الأتراك والعرب والأوروبيون

01 فبراير 2015
مظاهرة ضد حر;ة بيغيدا في ألمانيا(Getty)
+ الخط -
ثمة سؤال لا يفارق بال الشاب العربي محمود. يكرر سؤاله كلما تعرف على الأتراك أكثر: لماذا يحرص السياسيون في ألمانيا وغيرها على التقرب من الجاليات التركية؟
كان محمود مراهقاً في 2008 عندما قُتل مراهق تركي، على خلفية عنصرية في ضاحية من ضواحي كوبنهاجن، واشتعل حينها غضب الأتراك.
هم الجالية الأكبر عدداً منذ ستينيات القرن الماضي. ساروا حينها في مسيرة مشاعل صامتة، لم يقولوا الكثير، انتظروا إلى حين دفن المراهق.
اهتزت حكومة الدانمارك وراحت الشرطة تعمل ما في وسعها لتلقي القبض على جناة، تبين أيضاً أنهم مراهقون متأثرون بأفكار عنصرية يمينية متشددة على خلفية الرسوم المسيئة قبل عامين من تاريخه.
في برلين وقفت أنجيلا ميركل في فبراير 2012 تعتذر أمام 1200 مدعوّ من أهالي ضحايا 11 تركياً تم قتلهم خلال سنوات ماضية، وانكشف بالصدفة أنهم قُتلوا على يد منظمة نازية تسمي نفسها "الوطنيون الاشتراكيون". ميركل اعتذرت عن تصرفات الشرطة التي لم تأخذ بجدية التحقيق في مقتل هؤلاء.
وقبل الانتخابات الأخيرة في ألمانيا، كانت ميركل تتودد لجالية ونقابات تركية قوية نافذة داخل بلادها. لم تسمح كثيراً بأن تعم الإساءة للأتراك.
ما يسأل عنه الشاب العربي هو سؤال مشروع: لماذا ينظم الأتراك نفوذهم في مهاجرهم، ويشاركون بفعالية في الحياة السياسية، بينما العرب في الأغلب لا يفعلون؟
ليس الأتراك كما يظن البعض موحدين في مهاجرهم، بل هم مثل المجتمعات التي يقيمون فيها موزعون على أفكار وتوجهات مختلفة. لكن يجمعهم قاسم مشترك هو مصالحهم ومصالح أجيالهم.
حتى بين العرب، ذلك الاختلاف الفكري في المهاجر الأوروبية صحي في سياق الحياة الديمقراطية والحريات التي بحثوا عنها بعيداً عن بلدانهم الأصلية، وخصوصاً أن أغلبهم حضروا كلاجئين وليس كمهاجرين، في ألمانيا واسكندنافيا مثلاً.
يجيب فوزي على سؤال محمود قائلاً: لا تنسى بأن الحكومة التركية تهتم بجالياتها حتى في الولايات المتحدة الأميركية، هؤلاء غير منقطعين عن أوضاعهم ولو تجنسوا.
للأسف في بعض السياسات العربية لا يهتم حتى لمقتل شباب ولا لإهانات تاريخية يتعرض لها عرب المهاجر، هذا عدا عن التفكك بالولاءات للأنظمة وتدخلاتها في شؤون المهاجرين كما لو أنهم لم يهاجروا.
بالمناسبة، محمود شاب ولد في الدنمارك من أم غير عربية، بينما فوزي لبناني ومن مواليد ألمانيا.
نقاش الشابين على بساطته يحمل الكثير مما يدور حقاً في صفوف مهاجرين عرب كثر.
نعم، لماذا فعلاً يُقتل شاب ويلقى به من على أحد جسور باريس دون اكتراث عربي؟ فلو كان الفعل من على جسر على نهر النيل ضد إنسان غربي، هل كان سيمر كما تكرر مع عرب كثر حول العالم؟
إن سؤال الشابين هو بالطبع سؤال عن قيمة العرب أمام أنفسهم أولاً، وعند غيرهم ثانياً...
يضع سياسات جامعة عربية لها مكاتب في أوروبا موضع سؤال لا يسمع منها/ عنها كثيراً... مثلما هو برسم حكومات منشغلة بموضة تصنيف "الإرهاب".
المساهمون