بعد ما تردّد عن إقفال جريدة "السفير" اللبنانية، بدأت منذ شهرين بعض الصحف والمواقع الإلكترونية بنشر الأخبار التي تتعلق بإقفال جريدة "النهار" اللبنانية التي يعمل فيها حوالي 250 موظفاً، وذلك بعد الأزمة المالية الضخمة التي وصلت إلى أروقتها. إذ لا يتقاضى الموظفون رواتبهم منذ حوالي سنة ونصف السنة، فيما تتم مقايضة الرواتب المتأخرة بورقة استقالة يقدمها الموظف للإدارة. إلا أن خبر الإقفال نفته رئيسة التحرير ورئيسة مجلس الإدارة نايلة تويني، لكنها لم تنف أزمة الرواتب والموظفين.
وتزامناً مع العجز المالي، بدأت النهار بتقليص نفقاتها تدريجياً، بدءًا من تخفيف عدد المستكتبين وصولاً إلى تقليص عدد الصفحات الورقية التي تصدر يومياً من 24 إلى 12 صفحة.
ولم تكتف "النهار" بذلك، إذ بدأت الإدارة منذ أيام بإبلاغ بعض الموظفين بشكل مباشر وغير مباشر بالاستغناء عن خدماتهم أو تحويل عقودهم الشهرية إلى يومية أو على المقال.
هذا الأمر أثار جدلاً في أروقة الصحيفة، خاصة أن الموظفين الذين يعانون بغالبيتهم من أزمة البقاء من دون راتب، لا يريدون أن تتكرر معهم تجربة صحيفة "المستقبل"، وهو الصرف من دون دفع التعويضات الفورية أو الواضحة، وبدأوا بالتساؤل عن كيفية دفع التعويضات الضخمة في ظل الأزمة، فأغلبية الذين أبلغتهم الإدارة كإيميل خوري، وإلياس الديري وغيرهما يعملون في الصحيفة منذ أكثر من خمسين عاماً وتعويضاتهم المالية كبيرة جداً، فيما تم الاتفاق مع لور غريب ومي منسى على تقديم استقالتهما ودفع التعويضات لاحقاً.
وعن سبب الأزمة المالية أكد مصدر مطلع في النهار لـ"العربي الجديد": أن "جزءا كبيرا من الأزمة مرتبطة بأزمة الرئيس سعد الحريري المالية إذ يملك نحو 38 في المائة من الصحيفة، إلى جانب مالكين آخرين يعتبرون أن النهار استثمار خاسر فلا يدفعون".
وأكد مصدر آخر في "النهار" أن "الإدارة بدأت بإجراءات تقليص عدد العمال وإعادة الهيكلية قبل أن تأتي السيولة المالية كي لا يطالب الموظفون بتعويضات كبيرة، لتبقي على 40 موظفاً فقط، يعملون ضمن دوام 7 ساعات مقسمة بين الموقع والصحيفة الورقية، وتخيير من لا يستطيع الالتزام بدوام سبع ساعات أن يعمل مستكتباً من دون أن يحددوا شروط العمل على المقال أو البدلات".
وتعتبر هذه المصادر أن "ما تقوم به الإدارة هو محاولة للهرب من إعلان صرف الموظفين تعسفياً، وهم يدفعون من لا يستطيع الالتزام بدوام سبع ساعات (إما بسبب طبيعة العمل الصحافي، أو بسبب عملهم في مؤسسات أخرى نتيجة عدم دفع الرواتب) سيضطر لمغادرة المؤسسة من دون تعويض. فمعظم الموظفين الذين تم عرض الدوام الجديد عليهم رفضوه وطلبوا مهلة لمراجعة محاميهم، كما طالبوا بتحديد كامل لتفاصيل الدوام وتفاصيل العمل على القطعة".
وأشارت بعض المصادر إلى أن أزمة النهار والمستقبل لن تدوم وقتاً طويلاً، وستدفع الرواتب في أقرب وقت ممكن، في ظل الانفراجات المالية لشركات الرئيس سعد الحريري في السعودية كـ "سعودي أوجيه" وغيرها. خاصة أن المملكة باشرت بجدولة المستحقات لشركاته ووعدت بأن تنتهي الأزمة قبل نهاية العام.
واللافت كان ما كتبه الصحافي الذي قضى سنوات طويلة في "النهار" قبل صرفه منها أيضاً وانتقاله إلى "السفير"، إدمون صعب. إذ كتب على صفحته على "فيسبوك": "حصل المتوقّع، بل المقدّر، إذ بعد حجب الرواتب عن الصحافيين والعاملين في "النهار" قرابة سنة، تحت ضغط الأزمة السياسية وتراجع المبيعات والعائدات الإعلانية ، باشرت الإدارة توجيه إنذارات بالصرف بادئة بـ"الأعمدة" الذين شاركوا في نهضة الجريدة وتقدمها.
وتتحدث أنباء عن أن العملية ستشمل أكثر من خمسين بين محرر وموظف، وبأن ثمة من يقدر العدد بين 70 و100، إذ إنه بعد تقليص عدد الصفحات إلى 12 لم تعد هناك حاجة لنحو 150 شخصاً، وأن ثلثهم يكفي.
Facebook Post |