الأزمات الاقتصادية تعصف بطلبة غزة الجامعيين

22 مايو 2019
اشتداد الحصار وارتفاع نسب البطالة بشكل كبير (Getty)
+ الخط -


تخلى مئات الطلاب الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006 عن مقاعدهم الدراسية في الجامعات نظراً للحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها أسرهم العاجزة عن سداد رسوم التعليم الجامعي بفعل سيل الأزمات الحياتية.

وأضحى هؤلاء الطلبة عاجزين عن مواصلة دراستهم في الجامعات المختلفة في غزة تحت وطأة الأزمات التي تمر بها عوائلهم مع اشتداد الحصار وارتفاع نسب البطالة بشكلٍ كبير في صفوف نظرائهم الطلبة الذين تخرجوا خلال السنوات الماضية، إلى جانب الزيادة الكبيرة في معدل الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

ووفقاً لآخر التقديرات، فإن نحو 35 في المائة من الطلاب الغزيين الملتحقين بالجامعات والكليات المحلية قاموا بالتوقف عن الدراسة وتأجيل فصولهم الدراسية بسبب عدم مقدرتهم على سداد الرسوم الجامعية في ظل الواقع الاقتصادي المتهالك.

ويؤكد المتحدث باسم الحملة الوطنية للمطالبة بتخفيض الرسوم الجامعية، رامي محسن لـ"العربي الجديد"، أنّ الظروف الاقتصادية التي يمر بها أرباب الأسر في غزة باتت عقبة أمام الطلبة في إتمام دراستهم الجامعية خصوصاً مع اشتداد الحصار الإسرائيلي واستمرار الانقسام.

ويقول محسن إنّ 35 في المائة من طلبة القطاع قاموا بتأجيل دراستهم الجامعية أو توقفوا عن ذلك نتيجة عدم استطاعتهم تسديد الرسوم، في الوقت الذي يبلغ عدد الشهادات المحتجزة لطلبة خريجين لم يتمكنوا من سداد رسومهم الجامعية نحو 20 ألف شهادة.

ويوضح أن إجمالي عدد الطلبة الذين يتخرجون من الجامعات والكليات المحلية بغزة يتراوح ما بين 10 إلى 12 ألف طالب وطالبة غالبيتهم يبقون ضمن أفواج البطالة ولا يتمكنون من الحصول على فرص عمل في السوق المحلية.

والجامعات تتحمل، وفق محسن، جزءً مما يجري حالياً خصوصًا في نسب البطالة إذ أضحت التخصصات متشابهة بشكلٍ كبير ولا تتناسب مع احتياجات أسواق العمل المحلية أو الخارجية وهو ما ساهم في الإبقاء على آلاف الطلبة دون فرص عمل، إلى جانب العوامل السياسية والاقتصادية.

ووفقاً لمحسن فإن متوسط الساعة الدراسية الواحدة في الجامعات المحلية لا يقل عن 15 دينارًا أردنيًا وهو مبلغ لا يتوافق مع طبيعة الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها سكان القطاع في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة وتدني الأجور. (الدينار الأردني= 1.4 دولار أميركي).

ويشير المتحدث باسم الحملة الوطنية للمطالبة بتخفيض الرسوم الجامعية إلى أن هناك أكثر من 160 ألف شاب خريج من الجامعات والكليات المحلية في القطاع عاطل عن العمل في الوقت التي ترتفع النسبة فيه بشكل أكبر في صفوف الخريجات الإناث.

ويعتمد أكثر من 80 في المائة من سكان القطاع على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات الدولية العاملة فيه، في الوقت الذي لا يزيد متوسط دخل الفرد اليومي عن دولارين أميركيين، إلى جانب وصول نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى نحو 69 في المائة.

وشهد العام الماضي ارتفاعاً غير مسبوق في عدد المتعطلين عن العمل في قطاع غزة، حسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، حيث بلغ نحو 54.9 في المائة، وهي النسبة الأعلى عالمياً، ليتجاوز عدد العاطلين 280 ألف شخص، وتجاوزت نسبة البطالة 73 في المائة بين الشباب والخريجين في الفئة العمرية من 20 إلى 29 سنة، الحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس.

في الأثناء، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، أسامة نوفل، إن النظرة السائدة في العالم عن التعليم هي أنه استثمار إلا أنه في القطاع هو استهلاك إذ يتخرج الطالب الغزي بعد أن ينفق أموالاً طائلة دون أن يحصل على فرصة عمل وينضم لسوق البطالة.

ويوضح نوفل لـ"العربي الجديد" أن نسبة التراجع في حجم استقبال الجامعات للطلبة وصلت لنحو 40 في المائة في الوقت الذي تجاوزت هذه النسبة في جامعات أخرى واضطر بعضها لإغلاق تخصصات جامعية بسبب عدم توفر الطلبة نظراً للظروف المعيشية والاقتصادية.

ومتوسط ما ينفقه الطالب في التخصصات الإنسانية بين رسوم جامعية ونفقات يصل لنحو 10 آلاف دولار أميركي في الوقت الذي تصل بعض التخصصات العلمية كالطب في غزة لنحو 25 ألف دولار أميركي وهو أمر لا يتوافق مع الواقع المعيشي في القطاع، وفق نوفل.

ويبين أن ارتفاع نسبة المتعطلين عن العمل في صفوف الخريجين سنوياً يتزامن مع عدم وجود تعيينات في القطاع الحكومي العام منذ عام 2008 الذي استوعب آنذاك 30 ألف موظف فضلاً عن عدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب هذا الكم الكبير من الخريجين.

وتعتبر مشكلة عدم توافق مخرجات التعليم العالي مع سوق العمل إحدى الإشكاليات التي تواجه الخريجين والطلبة على حدٍ سواء خصوصاً أن هذه التخصصات أصبحت لا تتناسب مع ما هو مطلوب وهو ما يتطلب تغييراً كلياً في نظرة الجامعات والكليات لما هو مطروح، بحسب نوفل.

وينبه الباحث في الشأن الاقتصادي إلى أن إجمالي من يعملون من أعداد الخريجين سنوياً لا يتجاوز 5 في المائة فقط يتم استيعابهم في القطاع الخاص وفقاً للتخصصات المطلوبة فقط وهي نسبة تكاد تكون قليلة جداً مع أعداد الخريجين.

المساهمون