الأزمة الكورية : مخاوف على امدادات النفط والحبوب في آسيا

07 سبتمبر 2017
متعاملون في سوق نيويورك (Getty)
+ الخط -
على الرغم من استبعاد المستثمرين لاحتمال نشوب حرب بسبب التوتر العسكري بين كوريا الشمالية وواشنطن وحلفائها، فإن المخاوف لا تزال قائمة، بدليل انخفاض المؤشرات الرئيسية لأسواق المال العالمية في كل من آسيا وأوروبا، في التعاملات التي جرت أمس الأربعاء، وذلك حسب ما ذكرت وكالة رويترز. 
وبالتالي يرى خبراء أن سيناريو نشوب الحرب لم يختف تماماً، ما دامت أسباب التوتر العسكري قائمة، إذ لم تتمكن الدبلوماسية والضغوط من التأثير على كوريا الشمالية. ويذكر أن دبلوماسياً كورياً قد هدد واشنطن بقوله إن بلاده مستعدة لتقديم "طرود من الهدايا"، إذا واصلت واشنطن الضغط عليها، وذلك في إشارة إلى اطلاق صواريخ نووية. وفي المقابل، فإن تغريدات الرئيس دونالد ترامب تزيد من التوتر، حيث قال في آخر تغريداته، يوم الثلاثاء، إنه سيسمح لليابان وكوريا الجنوبية بشراء أسلحة ومعدات عسكرية أميركية.
من هذا المنطلق، يرى خبراء أنه في حال نشوب حرب فإن أسعار النفط والحبوب والحديد ستكون أكبر المتأثرين، وربما ترتفع أسعار هذه السلع بمعدلات كبيرة. وعلى الرغم من تحوط المستثمرين في أسواق المال بشراء الذهب والين منذ بداية الأسبوع الجاري، حسب ما ذكرت رويترز أمس، فإن التعاملات في أسواق المال لم تظهر حالاً من الذعر، وظل "مؤشر المخاطر" الذي يقيس نفسيات المستثمرين منخفضاً إلى حد ما، ولا يزال تركيزهم منصباً على تداعيات كارثة إعصار هارفي واحتمال ضرب إعصار "إرما" لشواطئ فلوريدا، إضافة إلى السياسات النقدية وتداعياتها على سوق الصرف العالمي.
ولكن ماذا لو وقعت الحرب، كيف ستكون التداعيات المحتملة لهذا السيناريو على أسواق المال، وخصوصاً على السلع الأولية وحركة السفن والشحن والتجارة العالمية في آسيا التي باتت تمثل الثقل الاقتصادي في العالم.
في حال نشوب حرب، يتوقع خبراء أن يحدث اضطراب مؤقت في خطوط سير السفن التجارية وموانئ الاستقبال تبعاً للدوائر التي تشملها الحرب في موانئ الدول القريبة من كوريا الشمالية. ويتوقع الخبير في مخاطر النقل البحري غاري تشين، لمجلة فورتشن الأميركية، أن ترتفع أسعار الشحن البحري إلى آسيا بنسب تراوح بين 20 إلى 30%، مشيراً إلى أن السفن التجارية ستضطر إلى تغيير بعض الموانئ في كل من اليابان والصين وكوريا الجنوبية، وهو ما سيترجم إلى طول مدة وصول هذه السفن إلى هذه الدول. كما يشير كذلك إلى ارتفاع كلف التأمين.
ويذكر أن الدول الآسيوية الثلاث التي ستتأثر بنشوب الحرب، وهي كوريا الجنوبية واليابان والصين، تعد من أكبر مستوردي السلع الأولية والحبوب والمواد الخام والطاقة في آسيا. ويشير تقرير لمصرف "سيتي غروب"، في شهر أغسطس/ آب الماضي، إلى أن هذه الدول تستورد حوالى 84% من تجارة الحديد المنقولة عبر البحار. وحسب تقرير وزارة الزراعة الأميركية، تعد الصين أكبر مستورد لفول الصويا في العالم، حيث استوردت حوالى 64% من فول الصويا المباع خلال العام المالي 2016 ـ 2017. كما أن الصين من أكبر مستوردي الأرز في العالم وتستورد حوالى 13% من تجارة الأرز العالمية. وفي المقابل، فإن اليابان أكبر مشتر للذرة الشامية في العالم.
ويشير تقرير وزارة الزراعة الأميركية إلى أن هذه الدول الثلاث التي من المتوقع أن تتأثر تجارتها وحركة السفن منها وإليها بشكل مباشر بنشوب الحرب، تستورد حوالى 20% من تجارة الحبوب العالمية. وبالتالي فإن احتمال نشوب حرب سيكون له تأثير مباشر على أسعار الحبوب في آسيا، حيث إنها سترتفع بسبب احتمال عدم وصول بعض الشحنات أو غرق بعضها، ما سيترجم في ارتفاع أسعارها.
على صعيد الطاقة، حذرت شركة "وود ماكينزي"، في تقرير لها الأسبوع الماضي، من تعطل ثلث حركة تجارة النفط الخام العالمية، في حال نشوب الحرب، وسط تزايد التوتر بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة وحلفائها. وقالت شركة الأبحاث والاستشارات، إن مثل هذا الصراع سيشل الطاقة الإنتاجية والتكريرية في شمال آسيا، مشيرة إلى تركز 65% من القدرة التكريرية لآسيا في الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وبالتالي فإن آثار الحرب المفتوحة ربما تكون طويلة الأمد.
من جانبه، يرى موقع "أويل برايس" الأميركي، أن مثل هذه الحرب ستقود تلقائياً إلى ارتفاع أسعار النفط بمعدلات كبيرة، لأنها ستؤثر على خطوط إمدادات الطاقة في أهم أسواق استيراد النفط عالمياً. ولكن الموقع المتخصص في الطاقة لم يذكر النسبة المتوقعة للارتفاع في أسعار النفط. ولكن في مقابل توقعات "وود ماكينزي" المتشائمة، فإن خبراء آسيويين قالوا لمجلة فورتشن الأميركية إن فترة الاضطرابات في إمدادات النفط بالصين لن تكون طويلة ومؤثرة، لأن الصين ستحول مسار السفن النفطية من الموانئ القريبة لكوريا الشمالية إلى الموانئ البعيدة الآمنة.
وظل التعامل في أسواق السلع هادئاً، أمس، وحسب رويترز، استقرت أسعار الذهب دون تغير يذكر في لندن بدعم من التوترات الجيوسياسية بشأن كوريا الشمالية، حيث تم التعامل فيه عند 1338.10 دولاراً للأوقية (الأونصة) في جلسة الظهيرة. كما هبطت مؤشرات الأسهم في كل من الصين وكوريا الجنوبية ولندن.
المساهمون