الأزمة السياسية تصيب أسواق الضفة الغربية بالركود

22 مارس 2014
حالة الركود بدأت منذ مطلع العام الماضي
+ الخط -

تختصر مشاهد المحال التجارية الخاوية من الزبائن تقريبا في أسواق الضفة الغربية، والأيدي الفارغة من الأكياس لدى نسبة كبيرة من المارين في شوارعها، الحالة الاقتصادية للأسواق المحلية المصابة بالركود.

وبدأت تتزايد هذه الحالة سوءا، بسبب جمود المفاوضات، وحال الشك وعدم اليقين في المسار السياسي بين الجانبين الفلسطيني والكيان الصهيوني، ما يعني مزيداً من شد الأحزمة في المصروفات لدى المواطن العادي.

وبحسب اقتصاديين، فإن حالة الركود بدأت منذ مطلع العام الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار غالبية السلع الأساسية، والمرافق والاقتصاد المتراجع.

وأدى وصول المفاوضات إلى طريقها المسدود في الوقت الحالي، وفقاً لأستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية، نافز أبو بكر، إلى خلق مجموعة من الضغوطات التي شعر بها الموطن العادي، ما دفعه لإعادة النظر في مصروفاته الشهرية.

وأضاف لـ "العربي الجديد"، إن المفاوضات الآيلة إلى التعثر بعد نحو شهر، ستقود الاقتصاد الفلسطيني من مرحلة التباطؤ إلى مرحلة الانكماش، وبعدها سنحتاج سنوات أخرى، لإعادة أرقام النمو إلى ما كانت عليه خلال الأعوام 2011 - 2013، والتي تتراوح بين 3.5٪ إلى 2٪.

وأوضح إن الظروف الحالية التي تعيشها المفاوضات السياسية، والإجراءات التي تمارسها إسرائيل على الأرض لجر الفلسطينيين نحو العنف، تمثل وصفة لهروب المستثمرين ورؤوس الأموال، وستدفع المصانع إلى تقليل الإنتاج، لأنها على علم مسبق بأن التجارب تشير إلى تراجع الاستهلاك.

وعلى الأرض، أكد تجار جملة في السوق المحلية، لـ "العربي الجديد" أن الأوضاع صعبة في الأسواق، وقدروا نسبة التراجع في حجم المبيعات بأكثر من 35٪ عما كانت عليه خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وقال عدد منهم، إن نسبة الخصومات والتنزيلات التي تملأ السوق، لم تحرك شهية المستهلكين، الذين يتمسكون بكل ما يملكونه. وأكدوا أن الحالة التي يعيشونها حالياً لم تحدث منذ العام 2006، عندما توقفت رواتب القطاع الحكومي لأكثر من عام، بسبب الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية، وحجز الكيان الصهيوني لأموال المقاصة.

وكان صندوق النقد الدولي، أشار في دراسة له نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي، إلى أن نسبة النمو في العام الماضي لم تتجاوز حاجز 2٪، بينما قدّر محافظ سلطة النقد الفلسطينية (المؤسسة القائمة بأعمال البنك المركزي) د. جهاد الوزير، نسبة النمو بنحو 1.5٪.

وقال الوزير في تصريحات صحافية الأربعاء الماضي إن الوضع السياسي أثر على التوجهات الاقتصادية، ونتوقع أن يكون الوضع الاقتصادي في الأسواق الفلسطينية أكثر صعوبة في حال عدم وجود أفق سياسي، وعلى ما يبدو الأفق السياسي يزداد صعوبة.

وشهد مطلع أغسطس/آب الماضي، انطلاق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي رافقها انفراج متوقع في الاقتصاد المحلي، عقب إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري حينها، عن وضع خطة اقتصادية للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني.

وجاء في تفاصيل الخطة، ضخ أربعة مليارات دولار في السوق المحلية، تؤدي إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني بنسبة 50٪، خلال السنوات الثلاث القادمة، إضافة إلى خفض معدلات البطالة إلى مستويات متدنية لا تتجاوز 8٪، وارتفاع متوسط الأجور والرواتب بنسبة 40٪.

وقال الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم: إن الانفراج الاقتصادي "الذهني" لدى المفاوضين ورؤوس الأموال الفلسطينية، الذي أوجدته خطة كيري، سرعان ما تبدد عندما بدأت تلوح تعثرات في أفق مباحثات السلام".

وأوضح إن نبرة التفاؤل الاقتصادي تغيرت بعد شهور من انطلاق المفاوضات، "عندما شعر المواطن والسياسي والاقتصادي، بأن القادم أبعد من الاستقرار، وأقرب إلى الدموية والمواجهة المباشرة مع إسرائيل.

وأضاف: "نتيجة لذلك، تولدت لدى الفلسطينيين من مستهلكين وتجار ومنتجين، احتمالات مالية وإنتاجية واستهلاكية، أدت إلى خفض نسبة الشراء إلا لما يلزم فقط، ما دفع التاجر إلى خفض كميات الشراء من المنتج".

وتوقع عبد الكريم، الذي يعمل محاضراً في جامعة بيرزيت، أن يتمنى الفلسطينيون أرقام النمو "المنخفضة" خلال الأعوام الماضية، لأنها ستكون حتماً أفضل من تلك التي ستظهر على السطح، لأن أرقام النمو التي ستظهر، ستكون سلبية، إذا تدهورت المفاوضات.

ويعاني الاقتصاد الفلسطيني من تراجع في معدلات النمو منذ العام 2010، حين بلغت آنذاك نحو 10٪، بينما بلغت في 2013 قرابة 2٪، فيما تواصل معدلات البطالة ارتفاعها، من 27٪ خلال العام قبل الماضي، إلى 28.6 في العام 2013، وفق أرقام الإحصاء الفلسطيني.

المساهمون