فيها ترحيبه باستعادة جيش النظام "وحلفاء سورية لمدينة تدمر من أيدي إرهابيي تنظيم (داعش)"، بحسب ما أوردت وكالة "سانا" الروسية.

وعلى وقع الزهو بـ"إنجاز تدمر" أيضاً، جدّد نظام دمشق تمسكه بإجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المقرر في 13 الشهر المقبل. ونفت اللجنة القضائية العليا للانتخابات ما تداولته بعض وسائل الإعلام حول تأجيل انتخابات المجلس. وكانت بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي قد نقلت عن مصدر سوري رسمي قوله إنّ الأسد قرر تأجيل الانتخابات إلى السابع من مايو/أيار المقبل.

واعتبر الأسد، في رسالته، أنّ "اللحظة الراهنة، هي الأكثر مناسبة لتسريع الحرب الجماعية ضد الإرهاب"، مجدداً استعداد نظامه للتعاون مع جميع الجهود الهادفة إلى مكافحته.

وفي تصريحات أخرى لوكالة "سبوتنيك" الروسية، تحدث الأسد بلغة المنتصر، قائلاً إن "التقدّم العسكري الذي يحرزه جيشه، إلى جانب الدعم الروسي لنظامه، سيؤدي إلى تسريع الحل السياسي".

وأضاف أن "الانتصارات الأخيرة التي تم إحرازها سيكون لها تأثير قوي على القوى والأطراف التي راهنت على فشلنا ميدانياً لكي تفرض شروطها السياسية في المفاوضات".

وادعى أنّ موقف نظامه كان مرناً منذ البداية في التعامل مع كل الحلول السياسية المطروحة، وأن ذلك غير مرتبط بالتدخل الروسي العسكري إلى جانبه، في محاولة لنفي ما يقال عن ضغوط روسية تمارس عليه لإبداء مزيد من المرونة في مفاوضات جنيف، والقبول ببحث المرحلة الانتقالية.

وبلغة الواثق من دوام حكمه لفترة طويلة مقبلة، تحدث الأسد عن مرحلة ما بعد الحرب، قائلاً "إن سورية في عملية الإعمار ستعتمد بشكل أساسي على الدول الصديقة، والتي وقفت مع سورية خلال هذه الأزمة، وهي روسيا والصين وإيران"، مثنياً على دور حزب الله اللبناني في الحرب السورية ووقوفه إلى جانبه.

في المقابل، قالت المعارضة السورية، إن سورية بحاجة إلى هيئة حكم انتقالي بصلاحيات وسلطات تنفيذية كاملة وليست حكومة مشاركة تخضع لسلطة الأسد، في رد على الأخير الذي اعتبر أنه من "المنطق أن يكون هناك تمثيل للقوى المستقلة وللقوى المعارضة وللقوى الموالية للدولة".

وقال عضو الوفد المفاوض بالهيئة العليا للمفاوضات جورج صبرا: "الحكومة إن كانت جديدة أو قديمة طالما أنها بوجود بشار الأسد ليست جزءا من العملية السياسية، لذلك ما يتحدث عنه الأسد لا علاقة له بالعملية السياسية".

من جهته، اعتبر رئيس الوفد، أسعد الزعبي، أن "ما تريده المعارضة هو ما نص عليه بيان جنيف... هيئة حكم انتقالي كامل الصلاحيات والسلطات التنفيذية بما فيها صلاحيات رئاسة الجمهورية".

العمادي: استثمار الأسد بمكحافحة الإرهاب حيلة قديمة 

وتعليقاً على استثمار الأسد بملف مكافحة الإرهاب، قال السفير السابق لدى السويد والمنشق عن النظام محمد بسام العمادي، إنّ "الأسد ليس لديه سوى بضاعة واحدة يحاول الترويج لها وهي محاربة الإرهاب، وهي حيلة قديمة اتبعها أبوه وورثها عنه، وتتمثل في إشعال الحرائق وتقديم نفسه أنه الإطفائي الوحيد أو الأفضل القادر على إطفائها، وكان دوماً يخير العالم بينه وبين الإرهاب من خلال الجماعات التي كان يرسلها للعراق وغيره".

وبيّن العمادي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الأسد يواصل هذه الخطة حتى الآن ويظن أن الدول ستصدقه، لكن الدول كلها أصبحت لديها دلائل دامغة على تعاونه مع داعش، وعن أسلوبه في مساعدة الجماعات المتطرفة، وهي تعلم أيضاً أنه هو السبب في نشوء الحركات والتطرف لدى السوريين بسبب سياساته وقمعه، وأنه لا مجال للتخلص من المشكلات في سورية بوجوده، ولذلك لن تكون له هناك فرصة لعودته كما كان على الرغم من الدعم الروسي لمساعيه".


وأوضح العمادي أنّ "الغرب سيرحب بما يفعله بمساعدة الروس، وخاصة في تدمر، ولكن ذلك لن يغير من موقفهم من الأسد، حتى لو قبلوا انتظار رحيله بعض الوقت، لكنهم سيصرون على رحيله لأنهم لن يقبلوا بالبقاء تحت رحمة تهديداته وألاعيبه التي سئموا منها وأنهكتهم تبعاتها سواء في العراق من حيث إرساله للإرهابيين أو في جرائم الحرب في سورية، والتي أدت لطوفان المهاجرين إلى أوروبا".

وعلق السفير المنشق على رسالة الأسد لبان، بالقول "إن هذه الخطوة لا تأثير لها، ودليل ذلك رفض المتحدث باسم الخارجية الأميركية التعاون مع نظام بشار بالرغم من ترحيبه بإخراج (داعش) من تدمر".

فريق روسي ثانٍ لتفكيك الألغام في تدمر

وعلى صعيد الدعم الروسي، وصل إلى سورية، اليوم، فريق ثانٍ من الخبراء الروس لتفكيك الألغام "في إطار دعم جهود نظرائهم السوريين لتفكيك الألغام التي زرعها إرهابيو داعش في تدمر"، وفق وكالة "سانا".

وذكر موقع قناة "روسيا اليوم" الإلكتروني أنّ "الفريق الأول المكوّن من خبراء المركز الخارجي لمكافحة الألغام التابع لوزارة الدفاع الروسية، توجّه أمس إلى سورية من مطار تشكالوفسكي في ضواحي موسكو على متن طائرة شحن عسكرية تحمل كذلك روبوتات خصوصاً، ومعدات لإزالة الألغام والعبوات الناسفة".