تكشف مصادر في التيار السلفي الجهادي الأردني، لـ "العربي الجديد" أنّ أجهزة أمنيّة أردنيّة، تستعين بقيادات سلفيّة موجودة في السجون، للتواصل مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بهدف فتح قناة اتصال معه، لمعرفة مطالبه للإفراج عن الطيار الأردني الملازم الأول معاذ الكساسبة، الذي وقع في قبضة التنظيم، يوم الأربعاء الماضي، إثر سقوط طائرته في منطقة الرقّة السوريّة، أثناء مشاركته في غارة ضد "داعش"، في إطار التحالف الدولي.
ويرجّح المصدر أن "تستعين الأجهزة الأمنيّة بمنظّر التيار السلفي، عاصم برقاوي، المعروف بـ "أبو محمد المقدسي"، والذي أعادت السلطات الأردنيّة اعتقاله نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على خلفيّة فتوى تنتقد التحالف الدولي. ويقول المصدر إنّ "المقدسي يختلف فقهياً مع الدولة الإسلامية وخلافتها، لكنّه يمتلك علاقات وقنوات تواصل جيدة مع قيادات فاعلة داخل التنظيم"، مشيراً إلى "إمكانيّة استثمار قناة الاتصال السلفيّة، للتأكّد من سلامة الطيار والتفاوض حول مطالب داعش".
ويشير المصدر إلى أنّه "بالإضافة إلى المقدسي، يوجد في السجون الأردنيّة القيادي السلفي عبد القادر شحادة، الملقّب بـ "أبو محمد الطحاوي"، والمعروف بتأييده لـ"داعش"، لافتاً إلى "علاقات مميزة يمتلكها مع قيادات التنظيم، ويمكن الاستفادة منها في القضيّة".
في غضون ذلك، بدأت الحكومة الأردنية، اعتباراً من مساء الخميس الماضي، الترويج لصفقة مرتقبة، من دون الكشف عن الثمن الذي ستدفعه عمّان لعودة طيارها. وأعلن رئيس الوزراء، عبد الله النسور، خلال زيارته ديوان أبناء الكرك، المدينة التي يتحدر منها الطيار، عن "مفاوضات دوليّة بدأت لإنقاذ الطيار".
وفي تبرير للثمن الذي قد يدفعه الأردن لقاء استعادة الطيار الكساسبة، أكد وزير الأوقاف الأردني هايل عبد الحفيظ داود، من على منبر خطبة صلاة الجمعة، على "قبول الرسول محمد بالفدية والمبادلة مرات كثيرة مقابل إطلاق أسرى الحرب".
وبعد ساعات على أسر تنظيم "داعش" للطيار الأردني، تصدّرت الواجهة مطالبات تدعو إلى مبادلته، بمحكومين بالإعدام، يقبعون في السجون الأردنية، من المحسوبين على تنظيم "داعش"، وتحديداً ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي، وهما الشخصان اللذان أعلن القيادي السلفي الأردني محمد الشلبي، الملقب بـ "أبو سياف" أنّه "ترامى إلى مسامعنا أن الدولة الإسلاميّة ستستبدل الطيار بالأسيرة ساجدة الريشاوي والأسير زياد الكربولي".
وفي حين أنّ الريشاوي محكومة بالإعدام لدورها في تفجيرات فنادق عمّان عام 2005، التي أعلن تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين"، الأب الشرعي لـ"داعش"، مسؤوليته عنها، فإن الكربولي محكوم أيضاً بالإعدام، لمشاركته في قتل سائق أردني.
وحازت قضيّة أسر الطيار الأردني، والإجماع على المطالبة بتأمين عودته حياً، تأييداً أردنياً، حتى من قبل معارضي المشاركة الأردنية في التحالف الدولي. وشكّلت قضيته الشغل الشاغل للأردنيين، في أحاديثهم ومشاركاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي طالب غالبية المتفاعلين على وسم (هاشتاغ) #كلنا_معاذ و#خليك_نسر، بمبادلته مع الريشاوي والكربولي، ودفع أي فدية تضمن عودته سالماً. وحمّل العديد من المتفاعلين على وسم #ليست_حربنا الحكومة الأردنيّة، المسؤوليّة الكاملة عن سلامة الطيّار.