وكانت الهيئة العليا للانتخابات التي حدّدت تقويماً للانتخابات البرلمانية والرئاسية، المقرر إجراؤها في 24 يونيو/ حزيران، قد استقبلت طلبات الترشّح للرئاسة، التي حصرت بستة مرشحين، فيما ينتظر أن تسلّم الأحزاب السياسية قوائم مرشحيها للانتخابات البرلمانية اليوم الاثنين، لاختيار 600 مرشح هم أعضاء البرلمان الجديد، الذي رفع بعد التعديل الدستوري الأخير من 550 مرشحاً.
وبحسب ما تكشف الكواليس، ينوي حزب "العدالة والتنمية" الكشف عن أسماء مرشحيه بعد تسليم قائمة المرشحين إلى الهيئة العليا للانتخابات، واستكمال اتمام الإجراءات القانونية المتعلقة بتسجيل المرشحين. ويترأّس المجموعة التي تختار الأسماء رئيس الحزب، رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان، بالإضافة إلى دائرة ضيقة من مؤسسي الحزب. وبحسب ما رشح من معلومات، فإنّ هناك تغييراً كبيراً سيشهده الحزب في أسماء المرشحين، إذ سيتم استبدال عدد كبير منهم، فيما سيتمّ الاحتفاظ بأبرز الأسماء المعروفة التي ستوضع على رأس القوائم في الولايات التركية، في مسعى لبعث رسائل قوية إلى الناخبين لطمأنتهم.
وكان حليف حزب "العدالة والتنمية"، حزب "الحركة القومية"، قد سلّم قوائمه قبل أيام وكشف عنها. وتميزت هذه القوائم بخروج أسماء بارزة لم ترشّح نفسها عن الحزب، من بينها الأمين العام السابق لـ"منظمة التعاون الإسلامي"، أكمل الدين إحسان أوغلو. كذلك خلت القوائم من اسم محمد بارساك، المعروف بأنه قاد التعاون مع "العدالة والتنمية" في فترة التعديلات الدستورية.
ومن المعلوم أن هذا الحزب تعرّض لانشقاق في بنيته، عبر ميرال أكشنار التي أسست حزباً جديداً تحت اسم الحزب "الجيد"، وانتقل معها بعض من الأعضاء، ليترك ذلك تأثيراً كبيراً على الحزب. ويفترض أن يظهر التأثير بشكل أكبر في الانتخابات، إذ سيكشف حجم الأصوات التي سيأخذها الحزب الجديد حجم التأثير على حزب "الحركة القومية"، رابع أكبر الأحزاب في البرلمان.
في موازاة ذلك، استكمل حزب "الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة، اختيار لوائحه، ومن المفترض أن يقدمها اليوم أيضاً إلى الهيئة العليا للانتخابات، إذ اجتمع رئيس الحزب، كمال كيلجدار أوغلو، مع مسؤولي الحزب أمس الأحد، قبل يوم واحد من انتهاء مهلة تسليم القوائم، وتمّ التوافق على القائمة النهائية، بعد أن تجاوز عدد المتقدمين للترشح أكثر من ألفي طلب، بدون رشوح أسماء معينة.
وقدّم الحزب مرشّحه للانتخابات الرئاسية، محرم إنجه، على الرغم من أن حليفه الحزب الجديد "الجيد" قدّم مرشحاً آخر، إلا أنّهما في هذه المرحلة يشكلان تحالفاً في مسعى لإطاحة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم. ومن المعروف أنّ "الشعب الجمهوري" لجأ إلى حيلة دستورية، عبر انتقال 15 من نوابه إلى الحزب الجديد، ليكتسب الأخير قانونية للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، قبيل أن يستعيدهم لاحقاً.
وكي يخوض أي حزب الانتخابات، يتوجّب عليه أن يشكّل كتلة برلمانية محددة بعشرين نائباً أو أن يكون قد مرت 6 أشهر على تأسيسه، وهو ما لم يكن يستوفيه الحزب الجديد، فتصدى "الشعب الجمهوري" لسد هذه الثغرة.
ويبدو أن الحزب الجديد، "الجيد"، يسعى إلى مفاجأة كبيرة في الانتخابات، إذ يعمل على تشكيل لائحة تضم أعضاء من مختلف الألوان والمشارب. ومن المهم معرفة أن هذا الحزب الذي اتخذ من شعار قبيلة "قاي" التركية القديمة شعاراً، يتلقّى دعماً دولياً، ويتم التعويل عليه لإطاحة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، بالتعاون مع "الشعب الجمهوري".
ومن بين الأسماء التي ينتظر أن يعلن الحزب الجديد عن ترشيحها للبرلمان، إيلين جسور وهي الطبيبة الخاصة بالرئيس التركي السابق سليمان دميريل، وشنغول هابلميت أوغلو وهي زوجة نجيب هابلميت أوغلو، الذي يعدّ من بين الأوائل الذين حذروا من خطر جماعة فتح الله غولن، وقتل لاحقاً، والسفير السابق غوندوز أكتان، وعضو البرلمان السابق عن حزب "الحركة القومية"، أويغار صبحي أكتان، وأعضاء من أحزاب أخرى.
ومن المفترض أن يكون الحزب الجديد قد حدّد لوائحه وأسماء المرشحين القادرين على تحقيق أعلى الأصوات في المناطق والولايات، من أجل اعتمادها، قبيل عرضها على الهيئة العليا للانتخابات.
كذلك، سيسلّم حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي لوائحه اليوم، على أن يبدأ حملته الانتخابية بعد يوم واحد. ومن المعلوم أن معظم قيادات هذا الحزب في السجون بتهم تتعلق بـ"الإرهاب"، وعلى رأسهم صلاح الدين ديميرتاش الذي رشحه الحزب للانتخابات الرئاسية.
ويتوقّع أن تستولي هذه الأحزاب الخمسة، وهي أكبر الأحزاب في البلاد، على مقاعد البرلمان، في وقت لا تمتلك الأحزاب الأخرى التي تنافس في الانتخابات أي عضو في البرلمان حالياً.
إلى ذلك، كشف المتحدث باسم حزب "العدالة والتنمية"، ماهر أونال، في لقاء تلفزيوني، عن آخر أرقام استطلاعات الرأي، التي قال إنها أظهرت تفوّق أردوغان في الانتخابات الرئاسية على منافسيه، فضلاً عن محافظة حزب "العدالة والتنمية" على عدد أصواته في الانتخابات البرلمانية.
وقال أونال إنّ استطلاعات الرأي أظهرت أن أردوغان سيحصل على أصوات الناخبين بنسب تراوح ما بين 54 و56 في المائة، فيما أصوات حزب "العدالة والتنمية" ستحافظ على موقعها كما في انتخابات البرلمان السابقة، موضحاً أن النسبة ستراوح ما بين 46 و48 في المائة، من دون أن يأتي على ذكر نسب الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها خصومهم من الأحزاب الأخرى، ومرشحيهم الرئاسيين.
وبناء على الوضع الحالي، ينتظر أن تشهد الحملات الانتخابية زخماً أكبر، اعتباراً من الأسبوع الحالي، إذ ستكون ذروتها خلال شهر رمضان الحالي، قبل دخول البلاد في مرحلة الصمت الانتخابي، قبيل 24 يونيو/ حزيران المقبل.