وول ستريت يقترب من مستوياته القياسية قبل جائحة كورونا
03 اغسطس 2020
+ الخط -

غيّرت جائحة فيروس كورونا التي ضربت العالم على مدار الأشهر الماضية والقلق من دخول موجة ثانية من الوباء من توجهات المستثمرين العالميين، الذين بدت تحركاتهم أشبه بالانقلاب، وفق وصف مؤسسات مالية، حيث ابتعدوا عن الأسهم التقليدية خوفا من تداعيات الوباء على هذه النوعية من الأسهم، بينما فضّلوا الاحتفاظ بالسيولة بعيداً عن المخاطرة.

وقلصت صناديق الاستثمار العالمية الكبرى استثماراتها في الأسهم وأبقت على مستويات الأموال الموضوعة في السندات، كما رفع الأثرياء استثماراتهم في المنتجات المستدامة التي لا تضر بالبيئة والمجتمع وتفيد النمو الاقتصادي طوال دورة الإنتاج والاستخدام. وتعرف هذه المنتجات اختصاراً في أسواق المال بـ "أي أس جي".

وأشار تقرير حديث لشركة كابجيميني للثروة إلى أن أصحاب الثروات غيّروا من نمط استثمارهم خلال العام الجاري من الأسهم التقليدية، إذ قال 27% من الأثرياء الذين تفوق ثروتهم مليون دولار في مسح للشركة إنهم يرغبون بالاستثمار في المنتجات المستدامة المسجلة شركاتها للتداول في أسواق المال، بينما قال 40% من كبار الأثرياء الذين تفوق ثرواتهم 30 مليون دولار إنهم سيرفعون استثماراتهم في هذه المنتجات المستدامة. 

ويأتي هذا الانقلاب الاستثماري في وقت واصلت فيه أسواق المال الأميركية الارتفاع للشهر الرابع على التوالي، واقترب فيه مؤشر "ستاندرد آند بوورز 500"، الذي يقيس أداء سوق "وول ستريت"، من المستويات القياسية التي بلغها في شهر فبراير/ شباط الماضي.

ويقل مؤشر "ستاندرد آند بوورز 500" في نهاية يوليو/ تموز بنسبة 4% فقط عن الارتفاع القياسي، الذي بلغه قبيل تفشي جائحة كوفيد 19 في أميركا، وفق بيانات وول ستريت للشهر الماضي. 

ويرى محللون في صناعة الاستثمار أن كبار المستثمرين والصناديق الاستثمارية بدأت تشعر بأن ما يمكن حصاده من أرباح في أسواق المال قد حققته خلال الشهور الماضية وأن ما تبقى من العام تشوبه العديد من المخاطر مقارنة بسوق السندات الذي يدعمه معدل التضخم المنخفض في أميركا وأوروبا. 

وفي ذات الشأن، قال مصرف "آي أن جي" الهولندي في تحليل نشره على موقعه الإلكتروني، يوم الجمعة، إن الصناديق بدأت ترفع استثماراتها في السندات كما رفعت كذلك تدفقاتها على الأسواق الناشئة مقارنة بالشهور الماضية، ولكن هذا التدفق الاستثماري في الأسواق الناشئة يحدث بنسبة أبطأ مقارنة بهروب الثروات من العملات المحلية بهذه الأسواق إلى العملات الصعبة. ولا تزال معظم عملات الأسواق الناشئة تعاني من الضعف، خاصة في جنوب أفريقيا والبرازيل وتركيا. 

وعلى صعيد منطقة اليورو، يقول مصرف "آي أن جي" في تحليله إن الاستثمارات طويلة الأجل ارتفعت، ولكن على الرغم من عودة الجاذبية الاستثمارية للمنطقة بعد إجازة حزمة التمويل الأخيرة البالغة تريليوني دولار، إلا أن العائد على السندات لا يزال تحت الصفر. وما يفيد تدفق الاستثمارات طويلة الأجل على أوروبا حالياً تراجع سعر صرف الدولار وارتفاع معدلات الإصابة والوفيات في الولايات المتحدة الذي يهدد حدوث انتعاش سريع كما كان متوقعاً في السابق.

وفي ذات الصدد، قال مسح أجرته رويترز بين مديري صناديق الاستثمار إنّ صناديق الاستثمار خفضت استثماراتها في الأسهم خلال شهر يوليو/ تموز إلى أقل مستوياتها في أربع سنوات، ولكنّها حافظت على معدل استثماراتها في السندات دون تغيير خلال نفس الشهر. 

وأشار المسح الذي شمل 35 مديراً من مديري الثروة في أوروبا وأميركا وبريطانيا واليابان إلى أن الأموال التي ضخت في الأسهم أقل من تلك التي تدفقت على السندات في يوليو/ تموز. وهذا يعد نقطة انقلاب في مسار الاستثمار العالمي، إذ كانت الصناديق تستثمر 60% أو أكثر في الأسهم خلال الشهور الماضية و30% أو أقل في السندات.

ويرى محللون أن الخوف من موجة ثانية من جائحة كوفيد 19 جعل من الصعوبة على المستثمرين التنبؤ بتوقيت الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة التي تعد من أهم أسواق العالم، مشيرين إلى أن العديد من كبار المستثمرين يعتقدون أن انتعاش سوق "وول ستريت" الذي يقود عادة أسواق المال الكبرى قد شارف على نهاية الارتفاع وأن ما حققوه من أرباح في الأسهم خلال الأشهر الماضية ربما لن يتكرر خلال العام الجاري، كما يتحسب المستثمرون كذلك لنتائج الانتخابات الرئاسية التي تجرى في أميركا في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني. 

من جانبها، ترى مجموعة "يو.بي.إس" المصرفية السويسرية أن الأثرياء يحتفظون بالسيولة في الوقت الراهن. وقالت في مسح إن أكثر من نصف المستطلعة آراؤهم يشعرون بالخوف من عدم امتلاكهم السيولة النقدية الكافية في حال تزايد تفشي الجائحة الثانية من وباء كورونا. وبالتالي يحتفظ المستثمرون بالسيولة بعيداً عن المخاطرة بها في أسواق المال. 

وبحسب المسح يعتقد 75% من الأثرياء حول العالم الذين استطلع آراءهم أنه في أعقاب وباء "كوفيد-19" الحياة لن تكون نفسها مرة أخرى أبداً. وطبقاً للمسح، الذي تطرق لآراء أكثر من 3750 مستثمراً في حوالي 15 سوقاً عالمياً، يخطط المستثمرون لتغيير أسلوب استثماراتهم في المستقبل.

وأشار نحو 67% من المستثمرين في المسح إلى أن الوباء قد أثر على طريقة التفكير بشأن أموالهم، إذ يقلق 56% من عدم وجود مدخرات كافية إذا تزايدت الإصابات من الموجة الثانية، ويشعر 60% بالقلق حيال الأعباء المالية المترتبة في المستقبل.

المساهمون